• اخر الاخبار

    الاثنين، 15 أكتوبر 2018

    منيرة بلقاسم تكتب من تونس عن :دونكيشوت ينتصر

     



    مدينة الثقافة انجاز عظيم تم في تونس. يخيل لزائره انه في قصر من قصور الماضي البعيد. هذا المعلم المهم اعطى للثقافة العربية قيمة ومعنى  وحمس المثقفين على الالتقاء بين احضانه وزادهم  الهاما وقدرة على الابداع ودفعهم دفعا الى العطاء والى إيلاء الابداع اأهمية كبرى  وادركوا انهم مهمين في الحياة وليسوا مهمشين. يخيل الي ان مدينة الثقافة مكان للعبادة والصلاة..يا الله كم هي شاسعة قاعاتها وكم هي بديعة زينتها وزخرفتها.....كم هي خفيفة روحها ونسيمها المعطر باطيب العطور   رغبت في  ان اجري..اجري في قاعاتها ذات السطوح العالية الضخمة الرهيبة....قد ان الأوان ان نلبس ثقافتنا زي المجد زي الابداع البناء ..الابداع الذي يعطي زهورا وفواكه...الله معك يا بلدي...قد حملت بأروع مولود ووضعته وسط الزغاريد والافراح واللقاءات البديعة ...الان ليس لثقافتنا ومثقفين من سبب لتقهقر او لجفاف العطاء....مدينة الثقافة ترحب بالقادمين عليها وتقدم لهم الطعام اللذيذ والشراب الالذ...مدينة الثقافة منزل شاسع كبير يبتسم في وجه زائريه ويحتضنهم بحرارة...الله معك يا بلدي يا من احتويت مكانا غاية في القداسة وخدمة الإنسانية...في مدينة الثقافة رقص وغناء وارواح تستمتع واجساد تتنفس بعمق .مدينة الثقافة هامة عظيمة جلست بكبرياء وسط العاصمة لكأنها الملكة التي تامر وتنهي وهي جالسة على عرش التاريخ. لكم ان تعدوا كم استقبلت من زائر. لكم ان تعدوا كم من القلوب اسعدت وكم من الكلمات قيلت في رحابها لكم ان تعدوا كمن من الابتسامات أضاءت  مجالسها. استقبلت مدينة الثقافة البطل دونكيشوت وقد دعي من خلال ندوة صحفية دامت ثلاثة أيام.  ادهشنا دونكيشوت وصار يروق لنا الحديث عنه وقد شغل الناس على مدى قرون..ولا غرابة

    في الامر ان تزداد الرواية توهجا ويزداد اهتمام الناس بها وقد حولت الى المسرح والسينما وترجمت الى كل اللغات.  وجعلناها كذلك   حكاية شعبية   بطلها رجل نحيف   يحارب طواحين الهواء ظنا منه انها أعداء. رواية دونكيشوت بنيت على الطرافة ما جعلها ترسخ في اذهان الناس. ثربانتاس خرج عن المألوف مستنبطا حكاية غريبة ارتقت بها الى الخرافة التي تحكى في المجالس. والأكيد ان الدعابة التي عجت بها الرواية هي سبب نجاحها وانتشارها

    اما قراءة كتب الفروسية التي ادمن عليها دونكيشوت هي السبب الوجيه والمنطلق المنطقي الذي انطلقت عليها الرواية والسبب الذي حبب لدونكيشوت الفروسية واصبح يحلم بان يكون فارسا.ولذلك انطلق في مغامرة غير مدروسة وسائلها بالية كالسلاح المتأكل الذي استعمله في الحرب ضد الأشرار لعل الرجل قد صارت لديه نزعة الفارس وصار من الصعب عليه ان يتخلص منها لماذا نرى في دونكيشوت بطلا وهو لا يعدو ان يكون ابلها قد اقدم على عمل غير مدروس كانت نهايته الفشل لا احد يستطيع ان ينفي غزارة الخيال لدى ثيربانتس وقليلون من الكتاب من تجد لديهم هذه الملكة ولان التصور لديه كان شاسعا فقد كانت الرواية تعج بالطرافة.. طرافة الاحداث  الغريبة وبطلها  دونكيشوت النحيف الطويل الراكب لحصان هزيل. وقد كان دنكيشوت يحمل سلاحه المتاكل بخيلاء وكانه على يقين من النصر والى جانبه  ركب شانسو حناره وهو يتبع سيده في طاعة وخضوع وكل من يتذكر دونكيشوت يتخيله وهو يصارع طواحين الهواء فيضحك وينتشي لما يتصوره والطواحين تلقي به ارضا. هذا كل ما يشد الناس لرواية دنكيشوت. رجل يصارع الطواحين الهوائية اية سذاجة.نحن نبحث دائما عن بطل مثل دنكيشوت يضحكنا ويجعلنا نبحث عن امثاله في كل مكان . اننا نبحث دائما عن شخصية طريفة تعيش معنا ولا تموت. الشخصية الطريفة التي نذكرها في كل حين وتكون مصدر هزلنا ودعابتنا. وان وجدنا ضالتنا في دنكيشوت فاننا تمسكنا بها وعشنا معها وما استطعنا الاستغناء عنها او تجاهلها. ولقد عرف دنكيشوت بالرجل الابله الذي يصارع الطواحين ظنا منه انها اعداءا لا بد من القضاء عليها وهنا تظهر شخصية الرجل الطيب ليزداد حب الناس له. ورواية دنكيشوت هي حكاية شعبية ثرية بالمواقف الهزلية.  .

    وفي مدينة الثقافة في تونس العاصمة وبالتحديد في بيت الرواية عشنا فعاليات الندوة الصحفية ..(.دونكيشوت .ضرورة الحلم)

    وللحقيقة فإنني أرى ان دونكيشوت ليس بالرجل الحالم وانما أراد ان يجسد ما قراه في كتب الفروسية لا غير. فلكي نحقق الحلم وجب علينا توفير الأدوات القوية والتخطيط المدروس بحكمة. دونكيشوت اعطانا امثلة رهيبة في الفشل وهذا ما لا نحتاجه او نرغب فيه. رواية دونكيشوت هي محبطة للعزائم باعثة لليأس وقد مات البطل في النهاية دون ان يسجل أي انتصار. ولكن انتصار ه كان عظيما من الجانب الإنساني وهو الذي يمنحنا الابتسامة ويحي فينا روح الدعابة ولكل منا ان يأول الرواية بالطريقة التي تحلو له ويراها صائبة من وجهة نظره.

    **كاتبة المقال 

    روائية تونسية

     

     
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: منيرة بلقاسم تكتب من تونس عن :دونكيشوت ينتصر Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top