ما اعرض له في هذا المقال مجرد نموذج لمئات بل آلاف الإعلانات، التي تعلن من خلالها مؤسسات عامة وخاصة عن حاجتها لتعيين أشخاص، ويتقدم الآلاف، في حين الجهة في حاجة الى ١٠ او مائة او ٣٠٠ موظف على أقصى تقدير.
نلاحظ في الإعلان المرفق أنه يعلن عن قبول دفعة جديدة من خريجي الحقوق والشريعة والقانون والشرطة (وهم بالألاف) بعد شراء الحاج ملف ب٥٠٠ جنيه!!!
ودفع مبلغ اخر وهو ٣٠٠ جنيه مقابل امتحان تحريري، على ان يقوم المتقدم بعد ذلك بإدخال بياناته اليكترونيا على الموقع!! ودنك الشمال فين يا جحا؟!
الحقيقة، أسئلة كثيرة جدا جدا يثيرها هذا الإعلان "وما على شاكلته من الإعلانات"، وأضع تلك الأسئلة نصب عين صانع القرار في هذا البلد الذي نعشق ترابه:
١. ماهو الأساس القانوني لإلزام المتقدم بشراء ملف ورقي مثلا ب٥٠٠ جنيه!!! في حين ان قيمته الحقيقية لا تتعدى ٥ او ١٠ جنيه؟!
٢. ماهي أبواب صرف عائد بيع تلك الملفات والذي يقدر بالملايين، وهل تخضع أبواب صرف تلك الملايين لرقابة الجهات الرقابية؟! فَلَو افترضنا جدلا ان الخريجين من الحقوق والشريعة والقانون والشرطة تقدم منهم فقط ١٠ آلاف، فهذا يعني ان قيمة الملفات فقط ٥ مليون جنيه يضاف الي ذلك قيمة الامتحان لكل متقدم حوالي ٣ مليون جنيه!!! أين تلك المبالغ من عين الرقيب؟!
٣. وهذا سؤال مهم للغاية، اذا كان مطلوبا من المتقدم ان يدخل بياناته اليكترونيا (حسب الإعلان) فما هو مبرر تحميله بملف قيمته ٥٠٠ جنيه؟!
٤. هل الاستمرار في هذا الميراث البالي مواكبة لتوجهات الدولة نحو ما يسمى بالحكومة الاليكترونية والحوكمة والشفافية؟!
٥. الملحوظة المهمة هي ان هناك جهات تعلن وتطلب مقابل مالي لملف، وجهات عامة اخرى لا تفعل ذلك؟! ما هو أساس ومبرر التمييز وحكمته؟!
٦. وهذا سؤال أكثر أهمية، هل هذا المواطن المطحون حمل لكل تلك الأبواب الطفيلية التي أرهقته وسودت معيشته؟!
٧. ألم يكن منطقيا أن يكتفي الإعلان عند حملة تقدير جيد جدا وامتياز لتكون الأولوية لهؤلاء، ثم يفتح الباب بعد ذلك ويعلن "استثناء" لحملة تقدير جيد، وبالتالي تكون دعوة للتنافس الشريف واختيار الخيرة؟! الا تبنى الدول بسواعد وعقول الأكفاء؟!
أعلم علم اليقين ان البعض ممن يحلمون بتلك الوظيفة (وربما يكونوا هم الاحق بها) قد يقترض ٨٠٠ جنيه ليكون بين المتقدمين... أنا شخصيا بعد تخرجي عام ١٩٩٢ أضطررت لاقتراض ٥٠ جنيه لشراء ملف لا قيمة له؟!
أضع تلك الأسئلة نصب عين وقلب كل من كان له قلب او حب حقيقي لهذا البلد...لمصلحة من الاستمرار في ميراث قديم، فتح أبوابا لسلبيات يعرف بها الداني قبل القاصي ويعرفها كل مصري بالمناسبة، أبوابا حولت حياة المصريين الى جحيم لا يطاق.
وعليه، أتمنى - وعلى الفور- أن يصدر قرار قاطع من مجلس الوزراء يلزم كافة الجهات العامة والخاصة بالتوقف تماما عن هذا النهج، ومواكبة طموحات الدولة والمواطن، قرارات كهذه تسعد المواطن وتعطيه الامل في غد افضل.
كما ينبغي إلزام تلك الجهات بنظام يضمن الشفافية والتخفيف عن المواطنين، خاصة وان تلك الجهات لها مخصصات بالموازنة لكل شيء بما فيها مكافآت تقييم المتقدمين فما الحاجة لطلب مبالغ من المتقدمين؟!
وأعمالا لقواعد الحوكمة وخاصة الحوكمة المالية، إلزام كافة الجهات بضمان الشفافية التامة في معاملاتها وإعلانها على الموقع الاليكتروني للوزارة او الهيئة،
والا فسيكون الكلام عن الحكومة الاليكترونية والشمول المالي والحوكمة من باب ما يسميه العامة "فض مجالس" أو أحلام اليقظة...بأيدينا كل شيء...دمتم بألف خير.
0 comments:
إرسال تعليق