لا شك ان لكل شيء في الحياة رائحة تميزه وتتكفل حاسة الشم بالتقاطها وتمريرها الى المخ والذي بدوره بتفاعل معها. فالغلال الطازجة عندما تتعفن تنقلب تلك الرائحة الذكية الى رائحة ننفر منها ومن خلالها ندرك انها لم تعد صالحة للاستهلاك بل صارت مضرة بالصحة وقد يكون خطرها كبير. للروائح السن تتكلم. فالجسد ذي الرائحة الكريهة تدل على ان صاحبها قليل الاعتناء بنفسه ولا يروم الاغتسال. والفم ذي الرائحة الكريهة يعطي الكثير من الدلائل كوجود بكتيريا في الفم او التهاب في اللثة او مرض في الكبد والاسباب كثيرة. والطعام اللذيذ نعرف طيبه من رائحته ونعرف كذلك ما يحتويه من بهارات. نحن لا نعي ان حياتنا ترتكز على الحواس الخمس ولكن تظل حاسة الشم هي الأكثر أهمية وتأثيرا في حياتنا. وقد نقدر على العيش بدون حاسة النظر او السمع ولكن من الصعب جدا ان نستغني على حاسة الشم لان حياتنا تتعطل بدونها. وهل هنالك من لا حاسة شم له. هذا بالطبع نادر جدا. وقد استعملت حاسة الشم في العديد من الاعمال وخاصة عند كلاب البوليس. وبها يمكن ان تدرك الأشياء بطريقة عجيبة اكثر مما تقدر عليه العين. فالقليل القليل من المخدرات في قاع بئر قد تدركها حاسة الشم بينما تعجز عليها العين الثاقبة او الكاميرات.
الرائحة الكريهة تثير فينا الشعور بالغثيان بينما ننتشي عندما نشم رائحة عطرة. اذا فالروائح هي لسان الأشياء ولغتها والمعبرة عن حقيقتها وعن مفعولها في بعض الأحيان السلبي او الإيجابي كاستنشاق المخدرات وهنا نتأكد كذلك من أهمية حاسة الشم وتأثيرها الكبير على الجسد وقدرتها على العقل والروح والوجدان وقد كانت حاسة الشم الدواء الناجع بالنسبة لسيدنا إبراهيم عندما اشتم رائحة يوسف من قميصه وكان ان شفي وعاد اليه بصره. وقد يستطيع الانسان ان يلغي حاستي النظر والنطق ولكن يصاب بالشلل عندما يفقد حاسة الشم. اية حكمة الاهية في هاته
الحاسة. حاسة الشم تدرك الأشياء مهما اختفت او بعدت عن العين وهذا هو الفرق بينهما. حاسة الشم تعري الأشياء وتكشف عنها وتصفها وصفا دقيقا وهي كذلك معبرة عن الزمن وعن المادة. أتصور ان لو خلت الأشياء من روائحها لانقطعت كل أسباب الحياة كيف لا والروائح هي معيار الأشياء وعلاماتها.
وهكذا بالنسبة لأفعالنا التي لها روائح طيبة وأخرى كريهة. فرائحة افعالنا تفوح في كل الأماكن وتنتقل بين الناس عن طريق حاسة السمع والنطق كي يقال ان ذلك الشخص سوي او العكس. ولذلك فأننا نقول على سبيل المثال. اشم عليك رائحة الكذب. وهذا يؤكد قدرة حاسة الشم على كشف المستور. انها حكمة الله وقدرته على تسيير شؤون عباده.
وكل من كانت لأفعاله رائحة كريهة نفره الناس وابتعدوا عنه انها رائحة افعالنا ا تسري بين الناس ولا أحد يقدر على القضاء عليها. تمر سنوات او قرون وتظل روائح الاحداث محلقة في السماء لتصل الى انوفنا دون عناء لنقول حدث في ذاك الزمن ونتحدث فيما بيننا عما حدث كأنه وقع الساعة. وللرسول محمد صلى الله عليه وسلم روائح عطرة أطلقها سلوكه الحسن واعماله الجليلة وذكره يعطر المجالس وينعشها.
ترى الى أي مدى نود ان تكون روائحنا عطرة تسري بين الناس وتنعكس على المجتمع وتلقي بظلالها عليه وتفييده. من منا لا يحب الروائح الذكية والعطرة. إذا لنكن كالزهور ولا شيء غير ذلك.
0 comments:
إرسال تعليق