حاولت ان اجمع افكاري وارتب كلماتي عسى ان اجد بداية تليق بالحدث الاليم وعندما يكتب التاريخ لابد من الوقوف امام رموز كان لها مكانة عظيمة في موازين الفكر والعقيدة وفي بلورة مسيرة جديدة خلدها ذلك العطاء الكبير في رفد العقيدة بالشجاعة وقوة الايمان - والكتابة عن الامام الحسين عليه السلام لا يسعها مثال او كتاب او موسوعة لانه كوكب من كواكب عترة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وفي العاشر من محرم عام 61 هجرية دون التاريخ اكبر ملحمة فدائية على الاطلاق سطر احرفها بالنور السبط الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم واحد سيدي شباب اهل الجنة فعلى رمال كربلاء في العراق واجه الامام الحسين عليه السلام والثلة المخلصة من اهل بيته واصحابه جيش طاغية الشام يزيد بن معاوية بن ابي سفيان واعلان ثورته الاصلاحية ضد النظام القائم داعيا الى العودة الى الدين ونبذ الحكم الفاسد فخرج من المدينة المنورة الى مكة المكرمة بحجة اداء فريضة الحج ولكنه ترك مكة بعد ان جاءته كتب اهل الكوفة بالمبايعة والولاء وعند دخوله الى العراق جاء نبأ استشهاد رسوله اليهم ابن عمه مسلم بن عقيل ونكوث اهل الكوفة وتواصل الامام الحسين عليه السلام بمسعاه لاصلاح الدين وواقع الامة المتدني بسبب سياسة الحكم الاموي
ظلت واقعة الطف على مدى التاريخ رمز للبطولة والفداء فجاءت على اثرها
عشرات الثورات واصبح الامام الحسين عليه السلام مثلا للاحرار في العالم فهذه مقولة
غاندي الشهيرة ( تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوما فانتصر )
ان حياة الحسين عليه السلام ملحمية انسانية ونداء للبشرية لأرساء مجدها
الى ابد الدهور وصيانة لدين الله من الانتهاك والرجوع الى الوثنية حتى قيام الساعة
لذا فان هذه الملحمة حظيت باهتمام الدارسين للتاريخ والمتعمقين في الوجدان الانساني
باعتبارها شكلت منعطفا كبيرا في اعماق الصدور لتتعدى معناها اللفظي العام واكبر من
تستوعب بابعادها المعينة او تقاس بمقياس حيث استمدت قوتها من قوة النبي ص واصراره على
الجهاد لتصون العقيدة وتدب عن كيانها وتحميها من الراغبين في الحاق الاذى بها لذا فان
الثورة الكبرى العظيمة التي انهى بها حياته الشريفة كانت الاولى في اطارها الديني المبني
على اساس المباديء والقيم فهي ثورة روحية رائدة على مر العصور بمعنى الكرامة والوقوف
بوجه العابثين بالمقدسات لغرس دعائم الضلالة كما انها ثورة استحوذت على الضمائر فيما
انتجته من اثار عقائدية فخمة لذا كانت ثورة وحيدة لم تستطيع اي ثورة سبقتها او لحقتها
او تلحق بها او تكون من مصافها سيطرت على الفكر الانساني بعد اجيال متعاقبة ادت الى
الخلود بانسانيتها مؤطرة باحرف مضيئة استمدت عزيمتها من روح الشريعة وهدفت الى بثها
في نفس كل انسان يريد الحرية لكسر شوكة العبودية لان ثورة الامام الحسين عليه السلام
ربضت في اعماق الصدور ليستلهمها كل مظلوم وصارت نيراسا للناس وحرارة تستعر في قلوب
كل المؤمنين مجددة قول الرسول الكريم ( ان لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد
ابدا ) والمضطهدون والمظلمون في كل بقاع الارض وفي كل المذاهب والاديان يتجهون الى
ثورة الحسين عليه السلام لانهم يريدون منابع مفاهم الكرامة والانصاف والعدل وبهذا فان
استشهاد الامام الحسين عليه السلام لم يكن للاسلام وحده وانما كان لكل الاديان والعقائد
الانسانية الاخرى
خرج الامام الحسين عليه السلام الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واعادة
سيرة النبي ص وسيرة ابيه علي بن ابي طالب عليه السلام في هذه الامة التي اعتراها الذل
والخمول والخنوع للحاكم الفاسد هذا الخروج الذي اشعل انوار الثورة جعل مشعله وارث ادم
صفوة الله ووارث نوح نبي الله ووارث ابراهيم خليل الله ووارث موسى كليم الله ووارث
عيسى روح الله ووارث محمد حبيب الله وباستشهاده رفعه الله فوق مقام الشهداء فصار،سيدهم
ومعلمهم وصارت ثورته دفاعا عن كل الرسالات السماوية
ان هذه المعجزة الالهية ايقضت الضمائر التي انامها بنو امية ظهرت على
لسان السيدة زينب عليها السلام والمعجزة الكبرى الولاء،لاهل البيت
صار سنة سنها الناس لانفسهم والتبرك بعتبات اضرحتهم العالية وذكرهم الذي يكبر سنة بعد
اخرى وجيلا بعد جيل وصارت قبورهم محجات للملايين
وامة الاسلام تحج ضارعة مستغفرة وهذا ما تنبأت به السيدة زينب عليها السلام حيث قالت
( فو الله ان هذا لعهد من الله الى جدك وابيك ان قبر ابيك علما لا يدرس اثره ولا يمحى
رسمه على مرور الليالي و الايام ولتجتهد امة الكفر واشياع الضلال في محوه فلا يزداد
اثره الا علوا )
0 comments:
إرسال تعليق