استيقظت جل الضمائر مَنْ
خَدَّرتها بسُباتِ العَجزِ افتراءات
إسرائيل ، ولاحَ فجر الحقائق يمسح ضبابية رُؤَى نشرتها على امتداد زمن طويل ،
المُشَيِّدَة ما يَخُصّها على التهويل ، وإبعاد النوايا عن قصد غير جليل ،
للإنفراد بما جعلها مَحَلًّ شكوك أخفّ مستواها عند الكثيرين ثقيل ، وبذلك فقدت
إسرائيل كل أمل في انجاز الذي أصبح مِنَ المستحيل ، فكّرَت ورواد تأسيسها الأوائِل ، مِنْ عقودٍ سبعة لتصبح بتنفيذه مع مرور المراحل ، أكبر تَجمُّعٍ
لليهود يتحكَّم ليس في الشرق الأوسط المُشَكِّل له القليل ، بل في عالم غربي
تتوسّطه آنذاك الولايات المتحدة الأمريكية بوضعها البديل ، ولطالما نصحنا محمود
عباس بالابتعاد ما أمكن عن طلاسم حكام تل أبيب حتى لا يُصاب بعدوى الاحتيال ، ليقع
في مصيدة عهود يتَّخذها فقهاء الصهاينة
ذريعة قد تبدو قانونية لتعميق جذور
الاحتلال ، لغاية الموعد المضروب وفق حساب سري من علاماته كثرة العويل ،
المنبعث من انقلاب السحر على الساحر بإفراز السبب العامل ، وقد انفجر لتتوالَى
فضائح الدولة العبرية القائمة على التطرُّف العقائدي العميل ، لصالح تخطيط لم يعد
يقنع بالاستيلاء على أي حُكْمٍ بل إنتاج كلّ حُكم عن العدل والمساواة و احترام حقوق
الإنسان مستقيل ، إلى أن جاءه الردّ اليقين على لسان نتنياهو القائل ، لن تكون
هناك سلطة فلسطينية في رام الله ولا في القطاع بل القضاء الكامل ، على فلسطين
الشعب والدولة كتحصيل حاصل ، ولتذهب الوعود المغلفة باتفاقات أسلو إلى أحضان مَن
آمنوا بسلام عادل ، راود اتجاههم لاسترخاء يؤدي لما جرى من خَتْمٍ مُذِل، مادامت
إسرائيل قائمة على تذويب طموحات غيرها بالمسكنات المُوَلٍّدة الإدمان على النسيان
لدى كل غافل ، الذي تَعامَى عن بندقية المقامة حينما عوَّضَ أنامله الوثوب فوق ثقب
نايٍ منساقاً لما ينفثه من ريح يصل صداه لأذني التاريخ لحناً يردٍّد الاستسلام
الحامل ، لِما يَضع الصهاينة على خطِّ المُضِيِّ قُدُماً لتلوين المؤامرة بواقع
جديد انتظاراً لما يحسبونه النَّصر المُقبل ، لكن ملحمة طوفان الأقصى التي لم تكن
ولن تكون مجرّد معركة عابرة تعيد للفلسطينيين عامة مبادرة الدفاع الحقيقي عن
حقوقهم المشرؤعة المجال ، ولكن لتضع لبنة لتلك الانطلاقة المباركة الفاصلة ستكون
بين عهود الانبطاح ومداومة البكاء على نفس الأطلال ، و بين عهد واضح السمات شامخ
العزة لمسلمي وعرب كل القارات القائم على الأسس الصلبة للاستقلال ، أكان المراد
منه الموقف القرار المنصف الحر أو المواجهة المتحضِّرة النِّد للند مهما احتاج
المعني من توفيت أقرب أو لزمن أطول يقرُّه كل عاقل .
... الرئيس الأمريكي مهما أبداه
من تغيير ولو طفيف في مواقف مُعيَّنة اتجاه الحرب القائمة في غزة ، فإنما يقوم
بذلك لدرّ غبار الكيل بمكيالي نفس المسؤول المباشر أحياناً عن إزهاق الآف الأرواح
البريئة بغير موجب حق ، في عيون مَن حسبهم لا يفهمون ، وهم الأذكى بما تركوا
عشيقته إسرائيل ، تناشد النجاة من الورطة الخطيرة التي انساقت مِن عنقها لتغرق في
وحل مميت ، وقد لا يقوم لها بعدها قائم مهما حاولت ، يعيدها ولو لنصف ما كانت عليه
، طبعاً سيدرك جو بيدن عدم تقدير الأمور بما يناسب حجم الدولة التي قادها خلال
معظم ولايته لكل الهزائم المعنوية الحاصد بها خسارته المُطلقة في الانتخابات
المقبلة ، ما دام الشعب الأمريكي المحب في مجمله قيم الحرية والتمسك الواقعي
الفعلي باحترام حقوق الإنسان ، فادر على إصلاح وترميم تلك الإدارة الأمريكية التي
حاولت تغيير اسم البيت الأبيض بالأسود ، إرضاء لسياسة عنصرية تنهجها إسرائيل من
أجل مصالحها الضيقة القائمة على اقتلاع شعب فلسطيني من أرضه بآلات فتك أمريكية
الصنع ، وتأييد مطلق يرخِّص ارتكاب مجازر لم تشهد الإنسانية مثيلا لها ، تجعل من
الولايات المتحدة الأمريكية الرسمية التدبير والتصرف ، منبع ظلم لا ظلم بعده ولا
قبله .
... مستشار الأمن القومي الأمريكي
المتواجد حالياً في إسرائيل لتمديد المساندة الكاملة للإدارة الأمريكية بشقيها
السياسي والعسكري ليس إلاَّ ، وما يُقال أكثر من ذلك مجرد إبعادٍ لحقيقة مُرَّة
نسجتها نفاهمات إسرائيلية أمريكية على صعيد يفوق سلطة نتنياهو ، المتروك لحد
الساعة كواجهة تنفيذية لتجربة مؤقتة
متبوعة بأخرى لها زعامات إسرائيلية مهيَّأة لتحمّل مسؤولية ما بعد الحرب على غزة ،
لكنها في حاجة ماسة لانتصار ولو جزئي لجيش الدفاع الإسرائيلي كي لا تنهار هياكل
النظام الزاحف لنحقيق الرؤية الأمريكية في السيطرة بأسلوب جديد على المنطقة بما
فيها إيران ، لهذا تبتعد أمريكا عن أي وقف للحرب على غزة ما دامت المقاومة منتصرة
انتصارا لا يمكن التفريط فيه مهما قابلت من مغريات أولها معسول وآخرها بالتقصير
مغلول .
... لقد فطنت معظم الدول الكبرى
أن الأفضل في الرجوع إلى أخلاقيات التصرفات الانسانسة النبيلة ، التي أظهرت
إسرائيل أنها غير مهتمة إلا بما يحقِّق مبتغاها ولو تطلَّب الأمر ضرب كل القيم
والأعراف والقوانين الإنسانية ، من بين تلك الدول الكبرى أستراليا ونيوزيلندا
وكندا ، حيث جاء موقفها من إيقاف الحرب المدمرة على قطاع غزة ،
الموحَّد والمُشرِّف مُناسباً لمن ضميره حيّ لا يخشى بجهر إعلان الحق لومة
لائم .
**كاتب المقال
مدير مكتب المغرب
لمنظمة الضمير العالمي
لحقوق الإنسان في سيدني – أستراليا.
0 comments:
إرسال تعليق