أن مجلس الشورى تم إلغاءه بالإرادة الشعبية وفق احكام الدستور الساري الذي الغائة بناء علي أرادته السياسية فالشعب هو المنشئ للدستور وهو الذي تم الغائة من خلاله أن الأوضاع السياسية تحتاج لتنشيط الأحزاب والحياة السياسية، وأنه عند الحديث عن غرفة أخرى للبرلمان فهو نوع من النظم السياسية المقلوبة اما في الدول العربية، كما في سائر دول العالم الثالث الموحدة فإن السائد اليوم هو الأخذ بنظام المجلس الواحد، ولو ان بعضها كمصر ولبنان، جرّبت الثنائية في السابق،
فالشعب «لا يتألف من أفراد فحسب بل ومن جماعات متميزة عن الأفراد ولذلك يجب ان يتألف البرلمان من مجلس واحدة لوحدة ارادة الشعب التي تبني على وحدة وسلامة أراضيه لان ثنائية المجالس فهي تتلخص في تعارضها مع وحدانية الأمة ووحدانية تمثيلها ومع مبادئ الديمقراطية في وجود مجلسين تتناقض قراراتهما أحياناً مع استنادهما معاً إلى الإرادة الشعبية بما يؤدي إلى قيام منازعات بين المجلسين وما يقتضيه ذلك من وضع أسس الحل لهذه المنازعات تمّ تسببها في بطء العمل التشريعي حتى الشلل أحياناً.
لهذا فقد اخذ دستور 2014 بالنظام السياسي المختلط او شبة رئاسي وهي نظم وسط بين النظامين البرلماني والرئاسي، حيث إنها تجمع بين بعض خصائص كل منهما، والنظم شبه الرئاسية تبدو أقرب إلى النظم البرلمانية حيث إنها تأخذ بخاصتين هامتين من خصائص النظم البرلمانية، فهيئة التنفيذ مركبة من عنصرين هما رئيس الدولة والوزارة، كذلك فإن الوزارة مسئولة سياسياً أمام البرلمان وبما قد يؤدى إلى إسقاطها إذا ما فقدت ثقته، وذلك في مقابل حق هيئة التنفيذ في حل المجلس النيابي. وواضح من هاتين الخاصتين مدى التشابه بين النظم الرئاسية والنظم البرلمانية.
إلا أن هناك فارقاً أساسيا بين النظم شبه الرئاسية والنظم البرلمانية، ويتمثل في طريقة تعيين رئيس الدولة والاختصاصات التي يمارسها بنفسه، حيث تقترب النظم شبه الرئاسية في هذا الجانب من النظم الرئاسية، إذ تأخذ بخاصة تولى رئيس الدولة اختصاصات يمارسها بنفسه من غير حاجة إلى توقيع أحد الوزراء، ويظل مع ذلك غير مسئول عن ممارستها أمام المجلس النيابي، حيث إنه يتعين بالاقتراع العام، وتلك خاصة يجاوز بها سلطات رئيس الدولة في النظم البرلمانية إلى حدٍّ يقترب بها من سلطات الرئيس في النظم الرئاسية.
إن النظام السياسي أحد أسس وأركان الدول ويعمل جاهدًا من أجل السير بالدولة والمجتمع نحو الاستقرار وتحقيق التنمية الشاملة فيه، وأن لا يكون نظام مهيمن على الدولة وجاعلا منها مطية له في الاستحواذ على السلطة ومنافعها وممارسة إقصاء شديد اتجاه الآخرين، وإذا كانت أهمية النظام السياسي كذلك، فان شكله وطبيعته وشرعيته تعتبر مهمة في تحقيق ذلك؛ لذلك نجد الأدب السياسي والقانوني سعى قديما وحديثا من أجل تطوير أشكال النظم السياسية تكون فاعلة وقادرة على مواجهة التحولات الكبيرة التي تمر بها المجتمعات. وقد اجتهد علماء القانون والسياسة في تصنيفهم لأنظمة الحكم في أي دولة من دول العالم؛ إذ من حيث الشكل إلى نظام حكم ملكي ونظام حكم جمهوري ومن حيث صورة الديمقراطية إلى أنظمة دكتاتورية وأنظمة ديمقراطية، وهناك أنواع متعددة للديمقراطية (ديمقراطية مباشرة، ديمقراطية شبه مباشرة، ديمقراطية نيابية)
و من حيث تنظيم العلاقة بين السلطات الثلاث (تشريعية ، تنفيذية ، قضائية ) إلى النظام الرئاسي والنظام البرلماني ونظام حكومة الجمعية النيابية نظام شبه رئاسي وإذا كانت المجتمعات تختلف حضاريا وثقافيا واقتصاديا ولكل منها تجربته الخاصة، فمن الطبيعي أن نجد في كل منها نظام سياسي يكون انعكاسا لذلك حيث يصطبغ بصبغة مرحلته التاريخية بكل ظروفها وأبعادها،
وإذا كان تركيز الحديث هنا على النظم الليبرالية التي تعتمد على مبدأ الفصل بين السلطات وإن كان بدرجات متفاوتة، و التي ترتكز كذلك على مبدأ التداول السلمي للسلطة وتسعى من أجل تحقيق توزيع عادل للسلطة والثروة، نجد بأن هذه النظم تختلف فيما بينها بالرغم من كونها ترتكز على ذات الفلسفة الليبرالية، ولكن مع ذلك نجد أكثر من شكل ونوع كل منها يكون نتاج تجربة هذه المجتمعات في سعيها نحو تحقيق الاستقرار السياسي والوصول الى نظام سياسي قادر أن يعبر عن إرادة الشعب ويحول دون استفراد أحد بالسلطة وتحقيق منافع على حسب الآخرين.
كل نظام سياسي يعمل على ضمان استقراره واستمراره، وإذا ما أحس بعملية تهديد لكيانه فإنه يلجأ إلى ما يسمى البحث عن وسائل التأييد وعادة ما يستخدم الوسائل الذاتية المتوفرة لديه لكن أحيانا لا تكفي هذه الوسائل فيلجأ إلى الوسائل الخارجية أي الخارجة عن بنيته مثل عقد التحالفات، إلغاء قرارات سابقة، الاستجابة لبعض مطالب الجماعات الضاغطة، التقرب من الأحزاب المعارضة، اللجوء إلى مخاطبة الجماهير مباشرة لجلب التأييد وتخفيف الضغط.
لكن في حالة عدم تمكن النظام السياسي من حماية نفسه فالنتيجة هي سقوط هذا النظام وصعود نظام سياسي جديد وهي أشبه بصراع البداوة والعمران عند ابن خلدون، هذا إذا كانت قواعد تأسيس الأنظمة السياسية واضحة وشفافة ومضبوطة وبعبارة سياسية القواعد الديمقراطية. لأن الكثير من أنظمتنا السياسية في عالمنا العربي يختلط النظام السياسي بالدولة فيقوم هذا بتسويق فكرة أن سقوطه قد يؤدي إلى سقوط الدولة في حد ذاته.
لا يخفى على أحد الدور الهام الذي تقوم به المجالس النيابية المنتخبة في الدفاع عن مصالح الشعوب ودعم جهود أبنائها وطموحاتهم المشروعة. وقد أثبتت تجربة مصر النيابية عبر العقود الماضية محورية الدور الذى يقوم به البرلمان خلال مسيرة الوطن شهدت الحياة السياسية المصرية طفرة من الحراك الشعبي باندلاع ثورتي 25 يناير و30 يونيو أعقبها عدة انتخابات تشريعية تمخضت عن انشاء البرلمان الحالي بموجب دستور 2014 والذى استفتى علية الشعب في 18 يناير 2014 والذى اعاد نظام الغرفة الواحدة ليصبح البرلمان المصري تحت مسمى مجلس النواب عام 2016 ويعد المجلس الحالي طفرة غير مسبوقة في تاريخ الحياة النيابية في مصر سواء من حيث الاختصاصات التي انيطت اليه بموجب دستور 2014 أو من حيث تشكيله الفريد والذى يضم لأول مرة (90) سيدة بنسبة (15%) من أجمالي اعضائه بالإضافة الى تمثيل ذوى الاعاقة بـ (9) اعضاء والمصريين في الخارج بـ (8) اعضاء فضلا عن نسبة الشباب تحت 25 عاما والتي تصل الى ما يربو عن ربع اعضاء البرلمان ليصبح برلمان 2016 علامة فارقة في تاريخ الحياة النيابية في مصر تسطر بحروف من نور فصلا جديدا في سجل تاريخها النيابي العريق الذى يعد ملحمة وطنية متفردة يشهد فيها التاريخ على عمق وعراقة التجربة البرلمانية المصرية بين برلمانات العالم.
غير أن تطور الممارسة الديمقراطية ينبغي ألا يقف عند حدود معينة، طالما أن هنالك مساحات أرحب لهذه الممارسة يمكن ارتيادها من أجل فتح آفاق أوسع لمزيد من الديمقراطية. تعد العملية التشريعية عملية اساسية وخاصة لا انها تنظم مختلف اوجه النشاط البشري، وعليه لابد ان تحاط هذه العملية بالدقة لكي لا تكون عرضة للتغيير والتعديل السريع، لذلك يعتقد البعض بانه يجب الا تتسرع السلطة المختصة في اصدار هذه التشريعات، كما ويعتقدون ان نظام المجلسين يحد من هذا التسرع ويضمن اصدار التشريعات بعد التدقيق والتمحيص.
0 comments:
إرسال تعليق