تصدرت جملة " بسملة تلميذة سوداء " مؤشرات البحث العالمية "غوغل" في الأيام القليلة الماضية ، وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد تداولت صور التلميذة " بسملة "وما تعرضت له من خطأ غير مقصود من معلم اللغة العربية بمدرسة الشهيد محمد جمال صابر بالسنانية التابعة لإدارة دمياط التعليمية ، والذى يدعى "سامى دياب " ، وشنت القنوات الإعلامية والصحف هجوما عنيفا على المعلم ، واتهموه بالعنصرية، ناهيك عن المطالبات الغوغائية من متابعي مواقع التواصل الإجتماعي بمحاسبته الفورية..
وكان وزير التعليم الدكتور طارق شوقي قد قام بدعوة التلميذة " بسملة " لمكتبه لتقديم الاعتذار لها، والتأكيد أنه ضد التمييز أو التفريق لأي سبب، كما قامت الدكتورة منال ميخائيل محافظ دمياط بزيارة المدرسة أثناء الطابور المدرسي وتقديم بوكيه ورد مصحوبا بقبلة على رأسها واعتذار عما بدر تجاه التلميذة، والتأكيد على رفضها لهذه التصرف ..
وكانت النيابة العامة بدمياط قد أمرت، مساء الثلاثاء الماضي، بحبس المعلم 4 أيام على ذمة التحقيقات بتهمة التنمر والخروج عن مقتضيات الواجب الوظيفي بالإساءة للتلميذة بسملة على عبدالحميد عبدالله بالصف الثاني الإعدادي بالمدرسة ..
وكان دياب قد نفى في تحقيقات النيابة تعمده الإساءة للطالبة وقال أنه لم يقصد التنمر بها أو السخرية منها، وقال إنه قال عبارة " بسملة تلميذة سمراء " وليس سوداء كما تردد، وأشار إلى أنه اعتذر لها عما سبب لها من ضرر نفسي غير مقصود على حد قوله، وأوضح أن بشرته سمراء وليس من المنطقي أن ينعت غيره بنفس الوصف، لافتًا إلى أنه خطأ غير مقصود ..
إنتهت مشكلة " بسملة " بالإعتزار لها ، وأخذ حقها إعلاميا وجنائيا ومعنويا ونفسيا ، لكن لم تنتهي مشكلة المعلم ، ولن تنتهي مشاكل العملية التعليمية ...
فقد تكلم الكثير من المفكرين والكتاب عن مشاكل التعليم سابقا وكتبت (بفتح الكاف) ، وكتبت ( بضم الكاف ) الكثير من المقالات سواء فيما يخص العملية التعليمية ، أو ما يخص المعلم ، والذى يعتبر أساس العملية التعليمية وجوهرها ، ولكننا اغفلنا اهم ما يفيد التعليم والعملية التعليمية الا وهو الاهتمام بالقائم على نجاحها وهو ( المعلم) ، نعم اعيد واكرر أنه ( المعلم ) وليس الوزير، ولا المدير ، ولا المشرف ، ولا غيرهم من مناصب التعليم .
قرأنا سابقا، وحتى يومنا هذا نقرأ في الصحف وعبر القنوات التليفزيونية ما يحدث لبعض المعلمين في مناطق مختلفة من ضرب واهانة على ايدي طلابهم!!!
قبل عام تقريبا طالعنا بمزيد من الحزن والأسف الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم بتصريحاته الغريبة والعجيبة ، في جريدة أخبار اليوم الصادرة صباح يوم السبت 2 سبتمبر 2017 في النسخة الإلكترونية والنسخة الورقية، ووجدناه يكرر كلاما غثا لا يسمن ولا يغني من جوع ، وقد ذكره معالي الوزير أكثر من مرة في لقاءات وحوارات عديدة متمسكا" بوجهة نظره الخاطئة ، قائلا" " ان المعلم لا يهمه سوى زيادة راتبه مع أنه غير كفء وأنا لست فى حاجة إليه"
ولم تنتهي تصريحات المسئولين عن إهانة المعلم ، فقد اثارت إهانة محافظ المنوفية للمعلمين ردود فعل غاضبة من المعلمين ، فقبل يومين تقريبا فوجئ المعلمون بمدرسة «المساعي المشتركة» في شبين الكوم اثناء زيارة سعيد عباس، محافظ المنوفية، للمدرسة ، بتوجيه المحافظ عبارات تحمل إهانات وسخرية للمعلمين على أشكالهم وملابسهم ، وذلك في طابور الصباح ،ووأمام مسمع ومرأى من الطلاب ومسئولي الإدارة التعليمية قائلا " دى أشكال معلمين "، وقام بتحويل معلم للتحقيق معه بديوان عام المحافظة ، وخصم شهر من راتبه ، وإيقافه عن العمل لمجرد رده على سيادة المحافظ ، ومحاولة دفاعه عن زملاءه المعلمين ..
السؤال هنا
----------------
لماذا ينظر المجتمع للمعلم على أنه الوحش الكاسر ؟ ، ويلبسه ثوب الذنب فيما تتعرض له العملية التربوية من إنتكاسات ومشاكل عديدة ، فقد صور الإعلام الهابط المعلم بالمتوحش الذي لا يهنأ له بال إلا بضرب طالب هنا أوشتم وإهانة طالب هناك ، ووصفه الآخر بأنه مفرغ تماما من العلم ، وثالث تطاول فقال عنه بأنه بلا ضمير ، ورابع وخامس وسادس.... وكأن لا مشكلة تواجه المجتمع والعملية التربوية إلا هذا المعلم المجرم ، ووصل الحال بالمعلم أنه بات يخاف من النظر بعينه إلى الطالب وهذه حقيقة . فكيف لهذا المتوحش أن ينظر للطالب بنظرة غير لائقة ، أو يشتمه أو يضربه .
أولا : نحن ضد شتم الطالب أو ضربه أو إهانته ، فإن حدث أن تجرأ معلم هنا أو هناك واستجمع قواه ووجه صفعة للطالب أو ضربه بعنف فهذه أولا حالات شاذة لا يقاس عليها التعميم ..
ثانيا :، لماذا لا يتم سؤال المعلم عن السبب ؟ أليس من الممكن أن يكون الطالب نفسه قد تمادى وتجاوز كل الحدود مع معلمه ؟! ...
أما آن الأوان أن نشخص المرض كما هو بلا أى مجاملة أو مداهنة لأحد !
أما آن الأوان أن نضع جميع المشاكل التي تعاني منها العملية التعليمية نصب أعيننا كي يتم اتخاذ القرارات الجريئة والمنطقية لخلق الحلول !
فالمشاكل التي تواجه العملية التعليمية في مصرنا الحبيبة كبيرة وكثيرة ، لكنها ليست مستحيلة الحل .... كل ما تحتاج إليه هو الصدق والعمل والإخلاص وحب الوطن ..
سؤال أخر يطرح نفسه
------------------------------
هل يعقل ان يهان المعلم ومن الجميع ، وبهذه الطريقة ، وهو الذى يحمل مهنة الانبياء والرسل ؟
الا يستحق هذا المعلم أن تهتم وزارته بمشاكله وارجاع هيبته وكرامته التي كانت محفوظة له في السابق ، فلم نسمع في الماضي عن معلم يهان او حطت كرامته ، بل كنا ومازلنا نكن للمعلم كل تقدير واحترام ، وكنا نعتبره كالأب والأخ والقدوة الحسنة .
!لماذا يهان المعلم ؟لماذا على الرغم من انه صانع الرجال ؟
أليس هذه هو المعلم الذى صار على يديه الطبيب طبيبا ، وبيده الملأى بالتباشير صارت يد المهندس تلف بالحرير !فيبدع ويخرج لنا فن العمارة والزخرفة والكثير الكثير ، وهذا محامي تخرج على يديه واصبح يخطب بلسان طليق ولغة عربية واسلوب مقنع الم يتعلم من المعلم الاقناع والامتاع ؟ الم يكن له قدوة يقتاد بها الى ان وصل لهذا ؟ ، وذاك قاض وصل لأعلى المناصب فاصبح يحكم بالعدل بين الناس انسي هذا القاضي يوم كان طالباااا وحصلت بينه وبين زميله مشكلة في ساحة المدرسة فذهب للمعلم ليقضي بينهما ؟؟انسي هذا القاضي يوم انصفه المعلم وحكم لصالحه بعد ما ثبتت براءته ؟
وبعده ضابط برتبة عسكرية ما حصل عليه ، الا بالعلامات التي كان يكسب فيها رضى المعلم ليجمعها ، وغيره وغيره وغيره وقس على ذلك جنس حواء .
وليعلم الجميع أن أكبر وأشد الإهانات للمعلم عدم الثقة فيه ومعاملته على أنه سبب ضعف التعليم مع أنه آخر الأسباب وأضعفها ؛ فطريقة اختياره ضعيفة وتدريبه غير مناسب ودفعه للإمام يسير ببطء السلحفاة ومكانته في المجتمع تسير إلى الخلف.
وجولة في البلاد الأولى في التعليم مثل فنلندا وسنغافورة وكوريا واليابان تعطيك إجابة على معنى المعلم الحقيقي الذي يفخر بمجتمعه ويفتخر مجتمعه به ؛ فطريقة اختيار المعلم وتأهليه وإعطاءه حقه وتحفيزه والثقة المتبادلة بينه وبين المجتمع كلها تجعل عملية التربية والتعليم تسير إلى الأمام ولا مجال فيها للرجوع إلى الوراء.ولم يأت هذا بين يوم وليلة بل استغرق عقودا من البناء والتقويم.
0 comments:
إرسال تعليق