أَقْبَلَتْ عليَّ حينَ غَرَّة وأَبْتَسَمَتْ وقالت :
هل تعرفني ؟
قلت : يقينا نعم وهذا ما أشعر
قالت : ومنذ متى ؟
قلت : أعتقد من عالم الذَرْ أو العَدمْ
قالت : وهو كذلك يقينا نعم
ثم قالت : أتكرهني أم تحبني؟
قلت : وكيف لبشر أن يكره حياته ؟
قالت : ولكن فيها الكثير المؤلم وفيها الطيب
قلت : وما العجب في ذلك؟
قالت : الكثير يكرهون حياتهم لأنهم عاشوا الآلام؟
قلت : لو يعرفون قيمتها لأَحبوها حتى بآلامها.
قالت عَجَباً : ربما أولَ إنسانٍ يقول هذا .
قلت : أوَ ليست الحياة دروس وَعِبَرْ؟
قالت : بلا
قلت : وهل سمعتِ القول، من علمني حرفاً ملَّكَني عبداً ؟
قالت : نعم سَمِعتْ
قلت : إذا كان الحرف به أمتلك عَبدْ ، فكيف إِنْ كانت دروس وأخرى عِبَرْ ؟
قالت : ستخدمك جيوش وجيوش لا تحصى ولا تُعَدْ .
قلت : أوَ ليس هذا رِبْحْ ؟
قالت : نعم ، ولكن كيف ؟
قلت : الملوك والحكام يصرفون موارد العباد كي يبنوا جيوش ، وحين يتقاتلوا يخسروا
الموارد والجيوش معاً ، وفي نهاية المطاف يكون المنتصر والمهزوم خاسران ، والأكثر من
هذا سيكرههم الناس وتكرههم الحياة نفسها .
قالت : جوابك صائب.
قلت : هذا من لطفك وكرمك
قالت : أشكرك
قلت : ولم الشكر؟
قالت : لصنيع مافعلت وجميل ماقلت.
قلت : بل أنا من يشكرك لطيبة من تكنين
ظاهرا وباطنا .
قالت : وكيف عرفت الظاهر والباطن؟
قلت : أوَ لم تكوني حياتي؟
قالت : نعم نسيت ،
فَتَبَسَّمَتْ وأنا كذلك وعُدْنا معاً نخوض غِمارَ جولةٍ أخرى في دنيا زائلة
لا محالة .
0 comments:
إرسال تعليق