• اخر الاخبار

    الأحد، 26 يناير 2020

    حسن بخيت يكتب عن : " الإعتذار .. سلسلة أخلاق نسيناها "


     حسن بخيت يكتب عن  : " الإعتذار .. سلسلة أخلاق نسيناها "


    قصة أسمعها منذ صغري ، والتمس العذر من أصحاب العلم والفقه  في مدى صحتها ، لاننا أصبحنا نخاف من الاختلاف على عدد ركعات صلاة الظهر ، هل هى أربع ركعات كما تعلمناها منذ مجيئنا للحياة ، أم أنها ستصبح مع الأيام ثلاث ركعات ، والتمس العذر أيضا لأصحاب اللغة والبلاغة في صياغتها وكتابتها، لأنهم أصبحوا أساتذة تصيد في الماء العكر ..
    المهم : نترك هذا الجدل، فنحن نتكلم عن الإعتذار والتسامح ، وحتى نغلق باب المهاترات ، فلم ولن تسلم الأرض من مكر المتصيدين الى قيام الساعة .
    القصة
     اجتمع الصحابة رضى الله عنهم فى مجلس لم يكن معهم الرسول صلى الله عليه وسلم ،  فجلس خالد بن الوليد ، وعبد الرحمن بن عوف ،  وبلال ، وابوذر ...  وكان أبوذر رجل فيه حرارة وحده وحماس ، فتكلم الناس فى موضوع ما ، فقال أبوذر : أنا أقترح أن يفعل كذا وكذا ..
    قال بلال : إن هذا الاقتراح خطأ.
    فقال أبوذر  : حتى أنت يابن السوداء تخطئنى !!!
    فقام بلال مدهوشا غضبانا أسفا ....وقال :  والله لأرفعنك لرسول الله صلى الله عليه وسلم  .. وأندفع ماضيا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
    وصل بلال للرسول ،- وقال :  يا رسول الله : أما سمعت أباذر ماذا يقول في؟
    قال عليه الصلاة والسلام  : ماذا يقول فيك ؟؟
    قال بلال :  يقول كيت وكيت ..
    فتغير وجه النبى صلى الله عليه وسلم  ، فسمع أبوذر الخبر ، فاندفع الى المسجد .
    فقال : يا رسول الله .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    قال عليه الصلاة والسلام : يا أباذر أعيرته بأمه ....انك امرؤ فيك جاهلية !!
    فبكى أبوذر .. وأتى الرسول صلى الله عليه وسلم  ، وجلس . وقال :. يا رسول الله استغفر لي..سل الله لي المغفرة ..
    ثم خرج باكيا من المسجد....
    وأقبل بلال ماشيا ، فطرح أبوذر رأسه فى طريق بلال ، ووضع خده على التراب ..وقال : والله يا بلال لا أرفع خدى عن التراب حتى تطأه برجلك .. أنت الكريم وأنا المهان ..!!
    فأخذ بلال يبكى .. وأقترب وقبل ذلك الخد ثم قام وتعانقا وتباكيا ..
    هكذا كانت حياة رجال صدقوا الله ، وتمسكوا وتعاملوا بالاسلام وبالسلام " رضى الله عنهم أجمعين ، وتربوا على يدي معلمهم وأستاذهم صلى الله عليه وسلم ..
    فكم مرة فى اليوم يسىء بعضنا لبعض باللفظ أو الفعل ، أو بالهمز واللمز ..بقصد أو بدون قصد ،  ولا يقول : عفوا أخى ، بل إن الكثير يجرح الأخرين  جرحا عظيما بكلماته القاتلة الفتاكة فى عقيدته ومبادئه ، أو فى عرضه وشرفه ، وأغلى شىء فى حياته ،، أو في رأيه وشخصيته ....ولا يقول:  سامحنى ، ويخجل من كلمة الإعتذار أو طلب السماح  " لغرور فى نفسه وكبرياء فى ذاته ، أو لعصبية ورجعيه تتملك شخصيته ...
    فالانسان اجتماعى بطبعه ، ولا يمكنه ان يعيش بمفرده على هذه الأرض ، أو من خلال عمله وحياته ، فهو بحاجة الى التعامل والتواصل مع الاخرين ..
    والتعامل والتواصل مع الأخرين يحتاج الى اسلوب مميز وفن ومهارة ، وهذا الاسلوب لا يمتلكه الجميع ، فهو رزق من الله يختص به من يشاء من عباده ، فقد يعطى الله _ عز وجل _ الرزق والمال والصحة وكل ما فى الدنيا من نعم  للكثير من خلقه، إنما يؤتي الله الحكمة لاصفيائه من البشر . ( ومن يؤتى الحكمة  فقد اوتي خيرا كثيرا )
     ومن الحكمة :. فن التعامل مع الناس ، وهى مهارة تختلف من شخص لأخر ، فالبعض منا يكون بفضل من الله ملما بأساليب التعامل والتعايش مع الناس بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة ، ويكون صاحب أسلوب رائع ،يمتلك الكثير من الوعى والثقافة والخلق الحسن، والتصرف الحكيم ، ويستطيع احتواء المشاكل والأزمات بكل أدب ومرونة ،  ويمتلك فن الحوار والمناقشة ، وتكون لديه القدرة على الاقناع لأنه يمتلك الكثير من المنطق ، بالاضافة لرحابة صدره وسلامة قلبه .
    وقوعنا جميعا في الخطأ وارد لا محالة لأن الخطأ من صفات بنى أدم -  "فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"
    فالخلاف بين طرفي العمل أمر لا مفر منه بفعل الاحتكاك اليومي وما ينتج عنه من أخطاء وهفوات ، لذلك نحتاج  إلى تعلم واكتساب مهارات التعامل مع المشاكل في الحياة العملية..
    والأفضل من يبدأ بالاعتذار خصوصا في مجتمعاتنا العربية المكبلة بالتفكير الخاطيء بعقدة الكبر و" الأنا" والكرامة التي تعتبر أن الشخص الذي يعتذر يكون ضعيفا وسلبيا ، وجرح لكرامته وكبرياءه، وكذا  وكذا وكذا ،، في ظل غياب كلمة "آسف" من قاموس حياتنا التي لا تعتبر مشكلة عمل فقط، بل أزمة مجتمع وخلل في ثقافته وتربيته ودليل على تراجع روح المحبة والتسامح والاعتراف بالخطأ .
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: حسن بخيت يكتب عن : " الإعتذار .. سلسلة أخلاق نسيناها " Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top