عندما يولد انسان في قرية بعيدا عن المدينة منذ صغرة وتمر عليه عشرون عاما لم يدخل المدينة اطلاقا وبعد هذه الفترة الزمنية الطويلة يسافر الى المدينة وعندما يدخلها يتخبط بأنظاره يمينا ويسارا مستغربا ما تراه عيناه من عوالم البناء حيث عمارات وسيارات وقطارات وناطحات سحاب
وكذلك كل انسان مسجون في غرفة مظلمة معتمة تماما لمدة ايام او سنيين وبعد خروجه من الغرفة تجد انه لا يستطيع تحمل النظر الى ضوء الشمس الخارجي الا بصعوبة الا بعد مرور ساعات حتى يتحمل ضوء الشمس بسبب تأثير الظلام لعيونه وحرمانه من الضوء
فكذلك اغلب المسلمين هم بعيدين عن عوالم المعرفة والفلسفة البراجماتية الميكافيلية الألترويزم الدنكوشوتية الشوفينية الرواقية الإبستمولوجيا الاثنولوجيا الانتلجنسيا الثقافية العقلانية الليبرالية البرجوازية، الارستقراطية، البايسروكولجية الدياليكتية الميتافيزيقية وعالم الهرموطيقا وكذلك ايدولوجية نشأة الانسان الانثروبولوجيا وكذلك معرفة العوالم الثقافية والاسلامية بفكرها الواسع الانساني الوجداني المتجدد
والسبب في هذا الظلام العقلي الاسلامي ليس من المسلمين انفسهم بل من علماء المسلمين وكتبهم وفتاواهم التي تبث عند كل مسلم روح العاطفة الدينية فقط دون تشغيل النظام العقلي الوجداني وكذلك تبث كتب الترهيب وبث روح تجريم العقل وتجريم النقد والتحليل والمعلومات التنويرية العقلية الجديدة لذا كل من يكتب موضوع ونقاش خاص لهذا او شبيه لهذا الموضوع يعتبرون هذا الموضوع خطير جدا وهذا ما رأيته من البعض في كتابتي المختلفة وفي كتابات الزملاء المثقفين والكتاب والاعلاميين الذين هم وجميع المفكرين يعيشون التجريم والتكفير من المجتمع العربي والاسلامي المتخلف الا القلة
وتجريم العفل ليس وليد الساحة الجديدة بل هو ناشئ من تاريخ طويل وهو تاريخ ما بعد الخلفاء الراشدين حيث اغلب علماء المسلمين وكتابهم اتجهوا نحوا شرح وتعليم الفقه الاسلامي والعقائد الاسلامية بشكل محصور نحوا العاطفة الدينية والمعلومات ففط دون اعطاء حرية التحليل وتشغيل العقل فيها وانني لا استغفل او استهين في المعلومات والكتابات الدينية العقائدية ولكن يجب التوسع الى منظور اوسع بعيدا عن الساحة الضيقة من المعلومات وهذا المنظور الاوسع هو قراءة وأستباط وفهم وحفظ المعلومات الاخرى من ادب وثقافة وعلم لأجل اغناء العقل وكذلك من اجل ان تكون لك دلائل ثقافية وعلمية واسعة كي يكون لك سلاح لرد باقي اهل العلوم والا تبقى جاهلا محصورا في دائرة واحدة
و الدين الاسلامي الحقيقي ليس بهذا الثوب العاطفي المتشدد المتخلف وانما من يحمل افكارا نائية هو من البسه ثوب التخلف والهمجية والعاطفة العمياء حيث ان الرسول الكريم اوصى في العلم وتنوير العقول وطلب منا ان نحفظ ونقرا كتب وعقائد الديانات الاخرى وحتى حفظ لغاتهم بل وصل الامر ان قال الرسول الكريم تعلموا السحر ولا تعملوا به ولكن التعلم من اجل حفظ النفس وحفظ الغير
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
صدق رسول الله
وهذا الحديث دليل قاطع ان اهل العلوم والثقافة والوجدانية هم من اهل الجنة
اذا هذا الجهل الذي نعيشه هو بسبب التمسك بعلم العقيدة الاسلامية فقط والادهى والاشد مرا من هذا هو اننا حتى جهلاء في العلوم الاسلامية والعقيدة الاسلامية من خلال فتاوى الدم والتكفير وكذلك من خلال الجهل في الدين والفتاوى الدينية
رغم ان الدين راقي سمح عريق وجداني وقمة في الوجدانية ولا اريد ان اطيل بخصوص هذا الكلام حيث انه يحتاج الى مواضيع طويلة اخرى بعيدة عن موضوعنا الحالي لذا اتكلم عن الوجدانـــــــــية
في هذا الجزء الثالث ب ادلة اخرى تبين مدى وجدانية الاسلام وتبين ان الوجدانيين هم اهل الجنة وهي
ان الرسول الكريم لم يبث روح العداوة والتفرقة بين الناس ونشر الدين الاسلامي بأخلاقه ووجدانه المتمثلة بالحب والتسامح والصبر لذا انتشر الاسلام في العالم اجمع
ففي بداية الدعوة الاسلامية لم يكتفوا كفار قريش برفض الدعوة الاسلامية بل قاموا بضربة بالحجارة حتى سالت الدماء من قدمية الشريفتين ونزل عليه الوحي فقال يا رسول الله مرني ان اطبق عليه الاخشبين اي الجبلين فقال رسول الله
لا يا اخي جبريل عسى ان يخرج من اصلابهم من يوحد الله !!!
اي ان الرسول الكريم يأس من هدايتهم وكان يفكر بأجيالهم من يأتي موحدا لله ولم يقول هؤلاء كفرة يجب تدميرهم وقتلهم وهذه هي قمة في الوجدانـــــــــــية الاسلامية الانسانية
واليوم في هذا الجزء الثالث نعطي بعض الادلة القرآنية والاسلامية
عـــــــن الوجــــــــــــــدانية هــــــــــم أهــــــــــل الجــــــــــــــــنة
قال الله سبحانه وتعالى
(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )
صدق الله العظيم
وتفسير هذه الاية القرآنية هو تفسير وجداني عميق وهو ان كل انسان ولم يشخص مسلم فقط بل كل انسان يفعل خير للبشر يفيد فيه المجتمع ويفيد به اسرته ووطنه والعالم كله يرى لقاء هذا الخير وله اجر هذا الخير الى اجيال الاجيال حتى يوم القيامة حتى وان كان عمل الخير صغيرا يقدر بحجم ذرة والذرة لا ترى بالعين المجردة الا بالمجهر وكذلك اذا عمل شر ولو بحجم ذرة يرى الشر وهنا الشر معناه الخسارة في الدنيا والاخرة
ولم يختص الله عامل الخير او عامل الشر بديانة خاصة مثل المسلمين او غيرهم انما شمل كل البشر بكافة اديانهم ومعتقداتهم وهذا دليل قاطع على ان كل وجداني على وجه الارض هو من اهل الجنة لما قام من اعمال خير ومن المستحيل ان يضع الله سبحانه وتعالى اشخاص استفاد المجتمع منهم في النار لأن الله سبحانه وتعالى الطف من البشر الذي يجازي صاحب الخير والوجدانية في الدنيا بالخير والوجدانية
ف الرحمة واللطف والعطف الرباني ليس هناك قياس بينها وبين البشر اطلاقا
الى هنا اكتفي في هذا الجزء الثالث لكم محبتي من عمق وجدانيتي اكمل البقية في الجزء الرابع القادم بأذن الله
0 comments:
إرسال تعليق