كتب : عادل وليم
ولد في 7 أغسطس 1922 والده ( نجيب باشا الهلالي ) آخر رئيس وزراء في العهد الملكي وكان ابناً وحيداً للأب المحام الشهير والمشرع البارز وأحد الزعامات الحزبية قبل يوليو 1952
وقد (تولى رئاسة وزارة مصر مرتين) (ووزيرًا عدة مرات) وحين تولى( نجيب الهلالي وزارة المعارف)
أصر على أن ينقل إبنه نبيل الهلالي من( المدارس الأجنبية) إلى (المدارس الحكومية) المصرية ليتعلم بها حتى التحق عام 1944 (كلية الحقوق) جامعة فؤاد الأول القاهرةوفي الجامعة تعرف لأول مرة على (الفكر الاشتراكي) حيث كانت تموج الجامعة بتيارات سياسية متعددة منها( التيار الشيوعي) فانضم في أول الأمر إلى تنظيم( اسكرا الشرارة) قبيل الاندماج مع الحركة المصرية للتحرر الوطني (حدتو)
ورغم اندماج( نبيل الهلالي) بالعمل الشيوعي المنظم إلا أنه استطاع إخفاء هذا النشاط عن والده لكونه( شديد العداء للشيوعية) إلا أن هذا الكتمان لم يستمر طويلاً حيث تكفل
( الصحفي مصطفى أمين) بإفشاء الأمر وهنا كان عليه أن يختار بين حياة الأسرة الآمنة والمرفهه وبين عمله السياسي واختار( نبيل) مضطرًا أن يترك منزل والده حيث تبدأ القطيعة النهائية بينه وبين والده قبلها كان نبيل قد ترك مكتب والده كمحام
والمدهش أن الأب إمعانًا في عقاب الابن (المتمرد على الأسرة والطبقة) قام بتحرير وصية لصالح الأم حتى يحرم (نبيل الهلالى) من الميراث ولكن شاءت الأقدار أن تتوفى الأم أولاً فأصر الوالد مرة ثانية وأعاد تحرير الوصيه لصالح ابنة الأخت الوحيدة ولكن قبل أن يسجل وصيته (توفى نجيب باشا الهلالي) في (15 ديسمبر 1958) ورغم لك فقد اعتبر نبيل رغبة الأب (وصيه واجبة النفاذ) ولاقتناعه بأن العمل هو المصدر الوحيد لكسب المال فلم يهتم بموضوع الميراث من الأساس
كان( نبيل الهلالي) قد تعرف في( التنظيم الشيوعي) علي( فاطمة ذكي) والتي كانت عندئذً طالبة في كلية علوم القاهرة وإحدى (المناضلات البارزات) في الحركة الطلابية في الأربعينات وهي تنتمي لأسرة متوسطة الحال فوالدها كان مفتشًا بوزارة الزراعة
وقد رحبت الأسره حين أتاها نبيل الهلالي خاطبًا ابنتها رغم علمها بقطيعته مع أسرته
وعدم موافقة والده على الزواج والذي تم بالفعل في( 29 يوليو 1958) ولكن بعد أقل من ستة اشهر لم يهنئ العروسان بالزفاف فقد بدأت حملة( اعتقالات واسعة للشيوعيين) ويعتقل( الهلالي في أول يناير 1959) ويودع في ليمان أبي زعبل (وفي مارس 1959) يتم (اعتقال فاطمة) وتودع سجن النساء بالقناطر وتروي (فاطمة زكي) واقعة طريفة عن ظروف الاعتقال والاتصال بنبيل فتقول
(كنت موجودة أثناء لاعتقال بعنبر المعتقلات بقصر العيني حيث أرسل لي نبيل أحلى رسالة حب عندما قام بحفر أسمي واسمه على (زلطة) تربطها سهام الحب وألقاها أحد الحراس بجواري فقد كنا نتحايل للاتصال بأي طريقة ومازلت أحتفظ برسالته الغالية داخل إطار من ذهب
وكان نبيل في المعتقل حيث حكم عليه (بالسحن 7 سنوات أشغال شاقة) مثالاً للتواضع والصبر فقد تعامل مع الأمر ببساطة شديدة وكأنه واجب وضريبة لابد أن تؤدى
وعلى لسان عبد العال البسطويسي أحد أبناء الطبقة العاملة والذي كان معتقلاً معه يقول
كان( الأستاذ) يصر على القيام بكل شيء بنفسه ويرفض مساعدة من أي إنسان فقد كنا نحن العمال نعتبر أن الأساتذة والمثقفين غير متعودين على الحياة الشاقة داخل السجون فكنا نحاول مساعدتهم في شئون حياتهم لأننا (متعودين على كده) ولكنه كان يرفض بحسم أي مساعدةبل أنني ظللت أرفض القيام بدوري في تنظيف دورة المياه حتى وجدته يقوم بتلك المهمة دون تذمر مثله مثل الباقين ويؤكد العامل لقد خرج المعتقلون وهم متفقون على شيء واحد هو(أحمد نبيل الهلالي)
خرج( نبيل الهلالي من معتقل الواحات) عام 1964، حيث عاود العمل بمكتبه الذي كان قد أسسه مع الأستاذ( بولس لطف الله المحامي) عام 1954، وهو نفس المكتب الذي يعرفه كل صاحب حاجة وكل ذي رأي
كما أسس مع( ذكي مراد ومحمد فهيم أمين) لجنة الدفاع عن الحريات بنقابة المحامين
وعند تأسيس( الحزب الشيوعي المصري) عام 1975 أنضم الهلالي ومجموعة ( حدتو)
وظل الاستاذ في قيادة الحزب الي أن حدثت خلافات بدأت بتقرير المرحوم زكي مراد ثم تقرير للهلالي وبدأ حصار المختلفين وانتهي الصراع في عام 1987
(بخروج الهلالي ودرويش وميشيل كامل وأديب ديمتري وآخرين)
وتأسيس( حزب الشعب الاشتراكي) وظل حكم توحيد اليسار يطارد الهلالي في ظل تحلل الحركة الشيوعية وتفاقم أزمتهاوفي عام 2006 طرح( القديس) ورقة هامة يدعوا فيها لتشكيل( إتحاد اليسار) كأطار جامع للكادر المنفرط علي اختلاف انتمائتهم التنظيمية القديمة
وعلي صعيد العمل القانوني استطاع( الهلالي) تأسيس مكتب يتبني كل
(قضايا العمال وقضايا الحريات) وكان دفاعه في هذه القضايا مراجع هامة في تاريخ العمل الحقوقي والمدني في مصر بدء من قضية( 19،18 يناير 1977) وقضايا( التنظيمات الشيوعية) ثم قضية (إضراب عمال السكة الحديد) وقضايا تنظيم الجهاد واغتيال الدكتور( رفعت المحجوب) وغيرها
علي الصعيد الانساني كان القديس وبحق
(زاهد اشتراكي) حقيقي وهو ابن رئيس وزراء مصر الذي ضحي بالثروة والميراث ليعيش في شقة متواضعة بالايجار ولم يمتلك سيارة طوال عمره وظل يستخدم المواصلات العامة
كان ( القديس) منفتحاً علي الجميع ويعامله كل اليساريين بالاحترام والمحبة اللائقة
وقد تجسد ذلك المشهد في جنازته المهيبة التي خرجت من مسجد عمر مكرم ليهتف الجميع ( الوداع ياهلالي ياحبيب الملايين) وعاش كفاح الطبقة العاملة
( عاش كفاح الشيوعيين) وقد توفي في عام2006عن عمريناهز 84 سلام لروح الاستاذ والصديق الحبيب نبيل الهلالي
0 comments:
إرسال تعليق