بين وجهي وصورة جواز السفر , نقل شرطي عابس عينيه, وقال : وجه خال من قطرة دم ,يا الهي , ما هذا ,؟ كم قناعا على هذا الوجه الذي يشبه لحاء شجرة معمرة في صحراء ؟ اخلع قناعك والا انتزعته بهذه الحربة , صرخ الشرطي بوجهي وراح بطرف حربة يتحسس تحت حنكي باحثا عن بدايات القناع المزعوم وهو يدفعني بعنف. رعب فضيع اجتاحني وبأعلى صوت كنت اصرخ حينما ادخلت على مسؤولة قسم التحقيق عند الحدود .اما مها وضع الشرطي جواز سفري والعلبة التي بحجم علبة سجاير صغيرة كانت في حقيبتي , ما هذا , أهو نشوق ؟ تساءلت المحققة الشقراء وهي تشمه . بانكسار نظرت اليها ولم اجب .من جديد نظرت الى ذرات التراب في العلبة والى حروف الاسم المحفورة في قعرها وراحت تشمه. رفعت رأسها. حدقت في عيني وقالت هذه ذرات عظام محروقة !!!
نظرت الى الشرطي العابس وقلت نعم
ولذت بالصمت . امرت الشرطي بالخروج وقالت, صارحني كي اساعدك ولك الأمان .ما قصة
قناع وجهك وذرات تراب العظام
المحروقة هل انت وثني ام هذا نشوق ؟
ــ لست وثنيا يا سيدتي وهذا ليس
نشوقا والوجه وجهي ولم البس قناعا !! .
ــ أوكي ,وذرات تراب العظام
المحروقة في العلبة ؟
ـــ ذرات
من بقايا جثة اخي التي احرقها
النظام بعد ثرمها ليلة العيد الكبير ا
ــ والحروف المنقوشة في قعر
العلبة ؟
ــ اسم مرتكب الجريمة..
فغرت المحققة بدهشة
فاها واطرقت قليلا ثم قالت ,لقد سمعت كثيرا عن ظلم حاكمكم . اهلا بك في
بلدنا . اخرج بكفالتي فقط كن ملتزما بالنظام فنظامنا جد قاس ثم بضغطة زر على جرس انتصب
الشرطي واقفا .فك قيده , قالت آمرة .
تفضل بالخروج يا سيدي وبالتوفيق
قالت وهي تصافحني .
بعد أيام , ذات مساء , في المتنزه العام بالكاد وجدت مصطبة معزولة فارغة تكومت عليها .اكثر
من شخص القى علي التحية ولأني لا اعرف اللغة كنت ارد برفع اليد .
.في بلدكم ماذا تسمون هذا, ايها الشائخ قبل الأوان ؟ دغدغ اذني صوت رخيم خيل لي انني أعرفه .ودون وعي صرخت من فرحتي , يا
الهي انها لورا , كفيلتي في مركز الشرطة. نظرت الى الكيس في يدها الممدودة
نحوي وبتلعثم قلت نسميه {شامية } وهو حبات
ذرة محمصة .
دعك من الشامية وقل لي ما ذا تقرأ؟ قالت واشارت الى ديوان شعر لكاظم اسماعيل
الكاطع كان رفيق رحلتي.
ــ.ديوان شعر لشاعر قتلته كمدا
بيادر احزان شعبه .
ــ آه !! وماذا عن ذرات رماد جثة اخيك المقتول حرقا , صليبك ؟ .أدخل
بالتفاصيل فمنذ التقينا وانا في دوامة حزن ابحث عنك !!
وبالتفاصيل دخلت قائلا :
حينما غصت سجون الحاكم بالضحايا ,
قرر تبييضها وفي كل محافظة بعيدا عن الانظار,
بنى محرقة ذات فرن كهربائي هائل يصهر الحجر وليلة العيد احرق الالوف.
منذ ذلك اليوم المشؤوم , فجر
العيد الكبير من كل سنة , توقظني امي
مستعملة طرف عصاها. بحذر اتبعها. يتبعنا
كلبنا حمور متحفزا بلا نباح . من بعيد , على
كل كوخ نمر به تسلم أمي وتقرأ سورة الفاتحة ثم تسير. عند اطراف القرية .تجتمع
ست خائفات بعباءات سود. وبحماية حمور, على
الأشواك ,بحذر وخوف على طريق مهجورة مغطاة بالحصى والأشواك بأقدام دامية يمشين . بعد ساعة او ساعتين يقف الموكب عند طينية هي
بقايا معلف خيل كبير مهجور شهد حرق ألوف الأجساد بعد ثرمها ليلة العيد الكبير !!
عند مدخل الطينية برهبة , تبدأ طقوس النساء الست
. يخلعن نعلهن . يضعن عباءاتهن ويدخلن
زحفا للطينية التي اصبحت مزارا مراقبا تعدم السلطة من يزوره , ويبدأن بالعويل
الموجوع !!
ابق بجانب حمور. احرس عباءاتنا . راقب
الطريق ولا تغفل . بباب الطينية تأمرني بحزم
امي واطيع .لكنني بدافع الفضول اتلصص من خلال ثقب عملته في الطينية !
يومها كنت في الخامسة عندما شاركت
في هذا الطقس السنوي الغريب ..ومنذ اول يوم علق في ذهني منظر لن انساه ما حييت . .تجلس
كل واحدة من النساء في زاوية .تزيح الفوطة السوداء عن شعر ناصع البياض لم يمسسه صبغ ولا حناء .أمي كانت اكبر النائحات
سنا , كانت في الثلاثين يومها !!
وبعد ان تعفر كل امرأة وجهها وشعرها بتراب ارضية الطينية , تخرج كل
امرأة علبة فيها حفنة من تراب الطينية المحروق ثم
تعطره وتشمه بحرقة .عندها يتصاعد عويل النسوة وتنهار بعضهن ويخفت النواح .
عشرون عاما شاركت في هذه الطقوس
التي تشبه طقوس طائفة محظورة تعيش حالة رعب دائم وحذر .وحينما ادركت امي الوفاة
حاصرتها بأسئلة عن سر ذرات التراب الأسود
والعلبة والاسم المكتوب في قعرها . .
يا بني ذرات تراب الطينية
بقايا جثث من احرقتهم سلطات النظام ليلة العيد الكبير بعد فرمها بفرامة
لحم هائلة ومنها جثة اخيك حسين قالت واضافت , في كل بيت رماد من رماد
المحرقة محفوظ في جفنة او علبة معطرة,. في
قعرها حفنة ذرات من رماد معطر ...
بين وجهي وصورة جواز السفر , نقل
شرطي عابس عينيه, وقال : وجه خال من قطرة
دم ,يا الهي , ما هذا ,؟ كم قناعا
على هذا الوجه الذي يشبه لحاء شجرة معمرة
في صحراء ؟ اخلع قناعك والا
انتزعته بهذه الحربة , صرخ الشرطي بوجهي وراح بطرف حربة يتحسس تحت حنكي باحثا عن بدايات القناع المزعوم وهو
يدفعني بعنف. رعب فضيع اجتاحني وبأعلى صوت
كنت اصرخ حينما ادخلت على مسؤولة قسم التحقيق عند الحدود .اما مها وضع الشرطي جواز سفري والعلبة التي بحجم علبة
سجاير صغيرة كانت في حقيبتي , ما هذا , أهو
نشوق ؟
تساءلت المحققة الشقراء وهي تشمه . بانكسار نظرت اليها ولم اجب .من جديد
نظرت الى ذرات التراب في العلبة والى حروف الاسم
المحفورة في قعرها وراحت تشمه. رفعت
رأسها. حدقت في عيني وقالت هذه ذرات عظام محروقة !!!
نظرت الى الشرطي العابس وقلت نعم
ولذت بالصمت . امرت الشرطي بالخروج وقالت, صارحني كي اساعدك ولك الأمان .ما قصة
قناع وجهك وذرات تراب العظام
المحروقة هل انت وثني ام هذا نشوق ؟
ــ لست وثنيا يا سيدتي وهذا ليس
نشوقا والوجه وجهي ولم البس قناعا !! .
ــ أوكي ,وذرات تراب العظام
المحروقة في العلبة ؟
ـــ ذرات
من بقايا جثة اخي التي احرقها
النظام بعد ثرمها ليلة العيد الكبير ا
ــ والحروف المنقوشة في قعر
العلبة ؟
ــ اسم مرتكب الجريمة..
فغرت المحققة بدهشة
فاها واطرقت قليلا ثم قالت ,لقد سمعت كثيرا عن ظلم حاكمكم . اهلا بك في
بلدنا . اخرج بكفالتي فقط كن ملتزما بالنظام فنظامنا جد قاس ثم بضغطة زر على جرس انتصب
الشرطي واقفا .فك قيده , قالت آمرة .
تفضل بالخروج يا سيدي وبالتوفيق
قالت وهي تصافحني .
بعد أيام , ذات مساء , في المتنزه العام بالكاد وجدت مصطبة معزولة فارغة تكومت عليها .اكثر
من شخص القى علي التحية ولأني لا اعرف اللغة كنت ارد برفع اليد .
.في بلدكم ماذا تسمون هذا, ايها الشائخ قبل الأوان ؟ دغدغ اذني صوت رخيم خيل لي انني أعرفه .ودون وعي صرخت من فرحتي , يا
الهي انها لورا , كفيلتي في مركز الشرطة. نظرت الى الكيس في يدها الممدودة
نحوي وبتلعثم قلت نسميه {شامية } وهو حبات
ذرة محمصة .
دعك من الشامية وقل لي ما ذا تقرأ؟ قالت واشارت الى ديوان شعر لكاظم اسماعيل
الكاطع كان رفيق رحلتي
ــ.ديوان شعر لشاعر قتلته كمدا
بيادر احزان شعبه .
ــ آه !! وماذا عن ذرات رماد جثة اخيك المقتول حرقا , صليبك ؟ .أدخل
بالتفاصيل فمنذ التقينا وانا في دوامة حزن ابحث عنك !!
وبالتفاصيل دخلت قائلا :
حينما غصت سجون الحاكم بالضحايا ,
قرر تبييضها وفي كل محافظة بعيدا عن الانظار,
بنى محرقة ذات فرن كهربائي هائل يصهر الحجر وليلة العيد احرق الالوف.
منذ ذلك اليوم المشؤوم , فجر
العيد الكبير من كل سنة , توقظني امي
مستعملة طرف عصاها. بحذر اتبعها. يتبعنا
كلبنا حمور متحفزا بلا نباح . من بعيد , على
كل كوخ نمر به تسلم أمي وتقرأ سورة الفاتحة ثم تسير. عند اطراف القرية .تجتمع
ست نساء خائفات بعباءات سود. وبحماية
حمور, على الأشواك ,بحذر وخوف على طريق مهجورة مغطاة بالحصى والأشواك بأقدام
دامية يمشين . بعد
ساعة او ساعتين يقف الموكب عند طينية هي بقايا معلف خيل كبير مهجور شهد
حرق ألوف الأجساد بعد ثرمها ليلة
العيد الكبير !!
عند مدخل الطينية برهبة , تبدأ طقوس النساء الست
. يخلعن نعلهن . يضعن عباءاتهن ويدخلن
زحفا للطينية التي اصبحت مزارا مراقبا تعدم السلطة من يزوره , ويبدأن بالعويل
الموجوع !!
ابق بجانب حمور. احرس عباءاتنا . راقب
الطريق ولا تغفل . بباب الطينية تأمرني بحزم
امي واطيع .لكنني بدافع الفضول اتلصص من خلال ثقب عملته في الطينية !
يومها كنت في الخامسة عندما شاركت
في هذا الطقس السنوي الغريب ..ومنذ اول يوم علق في ذهني منظر لن انساه ما حييت . .تجلس
كل واحدة من النساء في زاوية .تزيح الفوطة السوداء عن شعر ناصع البياض لم يمسسه صبغ ولا حناء .أمي كانت اكبر النائحات
سنا , كانت في الثلاثين يومها !!
وبعد ان تعفر كل امرأة وجهها وشعرها بتراب ارضية الطينية , تخرج كل
امرأة علبة فيها حفنة من تراب الطينية المحروق ثم
تعطره وتشمه بحرقة .عندها يتصاعد عويل النسوة وتنهار بعضهن ويخفت النواح .
عشرون عاما شاركت في هذه الطقوس
التي تشبه طقوس طائفة محظورة تعيش حالة رعب دائم وحذر .وحينما ادركت امي الوفاة حاصرتها
بأسئلة عن سر ذرات التراب الأسود
والعلبة والاسم المكتوب في قعرها . .
يا بني ذرات تراب الطينية
بقايا جثث من احرقتهم سلطات النظام ليلة العيد الكبير بعد فرمها بفرامة
لحم هائلة ومنها جثة اخيك حسين قالت واضافت , في كل بيت رماد من رماد
المحرقة محفوظ في جفنة او علبة معطرة,. في
قعرها ق منقوش اسم الطاغية مرتكب الجريمة
المأساة !! .
مؤلم جدا ما سمعت ولكن لا تكن
حبيس الماضي فلا شيء يدوم, نحن ايضا , لسنين
, حكمنا وحش بشري قُتل رفسا بالأقدام ذات فجر بهيج , قالت لورا وهي تنشج وبمنديل
ورقي تمسح سيل دموع بلل خديها الورديين واردفت , ثمن الحرية غال يا صديقي .دعك من
هذه الذكريات وهيا بنا ففي دار الأوبرا هناك عرض
يستحق ان تراه قالت لورا, وبحنان امسكت يدي .لا ادري كيف ركضنا نحن الاثنين
ضاحكين رغم زخات المطر !!!
0 comments:
إرسال تعليق