منذ كانت الأحلام
تغزو وسائد الارواح التي لا تعرف من أين تبدأ ولماذا؟
كانت روحه الطرية
مثل ثمرة تمر خستاوي، تلج المعارف التي منحته فيما بعد قدرات استيعاب استثنائية، جلس
عند حافة أحزان وحدته، التي كان ينظر إليها على أنها خروج عن المألوف، ليسيربرفقة سارتر،
الذي كانت طلاسمه الوجودية، تشعره بالخوف وتمنحه بعض من رضا السؤال، قادته الخواطر
الى حيث المسرح، الذي اعتقده كنزاُ لايفنى، ونهر معارف لايعطي غير لؤلؤ القول وعظمة
الفعل، تمنى وهو يقف اول مرة مجسداً، لو ان
الحياة تطير بسرعة نسر لتصل الى غاياته هو، لكن ما يجده سهلاً ، كان اشد قسوة من المستحيل،
اندفع ثانية صوب السؤال الوجودي، ماالذي يدفع الروح الضالة الى الانتماء، ولم يرفض
الاخر الانتماء ليحطم كل وجوداته الروحية والانسانية، الولد الضاج بالامال، شدته تجارب
كولن ولسن، فراح يتابع حروفه مذهولاً، ضاع في سوهو، وعاد مقهوراً، وهو يتسأل، ماالجدوى كل هذا؟
السؤال المدجن
بالاجابات التي لاتصل الى المرامي، دفعته الى خيار الفن، ربما توسد حكايات الن ديلون،
او راح يبحث عن لورنس اولفيه، ومع رفقة طيبة
لعطيل، كانت مسيرته الراجلة، ندفعه الى قلق معرفي، يتبعه آخر.. لم يألف عناوين السعادة
قط، لهذا اراد دراسة اسرار الموسيقى وعنفوانها،
احتضن اثام سالري، وابحر مع بتهوفن، لكنه مالبث ان عاد ليمحو ذاك الذي تعلمه،
وينبش في موروثات الروح الشعبية، ومن خلال هذا النبش ، راح ينصت لاحتجاجات الحلاج،
وقسوة الغزالي، وحكم فصوص بن عربي، سحبه عالم
التصوف، الى هيامات روحية عذبة، ومثل رسائل النفري، كتب رسائله، التي شكلت مزيجاً مدهشاً
بين الشعر وحكمة النفس، المصدومة بتجربة حب
قاسية، ذات جواد محسن، مصدومة لانها لن تصل الى الاخرين، ظلت تجتاز المسافات الطويلة،
وهو يعلن انه يحب النوافذ التي تجعله قادراً على ابصار الله.. وهو يغتسل بأحزان البشر،
الناقد عادل الهاشمي ،(ان جواد محسن ببحث عن ذاته في تلك الرسائل قبل البحث عن الحبيبة،
لقد توحد الانسان بالفنان توحداً حقيقياً في رسائله مفضيا الى عذاب أشبه بالانين،)
شكلت تراجعات جواد
محسن دلالات لم يستطع الاعلان عنها حتى الان، لانه مصاب بقلق التأمل، وفطنة الاسئلة
التي يريد من خلالها الوصول الى كنه المعارف الكبرى، وتلك معظلة رافقت كبار المتصوفة،
وقادتهم الى دروب تيه مارجعوا منها قط، لذا فهي قائمة وتستمد ديمومتها من بقايا الاثار
التي تحولت مع الوقت الى قراءات خارجة من اطر السلوكيات، لكنه يجمع بين كل المزايا
ليخلق معبداً جمالياً خالصاً، لا ينتمي بكليته للشعر، ولا للموسيقى، وظل يتارجح عند
رغبات حنجرته المليئة بالاسى والحبور، يحلم بان يصل بذاته الجمالية ليلتحق بذات الجمال
العليا، وتلك مهمة صعبة، وقاسية.!!
0 comments:
إرسال تعليق