إن اللغة العربية هذه الأيام باتت غريبة في عقر دارها؛ فهي تواجه رياحا عاتية تقتلع جذورها التي كانت يوما ما أسباب قوتها ومجدها ؛ كما انها مستهدفة من أبنائها أكثر من استهداف الغرب لها ؛
إنها الآن في طور الاحتضار والجميع
من حولها ينتظرون لحظة الوفاة لا يملكون حتى
الصراخ أو العويل؛ فهي تنتظر ان ينقذها ابناؤها من براثن أنياب الإهمال على كافة المستويات؛
ولماذا الاستغراب في هذا؟ ألم نستوعب ما يحدث لطلابنا في المدارس؟ ألم نلاحظ هذا الضعف
الواضح في الناطقين بها؟ أليس عيبا أن نجد من يعجز عن قراءة قصيدة او بضع ايات قرانية؟ا
أين المعلم المثقف الذي يلم بأساليب اللغة العربية وأفكارها و التي تمكنه من أداء عمله
كما يجب؟ هل مناهجنا الني تعتمد على نقل المعلومات إلى ذهن الطالب قادرة على التغيير؟
لماذا سكنت نيران الغيرة في قلوبنا تجاه ما يحدث لهذه اللغة التي أصبحت يتيمة؟ ام أن
الغيرة ما زالت تبحث عن أهلها؟ أعتقد أنها قد ماتت وبلي عظامها.؛ ونحن من قتلناها؛
ولا نملك حتى مجرد اللوم والعتاب لأنفسنا.
إن حال اللغة العربية اليوم غير مريح وباتت مهددة في وجودها وبقاء وظيفتها
ننيجة التراجع التدريجي لوظيفتها اللغوية في المجتمع؛ وبالتالي فقدت وظيفتها التاريخية
والثقافية والعلمية ؛ بسبب هذا الجفاء الذي
نهش في جسد هذه اللغة العظيمة فكان كفيلا بأن تكون على وشك الاحتضار؛ بعد أن كانت صقرا
يجوب بجناحيه الدنيا كلها.؛ لكن جناحيه اليوم قد كسرا ؛وحقيقة لا أعرف إلى متى يظل الحال هكذا، نتحدث
كثيرا ولا نفعل شيئا؛ علينا فقط رفع شعار اليوم العالمي للغة العربية وهي تعاني سكرات
الموت ؛ فهل فعلا وصلنا لحالة اللاعودة لهويتنا
وعقيدتنا؟ هل يستهوينا أن نكون بلا هوية؟ أو
هل يعجبنا ارتداء عباءة الغرب في لغتهم؟ ماذا نريد في حياتنا؟ و الله إن لم نتخذ خطوات جادة ونضمد
هذه الجراح التي أصابت اللغة العربية فلن نجد بعد بضع سنوات من يتحدث كلمة عربية واحدة؛
وستكون في ذاكرة النسيان؛فلنقف وقفة حقيقية مع النفس وليسأل كل واحد منا نفسه هل هو
قادر على حمل هذه الأمانة؟ هل يمتلك أدوات هذه اللغة بالفاظها وأساليبها وصورها الفنية؟ للأسف الشديد فاقد الشيء لا يعطيه؛ وهذا هو حالنا
في كل بلادناالعربية ؛ وقد يقول البعض لماذا تركز الهجوم على المعلم فقط؟ أنا لا ألقي
اللوم على المعلم بل على كل القائمين والمهتمين باللغة لكن تركيزي على المعلم لأنه
حجر الأساس فيجب أن يكون قدوة لغيره ثقافة وعلما وخلقا .
إن عزوف معظم الطلاب عن اللغة العربية نانج عن جهل قيمتها من أكثر دارسيها
ومدرسيها؛ والحقيقة أن اللغة هي شخصية الأمة ومستودع روحها وفكرها وثقافتها؛ بل أراها
ناريخ الأمة بكل تفاصيله.؛ كما أنه ناتج أيضا عن عدم إدراك الجميع بحجم الكارثة التي
ستحل بنا وبهويتنا العربية والإسلامية لدرجة أننا فقدنا القدرة على التعبير عما يدور
حولنا من أحداث؛ ونسنعيض عنها بلغة الانترنت أو ما نسميها لغة العصر الحديث وللأسف
نتفاخر بها؛ إنني أريد في هذآ المقال أن أقول؛ إن التغيير يجب أن ينبع اولا من الذات
وان يبحث كل منا عن نواحي القصور فيعالجها سواء أكان هذا في واضع المنهج ام المعلم
ام الطالب ام أي شيء آخر...
علينا جميعآ أن نتكاتف ونعرف مواطن الخلل قبل فوات الأوان وأن ننهض سريعا
من غفلتنا التي طالت ونحن نرى لغتنا تصارع الموت ونحن عاجزون عن فعل شيء لها. بل نجهز
لها التابوت بأنفسنا ؛ فقد نجحنا جميعا في
نسج خيوط المؤامرة عليها، الأحباب قبل الأعداء؛ومن لا يملك لغة قوية لن يملك كرامته
أو ينهض من كبوته أبدا.
رسالتي للجميع رسالة تغلفها
روح الحب والولاء لهذه اللغة العظيمة؛ لذا عليكم أن تعودوا للزمن الجميل لها
حينما كان الاهتمام بها يبدأبحفظ القرآن الكريم فقد كان ذا أولوية خاصة عند ولي الأمر؛ لأنه كان يدرك أن
حفظه للقرآن الكريم يشعل ذاكرة ابنه ويدفعه للنبوغ،؛ ويحفظ هويته العربية والإسلامية. وكذلك أدعو للاهتمام بحفظ الشعر لأن حفظ الشعر يؤسس الحس الموسيقي لدى الفرد ؛وبالنالي إذا استقام الحس الموسيقي استقام الحس
اللغوي وأصبح قادرا على بناء الفكرة السليمة والتعبير عنها بفصاحة "، وكذلك الاهتمام
بحصة الإملاء في كل مراحل التعليم حتى للجامعة ؛وإلغاءكل مايتعلق بالشرح للدروس التي
تباع في المكتبات لأن هذا يخنق روح الإبداع عند الجميع؛
ويجب تغيير هذه المناهج أو بصورة أوضح هذه الموضوعات وترك الحرية للمعلم
في الشرح لتظهر إمكانياته اللغوية والبلاغية: على أن يكون الطالب عاملا أساسيا في العملية
التعليمية.
إن هذا المقال ليس إلا تعبيرا عما أراه بعيني من محاولتنا لطمس هوية اللغة
ومحوها من الوجود؛ واعرف جيدا الإجابة وهي الصمت المميت والتجاهل لأن حياتنا قائمة
على المصلحة الشخصية فقط. ؛ فالفكر جامد '
والأقلام جفت عن التعبير؛ و كما قلت ؛ إن الإرادة
القوية والرغبة ال حقيقية في التغيير هي الحل؛ لكن شاخت عزيمتنا وماتت دوافعنا وانهارت قيمنا؛ فكانت النتيجة ؛ مات ضميرنا وانطفات نيران الغيرة على لغتنا فماتت.
والبقاء لله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..
0 comments:
إرسال تعليق