في بداية الأمر إنه لشيء رائع أن يكون الإنسان
صاحب أفق ودراية فكرية قويمة، لكن هل الثقافة تقتصر علي القراءة فقط أم أن هناك مصادر
للمعرفة أخري يمكن أن يستخدمها الباحث عن المعارف ، ثم من هو المثقف في العالم العربي....
فتعتبر مسألة المثقف من أصعب المصطلحات
التي واجهت أغلب المفكرين، فكل له نظرته وفكرته الخاصة تجاه هذا المصطلح فأيدلوجية
كل مفكر تختلف عن الآخر هناك من وضعها في إطار السياسي ومن وضعها في المفكر الاجتماعي
ومن جعلها في طور القارئ، وبالنظر لكل هذه الاتجاهات يمكن الجمع بينهم ووضع لفظ مثقف
للشخص المتطلع على كل مختلف جوانب الحياة وعنده معرفة شاملة بأغلب المعارف العلمية
التطبيقية والنظرية والذى له نظرة تجاه مجتمعة وتجاه الإنسانية ونظرة خاصة تجاه نفسه
ويمكن تحديد رغباته وميولاته الفكرية بالأدلة والحجج المقنعة وهذا يختلف كثيرا عن العالم
المختص الذى يكون متخصص في مجال معين ويقيم كل دراساته على هذا المجال فهذا ليس بمثقف
وإنما هو مختص أو عالم بعد توضيح هذا اللبس الطريف في المصطلحات بمكن تقريب العدسة
قليلا على طبائع مدعى الثقافة او ثقافة الزيف:-
تجد البعض يستخدم فقط المصطلحات الغامضة
وصعبة الفهم ويميلون للجانب الإصلاحي الفلسفي لصعوبة فهمها وضخامتها على المستوى العقلي
كلفظ دوغمائية أو راديكالية او هرمونيطيقيا او بلوريتاليا وجميعها مصطلحات يصعب على
العامة فهمها فتثير دهشة الجميع كما هو متعارف عليه عند القوم خالف تعرف فأي مخالفة
افضل من اللعب بالمصطلحات ليقال هذا شاب مثقف ويشار بالأصابع تجاهه حتى لغته مميزة
على الرغم ان كثرة استخدام هذه المصطلحات والعلو بها و عدم إيصال الفكرة للعامة هي
قمة العجز الفكري..
والبعض الآخر تجده يستخدم الاعتراضات الكثيرة
على كل شيء وإبداء الآراء ولكم أصبح هذا الأمر متاح ومنتشر بعد ظهور عالم السوشيال
ميديا والفيس بوك خاصة الذى ساعد الجميع على أن يكونوا متحدثين من وراء الشاشات وعارضين
لآراءهم التعصبية غي ماله ولا ليس له دخل فيه فقط للظهور السطحي وإبداء مدى عبقرية
ومعقة الفلسفي تجاه الواقع والحياة وهذا ما هو إلا ضياع للفكر وشتات للعقول.
والآخر يدعى أنه عقلة ناضج ومتقبل لكل الآراء
طالما لا تخالف الإنسانية ثم تجده حين يدخل دائرة الحديث والنقاش ويدور الحوار يبدأ
في التعصب والتشدد وعدم تقبل الرأي المخالف وقد تجده يسب ويلعن بدون داعى ويعطى لنفسة
حقوق وحريات لم يعطيها لغيرة كأنه وحى نزل من السماء وتجده انك حين تخالفه يتهمك بالكفر
والإلحاد دون وعى او فهم.
وبالنظر لهذا الزمان نجد ان المثقف في نظر
الجميع هو ذات الشخص الذي يقرأ كثيرا وأصبحت القراءة ذاتها مهما كان مجالها هي معيار
الثقافة الوحيد ومن هنا أخذ مفهوم الإنسان المثقف في الانحدار بشكل غير مسبوق فمن الذى
وضع في رأس الجميع أن المثقف هو الحافظ والجامع للاقتباسات العالمية والفلسفية، هل
العالم في حاجة لوعاء يحفظ الكلمات لو كان كذلك فالحاسوب والهواتف باتت توفر الكتب
في كل مكان ويمكن استخراج المراد من جوجل الأمر لن يحتاج سوى لحظات البحث لو كان النت
سريعا، الأمر يحتاج فقط إلى مغير جذري في عقولنا فالقارئ ليس من حوى كتاب بل من عقل
منه وتفهم آلياته المطلوبة واستطاع توظيفها في الواقع، وهل الثقافة حكر على مجموعة
دون أخرى أو طائفة دون أخري، الثقافة ليست أمر وجد للتباهي والتفاخر وإنما هي أمر شاق
يحتاج لوقت ومجهود وصدق في البحث ورغبة في المعرفة والتوصل لحلول لقضايا تثير الفكر
الإنساني وحلول لمشكلات المجتمع البشري فإن لم يعمل المثقف والقارئ الواعي على هذا
لأصبح كل ما عاشوا لأجله عبث.
0 comments:
إرسال تعليق