• اخر الاخبار

    الأحد، 20 سبتمبر 2020

    بورتريه ..المناضل الصلب محمود فوده..نصير الفلاحين

      



    كتب : عادل وليم
    ولدعام 1939المناضل الصلب ابن دِكِرْنِس طاقة النور الدافئة التي كانت تملؤني بالراحة والتفاؤل كلما التقيته بشقته البسيطة في المساكن الشعبية بمدينة دِكِرْنِس إحدى مدن محافظة الدقهلية. وهو ما أهاج في نفسي ذكرى يوم لقائنا الأول.
    وكان عهد السادات يقذف إلينا كل يوم بالجديد من القبائح والخيانات والمخاطر
    ثم كانت الطلقة القوية التي أطلقها ميشيل كامل في أول مايو 1975 بالإعلان عن إنشاء (الحزب الشيوعي المصري) فيما اعتُبِر أول كسر لجدار حظر الأحزاب منذ 1953
    وهو ما دفع السادات بعد هذا بعام ضمن أسباب أخرى إلى السماح بتشكيل ثلاثة منابر داخل الاتحاد الاشتراكي ومنها منبر لليسار. وكان من بين أهدافه في ذلك إخراج النشاط اليساري السري إلى العلن
    حيث كانت منظمة في مجموعتين إحداهما للعمل الداخلي تهتم أساسًا بالبناء التنظيمي للحزب والأخرى هي "المجموعة الديمقراطية" التي تضم قادة جماهيريين مثل( رأفت سيف /وعطية الصيرفي/ والشيخ عراقي/ ومحمود فودة/ وفايز عقل /والمتولي شهيب/ وعادل عبد الباقي/) وأحمد حسني (العامل بالسكة الحديد) وإبراهيم وردة/ومعهم عدد كبير من القيادات الطبيعية والعضوية في أماكنها إلى جانب هالة واسعة جدًا من المناضلين المتعاطفين مع الحزب ناهيك عن الرفيق
    (عبد الغفار شكر) وهو مؤسسة متكاملة لوحده
    جاء الرفاق على دفعات كل دفعة اثنان أو ثلاثة،وجاء (سالم سلام أخيرًا ومعه زكي مراد وفاروق ناصف)
    كانت هذه هي اللحظة التاريخية لحسم قضايا استراتيجية كبرى لعل من أهمها تحديد كنه العلاقة بين الحزب وبين منبر اليسار (حزب التجمع فيما بعد) وإحقاقًا للحق لم يقبل أحد من الأعضاء (نظريًا على الأقل) أن يكون المنبر بديلاً عن الحزب وأجمع الكل على ضرورة اتخاذ موقف إيجابي
    وتفتحت في نفسي مسام الأمل كنت أتساءل لحظتها عن نجاح اللقاء بين هذا الجيل من (الفطاحل) الذين يكبروننا سنًا وجماهيرية وبين جيل السبعينيات البازغ الذي مثله في الاجتماع (سالم سلام) وأنا وعبد العزيز عبد الحق (مدير بنك الدم في الدقهلية فيما بعد) ومعنا صفوف طويلة من الشباب اليساري الجدد في الحزب مثل( نصر حلقة ومحسن شبانة ومحمد عبد الحميد وسعد الحنفي وناجي المشد ومحمد حنفي وجمال عبد الباقي وعلاء سلامة وأحمد حاتم ومحمد الزيني وأشرف تاج وسمير الأمير) وعلى مستوى الصورةكنت أتأمل الوجوه أمامي دون انصراف عن المتابعة الدقيقة للنقاش لأتمعن في ذلك التناقض الصوري بين لوني (زكي مراد النوبي) والجالس بجانبه عرفت فيما بعد من خلال ندوة بحزب التجمع أن اسمه ( محمود فودة )
    كان الفقيد (محمود فودة) مضيء الوجه لطيف الملامح وفي عينيه ابتسامة نبيلة مقيمة باختصار كان وجهًا طيبًا بمعنى الكلمة وعندما يتحدث كان لا يطيل، وتعبيراته دائمًا دقيقة وفي الصميم، وتكشف نبرات صوته عن عمق وتحكم بارع في النفس..
    فيما بعد توطدت علاقتنا حيث كان هو مسئول قسم دكرنس
    وتعرفت من خلاله على كوكبة رائعة من المناضلين العضويين مثل الشيخ (محمد رزق) الخطيب الثوري المفوَّه، والمثقف الراقي
    ( عبد العظيم الطريفي) (وكيل وزارة المالية ) والعامل رجب حما والشاعر (هشام قشطة) وآخرين كثيرين لا تسعفني الذاكرة بأسمائهم فقد كان( مركز دكرنس) عامرًا بالمثقفين والعمال والفلاحين أيضًا المناضلين، مع تواصل حميم بين الأجيال والفئات والتيارات.
    أما (محمود فوده) فقد كان القائد الجماهيري المعشوق لأهالي بندر دكرنس وكم كنت أخشى السير معه في شوارع مدينته
    حتى لا أثير الشبهات الأمنية حول علاقتنا التنظيمية السرية فقد كنا نقطع المائة متر فيما لا يقل عن ساعة بسبب كثرة السلامات والمناقشات كنت بسبب هذا لا أذهب من المنصورة إلى دكرنس مباشرة، وأقوم بعمل مناورات حركية واسعة قبل الذهاب، حتى أصل إلى بابه ويرحب بي ابنه ياسر ذو الوجه الآسر والأدب الجم.
    كان( محمود فودة) واسع الثقافة، وعميق التحليل، دون تعالٍ أو غرام بالاقتباسات، وإلى جانب نضاله الديمقراطي العام تخصص أكثر في الدفاع عن قضايا الفلاحين، واكتسب ثقة الكثيرين منهم في طرحه وفي شخصه. وكان إلى جواره في هذا النضال الفلاحي العضوي "الزعيم(" محمد طه) الذي اختطفه الموت مبكرًا.
    كان بإمكان( محمود فودة) ودون أي تعب أن يصبح من نجوم السياسة المصرية الرسمية بتقديم بعض التنازلات لنظامي السادات ومبارك. لكنه قبض على الجمر وتمسك بنبل الموقف الثوري( وتعرض لكل المضايقات) من حبس وضيق في الرزق، لكنه كان يسبح في بحر من المحبين والمؤمنين به، وكان في هذا ما يكفيه ويسعد روحه الشعبية الأصيلة.
    هاهو( محمود فودة) قد ولج طريق الرحيل.. وتلح عليّ في هذه الواقعة الحزينة فكرة التواصل بين "أجيال" اليسار.. فقد كان هذا الرفيق الأكبر سنًا على أتم الاستعداد لقبول "التوجيهات" المنقولة إليه عن طريق رفيقه الشاب، بل كان القديم يساعد الجديد في تطوير نفسه وثقافته وأساليب عمله..
    إن مناضلاً صلبًا وصادقًا مثل( محمود فودة) لا يجود به الزمان كثيرًا.. وفي كل جيل، وفي كل مكان، يمكن أن ينبت( محمود فودة) جديد. فلنساعد جميعًا في توفير المناخ الصحي الذي يسمح لهذا النبات أن يبزغ.
    أما أنت يا صاحبي ورفيقي ومعلمي.. فلا أملك التفوه بكلمة الوداع، لأنك حاضر دائمًا في روحي منذ لقائنا الأول قبل أكثر من أربعين عامًا مصطفى الجمال وقد رحل الصديق والمعلم في عام 2016 عن عمر 76عاما سلاما لروحه
     
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: بورتريه ..المناضل الصلب محمود فوده..نصير الفلاحين Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top