تشهد الثقافة في
عصرنا الحاضر تغييرات جذرية في مفاهيمها السامية ، ولاسيما في النواحي الدينية والإنسانية
وتبعاتها للسمو والإرتقاء والعطاء اللامحدود ، وحب الخير ، ونبذ روح التفرقة والأنانية
البغيضة ، لكن البعض منا يفصل ثقافته على مقياس عقليته ، فالعقل والثقافة خطان متوازيان
، وبينهما علاقة عكسية ، فكلما نضجت عقلية المرء منا ، كلما اتسعت أبعاد ثقافته ، والعكس
صحيح أيضا ، وما شد إنتباهي عند كتابة مقالي هذا ، رؤية الكثير من الكتاب العرب يصعدون
سلالم الثقافة بكل سلاسة وأريحية ، وكلما زادت ثقافته ، كلما انحرف عن مسار الدين وشذ
عنه ، وكأن من علامات نضوج المعرفة عند المثقفين الخوض في الإلحاد ونكران الخالق ،
وكأن عقلهم الذي لايساوي حبة خردل في عظمة هذا الكون المذهل قد اكتمل نضجه وتوسعت مداركه
، هذا العقل الذي ميزنا به رب الكون ، وكرمنا به دون سائر مخلوقاته ، أفيعقل أن يخلقه
الله لنا لننكر وجوده ، ونجحد في عظيم عطاءه ؟!
هل أصبحنا ملمين
بكل علوم الحياة حيث لم يتبقى لنا سوى التكييف الذي يعطل مكانة الذات الإلهية ، نتمادى
في تكييف الوجود الإلهي وماهيته ، لنعطل هذه المفاهيم المقدسة عن مكانتها العظمى ،
ألم يتبقى لنا سوى كسر حواجز العقيدة والنط فوق أسوارها ، وتجاوز كل الخطوط الحمراء
التي حذرنا الخالق من إجتيازها ؟! ، وله في ذلك شأن ، الخالق يعلم محدودية العقل البشري
الذي صنعه بذاته ، ويعلم أن من يسعى وراء تكييف الذات الإلهية سوف يصل إلى مرحلة اللا
عودة والإنهيار الفكري ، وربما يصل في نهاية المطاف إلى حد الجنون دون أن يحصل على
مراده ، فعقله المحدود الرؤى عاجزا عن فهم مالا يطيق تخيله وأصغر من أن يستوعب عظمة
ماهو مقدم عليه ، نجد الكثير من الكتاب يعلنون إلحادهم والمضي في طريق العلمانية واللا
إنتماء ، والغريب في الأمر أن الكثير يلتفون حولهم ، هل جاءو من فراغ ؟ أي ثقافة عمياء
هذه ؟! ، لم كل هذا الغلو المبالغ فيه ؟!
إنكار الذات الإلهية
ليس إلا دليلا قطعيا من دلالات النقص الفكري الثقافي والمعرفي ، ودليلا على البعد عن
الله ، لن تنال الشهرة بمثل هذه التراهات والمقالات العقيمة ، ثب لرشدك ، أعظم من شأن
الخالق تنل أجرا ، تزدد قربا منه ، فيزدك علما نورا ويقينا ...
0 comments:
إرسال تعليق