في الوقت الذي يعيش فيه العالم الإسلامي أجواء
الحزن والألم لمقتل إبن بنت النبي " ص " وكوكبة من أهل بيته وأصحابه في
واقعة كربلاء الأليمة سنة 61 هجرية ، يكون من الواجب علينا ذوي اختصاص في مجال
التاريخ والآثار والتراث ان نعرف القارئ الكريم ولو بشيء يسير عن أرض كربلاء
ماهيتها واسمائها ومعانيها .
تعد
أرض كربلاء واحدة من البقاع المقدسة في العالم ولدى جميع الأديان السماوية ، فضلا
عن عمقها التاريخي وعمقها الجغرافي المائز .
إن
الإشارة إلى كربلاء ربما ترجع إلى العهود البابلية أو أقدم من ذلك أي قبل أكثر من 4000
سنة مضت وإن لكربلاء أسماء ومعاني عدة ، فمنهم من يرجعه الى اللغة البالية القديمة
قبل أكثر من 3750 سنة مضت ، إذ كانت تسمى بإسم " كرب إيل " التي تعني
قرب الإله . وسميت أيضا" كور بابل " التي تعني في العربية قرى بابل ،
كما ويذهب آخرون الى أن إسمها مشتق من الكلمتين الآشوريتين " كرب" وتعني
حرم و " إيل " تعني ألله وليصبح معناها حرم ألله.
كما
ورد إسم كربلاء في اللفظة الآرامية كارباللا KARBALLA المتصلة بلفظة " كربلاتو " KARBALLATO الآشورية أو " كار _ بيل " KAR_BEL التي تعني سور الإله بيل .
وقد
عرفت كربلاء في اللغة العبرية " كرب " KARAB
ومعناه في العربية يقترب وكذلك تعني يقاتل ويحارب.
أما
في اللغة الفارسية فقد ورد إسمها " كار " KAR
وتعني عمل و "بالا " BALLA التي
تعني الأعلى، فيكون معناها العمل الأعلى .
وهناك
أسماء أخرى لكربلاء منها، نينوى والغاضرية وكركميش والطف.
ويضيف
بعض الباحثين " أن إسم كربلاء ليس عربيا وإن محاولات رده الى الأصول العربية
غير صحيحة وتصطدم بعقبات تأريخية ولغوية ، إذ أن موقعها خارج الجزيرة العربية وإن
في العراق كثير من المدن أسماؤها ليست عربية مثل بغداد وبابل وبعقوبة ".
كانت
كربلاء قبل الإسلام تحتوي على بيوت ومعابد للمجوس وكان يطلق عليها بلغتهم " مه
بار سور علم " التي تعني المكان المقدس، كما تشير بعض المصادر التاريخية الى
أن كربلاء قبل الإسلام كانت عبارة عن منطقة مشرفة على العراق تحيط بها قرى قديمة
حتى زمن مجيء الإمام الحسين "ع " اليها سنة 61 هجرية " 680 ميلادية
"، ومن هذه القرى هي نينوى وعمورا وماريا وصفورا وشفية ، كما كانت هناك منطقة
قريبة من هذه القرى تسمى النواويس ، وهي مجموعة مقابر للمسيحين الذين سكنوا هذه
القرى قبل الفتح الإسلامي، وربما يكون كل من وهب وأمه وزوجته الذين وقفوا وقاتلوا
واستشهدوا مع الامام الحسين " ع " في واقعة كربلاء هم أبناء أولئك
المسيحيين الذين كانوا ينتظرون قدوم الإمام وكما هو مذكور في التوراة والإنجيل ب "
ذبيح الفرات " .
إزدادت
قداسة كربلاء بعد مقتل الحسين واهل بيته وأصحابه " ع "إذ يتوافد عليها
الملايين من المسلمين سنويا ومن كافة البلدان للزيارة والتبرك وإحياء ذكرى عاشوراء
الأليمة .
*كاتب
المقال
باحث
في شؤون السياحة والآثار والتراث
جمهورية
العراق / بابل
0 comments:
إرسال تعليق