تغيرت القيم
والمبادىء ،ولم تعد هناك أعراف ولا تقاليد فى هذا الزمن الردىء..فكنا فى الماضى –
الذى أصبح ذكرى جميلة نشاهده فى أفلام الأبيض والأسود ونشتاق إليه- نتجمع فى حجرة واحدة كل ليلة نشتكى
لبعضنا البعض ،ونتسامر أحياناً وكل خميس آخر كل شهر نلتف حول المذياع لسماع صوت
الست "ام كلثوم" ،وفى مباريات الأهلى والزمالك نذهب فرادى وجماعات عند
أحد أبناء القرية الذى أنعم الله عليه بسفرية إلى بلاد النفط ونشاهد المباراة
لكونه بمتلك تليفزيون 14 بوصة "توشيبا او تليمصر".
واقصى شىء
ممكن عمله بعد انتهاء المباراة إما ان يخرج مشجعى الفريق الفائز ويكتب بالطباشير
نتيجة المباراة على الجدران نكاية فى مشجعى الفريق المهزوم ،وإذا احتدم الأمر يتم
الإتفاق على إقامة مباراة بين مشجعى الفريق الفائز والفريق المهزوم ..وبمرور الوقت
ظهر الألتراس وأصبح دولة داخل الدولة
،وبعد مجزرتى بور سعيد والدفاع الجوى والتى راح ضحيتها 72 شهيدا من مشجعى الأهلى
،و24 شهيداً من مشجعى الزمالك ؛انتبهت الدولة إلى خطورة هذا الألتراس وبعد حبس
"كابوهات" الألتراس ..بدا الناس ينسى كلمة الألتراس خاصة أن جميع
المباريات لم تعد تقام بالجمهور.
كانت الحياة
فى الماضى جميلة تستمد مفعولها من الإحترام والتوقير اللذان كانا ينصهران فى بوتقة
الحب ؛فالأسرة كانت تتجمع على قلب رجل واحد فى الأفراح والأحزان .
كنا نستيقظ
فجراً ..نصلى وندعو المولى عز وجل بان يوفقنا مع ميلاد يوم جديد ..فالفلاح يذهب
إلى حقله ،وفى إجازة آخر العام يساعده أبنائه المتعلمين فى زرع وحصد المحصول ،وكان
منا من كان يساهم فى الإرتقاء بالمستوى الإقتصادى للدولة عن طريق الإشتراك فى فرق
المقاومة للمحاصيل الزراعية وخاصة "القطن" بمقابل مادى زهيد ،وكانت
الجمعيات الزراعية تقوم بدور المرشد .
فجأة مع
التطور التكنولوجى ودخول النت جميع البيوت ليصبح العالم قرية صغيرة واستغلاله أسوأ
استغلال من غالبيتنا ،؛انهارت الأحلام الواقعية والقيم الرفيعة ويسبغ حالته السيئة
على معظم المجتمع المصرى.
فوسط الأمور
الحياتية الصعبة والحالة الإقتصادية المتردية نقرا يوميا على مواقع التواصل
الإجتماعى "أب يقتل ابنائه لإنهيار البورصة"،"وشاب يقتل والدته
بسبب 100 جنيها"، "وآخر يشنق نفسه لعدم مقدرته على تيسير اموره
الحياتية"،ورابع "يحتضن ابنته ويرمى نفسه من الدور الرابع لعدم رجوع
زوجته له"،وخامسة " تمارس الحرام لتصرف على امها
المريضة".......و..............وإلخ وغيرها من المانسيتات التى أفرزت المجتمع
الذى نعيش فيه .
فالجرح نافذ
ولا يمكن تضميده ، فرب الأسرة يستأثر بقلبه ولد دون الآخر ويمنحه ما يشاء ؛مما يؤثر
فى نفس الآخر ..فالأب والأم هما النواة لتكوين الأسرة ،والقلوب ليس لنا سلطان
عليها ،ولكن المفروض أن يمسك الأب عليه نفسه ويتحكم فى قلبه ويراعى الله فى العدل
بين ابنائه حتى فى توزيع "المحبة" .
فالإبن عندما
يتزوج يصبح نواة أخرى لأسرة ثانية ،وما
ورثه عن أبيه من قيم وتقاليد يحاول جاهدا غرسها فى ابنه ،وهكذا الحياة .
فعندما يبلغ الأب من العمر أرذله او يتوفاه الله ؛يكون
الإبن الكبير مكان الأب فله احترامه وتوقيره ،ولو أخطأ فبالحسنى نحاسبه وليس
بالتهويل وكثرة الأقاويل حتى تستمر الحياة ونستشعر بالدفء والحنان ..فكل شىء زائل
ولا يبقى سوى الكلمة الطيبة التى يتوارثها ابناؤنا .
يا سادة ..لقد
وصل بنا الحال أن نتسول فى الشوارع ..فالمواطن يدخل "جمعيات" لتيسير
أموره الحياتية ..فمنذ زمن ونحن نرث القهر الإجباري حتى لا نتكلم ..ولا
نتكلم..حياتنا تحولت إلى طوابير بداية من طابور البطاقة مرورا بطابور الخبز ونهاية
بطابور ماكينات ATM
..ونضع الجزمة فى فمنا ونقول ما علينا ..لم يعد امامكم سوى جيوب الغلابة تمزقوها
لتأخذوا ما فيها – إن كان فيها شيئا – فى المقابل ما نشاهده من اعلانات لقصور رجال
الأعمال فى مارينا والساحل الشمالى تزيد هوة البعد الإجتماعى وشاهدة على ترف طائفة
وفقر أخرى.
فى النهاية
بقى أن أقول..يا سادة اخرجوا من ابراجكم العاجية وانزلوا الشوارع وشاهدوا مواقعنا
واقرأوا صحفنا وبرامجنا وليس "أحمد موسى" ومن على شاكلته..لا ترسموا
صورة خطأ لرئيس الجمهورية ..قولوا الحقيقة ولو مرة حتى ولو كانت مرة .
يا سادة جعلتم
النفق مظلم ولا بصيص من نور فى نهايته ،ولم يعد أمامنا سوى الإنتحار على أبوابها
..أنتم تجبرونا على الموت قهرا..فارحمونا يرحمكم الله.
0 comments:
إرسال تعليق