مما يسعد صدورنا أننا بتنا نرى من شعراء عصرنا هذا شعراءَ نافسوا شعراء الجاهلية بل قد فاقوهم مكنةً وأصالةً في عصر الصعوبات والعراقيل المتعددة في زمننا ورغم هذا وذاك يبزغ من بينها عمالقة الشعر الأصيل الموزون بقوافيهم وأبياتهم الدسمة الثقيلة التي من الصعب أن تكتب بسهولةٍ من بين هؤلاء العمالقة الشاعر الجزائري الكبير والملقب بشاعر البيضاء الأستاذ نور الدين العدوالي
فمع قصيدته السامقة أترك القارئ الكريم ليتأمل في مفرادات هذه القصيدة التي هي من العيار الأدبي الثقيل .
هذا الهَزارُ إذا شَدا مَخْنُوقَا
أنَّى لَهُ يَرْقَى السَّما مَرْمُوقَا؟!
كَمْ شَنَّفَ الأَسْماعَ كَمْ هَزَّ الوَرَى
مِنْ لَحْنِهِ فاحَ الشّذا مَنْطُوقَا
نـثَرَ الجَمالَ عَلى قُلُوبٍ ما رَأََتْ
غيْرَ العَذابِ، فزادَها تَحْلِيقَا
ما لَوَّنَتْ يَوْمًا سَمَاها لَوْحةٌ
شِعْرِيَّةٌ ما ضَمَّدَتْ مَحْروقَا
حَطَّ القصيدُ هُنا هَوادِجَ شاعرٍ
فَازَّيَّّنَتْ أنْواقُها تَزْويقَا
جَمَعَ العَنَادِلَ حَوْلَهُ وَ دَعَا الوَرَى
فَتَمَايَلوا وَ تَمَتَّعوا تَصْفيقَا
حَسُّونُ رَوْضَتِنا بَكَى مُتَألِّمًا
أَهْلُ الثَّرَى كادُوا لَهُ تَلْفيقَا!
قالُوا : كفانا ، كَمْ سَمِعْنا شَدْوَهُ
غَنَّى كثيرًا ،زادَنا تَضْيِيقَا !
مُذْ حَلّ فينا عازِفًا، سَرَقَ النِّسَا
وَفُؤادُهُنْ نَحْوَ الهَوَى قَدْ سِيقَا
وَ بَناتُنا يَعْشَقْنَ عُشًّا دافئًا
كَمْ زادَهُ عُصْفورُنا تَنْميقَا!
تِلْكَ الّتي مِنْ حُلْمها لَوْ يكْتَوي
كَبِدُ الهَزارِ ،تَزِيدُهُ تَمْزيقَا !
عَكَفتْ تُصَوِّبُ سَهْمَها لِتَصِيدَهُ
وَ لَقَدْ هَفَتْ :أَعْذِبْ بِهِ مَخْلوقَا!
و الخِلُّ يَزْعُمُ مُعْجَبًا في مَحْفَلٍ
و الغِلُّ في قَلْبٍ حَوَى إبْريقَا
فإذا رأى الغِرّيدَ، ضَمَّ فُؤادَهُ
دَوَّى كَرَعْدٍ : يا لَهُ مِنْطيقَا!
قولوا بِرَبِّكُمُو: مَتَى نَحْيَا بِلا
أَشْعارِهِ ، كَمْ خِلْتُهُ مَسْحوقَا ؟!
يا سَادَتِي: ذا الفَرْخُ زاحَمَنا و لَمْ
نُعْلِنْهُ مِنْ بَيْنِ الوَرى زِنْديقَا!
إنْ دامَ صَمْتُ فُحُولِنا ،عَمَّ الدُّنى
ذَا العَنْدَليبُ بِأَرْضِنا مَعْشوقَا!
وَ سَتَكْشِفُ الأَيّامُ زُورَ حَدِيثِنا
يا وَيْحَ تِبْرٍ إنْ بَدَا مَسْروقَا!
جَمَعَ العُلوجُ صِغارَ طَيْرٍ في تَلا
قٍ لانتشاءٍ زادَهُمْ تَشْويقَا
رَقَصَتْ تَفاهاتٌ على رُكْحِ القَذَى
و المُلْتَقى أمْسَى هُنا مَمْحُوقَا
يا طائرًا دَعْ عَنْكَ أَعْشَاشَ الثَّرَى
ما نَفْعُ أَرْضٍ عُمِّرَتْ بِطْريقَا؟!
حَلِّقْ بَعِيدًا لا تَعُدْ إلّا كَمَا
مَلَكِ السَّمَا زادَ المُنَى تَصْدِيقَا
أوْ مِثْل بَدْرٍ زارَ بَيْتَ أمِيرةٍ
في قلْبِها باتَ الهَوَى مَطْروقَا !
أوْ مثْل قِنْديلٍ يُضيءُ قصيدةً
زادَتْ عُرَى عُشَّاقِها تَوْثيقَا
*شاعر البيضاء نورالدين العدوالي / عين البيضاء / الجزائر
22 ربيع الأول 1440 هج الموافق 29 نوفمبر 2018
0 comments:
إرسال تعليق