• اخر الاخبار

    الاثنين، 24 أغسطس 2020

    الناقد جليل شبر يكتب عن : *تأملات في شعر هاشم الرفاعي*..(قصيدة صوت ... تناهى.... )

    الناقد جليل شبر يكتب عن :    *تأملات في شعر هاشم الرفاعي*..(قصيدة صوت ... تناهى.... )

    النقد الأدبي الحديث هو الذي حدد القيمة الفنية للشعر وأسقط عنه الغايات الدخيلة ومنها التعليم.. وماحصل في الشعر العربي الحديث من تجديد إنما يمثل التطور الطبيعي والحقيقي لهذا الأدب الخالد سواء كان النص شعرا ام نثرا .. وقد ظهر الكثير من الشعراء الذين جعلوا الشعر الحديث امتدادا للشعر العربي القديم في رصانته وقوة اسلوبه مع احتفاظ الشاعر بشخصيته وقدرته على التفاعل مع منجزات عصره...فنهلوا من معينه الذي لاينضب حتى وصلت القصيدة العربية إلى نمط جديد فيه شىء من التجديد والحداثة....
    وقفتي اليوم ...أمام إحدى روائع الشاعر العراقي الكبير ..(.هاشم الرفاعي )..طائر الجنوب...وهو اللقب الذي أطلقته على شاعرنا وقد أستحقه عن جدارة ..فكانت لي في شعره( تأملات. .ومضات ..إضاءات نقدية )...حيث وجدت ضالتي من خلال تسلحي بعدة النقد البناء وليس النقد الهدام ..
    يبدأ الشاعر قصيدته ..صوت تناهى
    بتكرار أعطى النص انسيابية اللفظ مع تناسق جميل بموسيقاه الشعرية
    حيث رسم لنا صورة شعريه حية استقاها من الواقع الحياتي فاختار وقت الهدوء والصمت وهو مابين الفجر والشروق حيث الغفوة التي ينعم بها الانسان ..في جو السحر الخلاب الذي يخلو من الضجيج وشوائب الحياة بكل تفاصيلها ....
    هذا الصوت حمله بشىء من الخوف فجعل الحروف تتشابك بسبب العلة في مخارجها ..وهنا أراد الشاعر ان يجلب انتباه القارئ إلى ما يعانيه و
    صعوبة الموقف الذي يعيشه الشاعر
    ومعاناته ...ثم ينتقل إلى تشبيه رائع باستخدام كاف التشبيه كخوف جائع. .الله الله ما اجملها من صورة ! وما أشدها! في نفس الوقت حيث اقترن الجوع...بالخوف..كل ذلك إشارة إلى واقع مرير يعانيه الشاعر وما هاشم الرفاعي الا ابن ذلك الواقع كونه جزء من مجتمع عانى ويعاني من الآفات الاجتماعية.....
    اعتاد شاعرنا ان يعطي بعدا زمنيا للحدث في أغلب قصائده بحيث يلتقط أنفاسه ليتابع رسم القادم من الأحداث ....
    يقول ...تلاشى الصوت ..أين المراقب ..ينصت لمصدر الصوت...
    هذا التتابع الزمني في الحدث الشعري يقع ضمن السرد من خلال الحوار القصصي الذي نجح فيه شاعرنا. ..
    حاول الشاعر ان ينتقد ظاهرة في رأيي تحمل الجانب السلبي في المجتمع ...وهي فكرة المراقب والتي اسهب في الحديث عنها حتى صورها وشخصها بأشكالها المختلفة.
    انت رائع أيها الرفاعي حيث يقول في الصف مراقب.. في الساحة مراقب..وما اكثر المراقبين...هذا التكرار في رسم الصورة اراد من خلاله ان يثير الهمم في نفس الانسان وخاصة العربي من اجل التخلص من كل ما هو سلبي وقد وجدت الكثير من الشعراء ممن اهتموا بنقد الظواهر السلبية في المجتمع لكن بشيء من الحياء والخوف ..هاشم الرفاعي كان ثائرا على الواقع المتخلف حيث يمتلك شخصية شعرية قوية فيطرح الفكرة ويضع الحلول وهذا لم أره عند غيره من الشعراء. ....
    وقد يتساءل القارئ أين الحل ؟ فأقول له التفاؤل في القادم وحب الحياة والعمل البناء وضعها شاعرنا إمام الجميع كونه شاعر لكل العرب .
    في شعره وجدت الأسطورة والرمز الشعري وفي كل مرة يجعل للرمز صورة مختلفة عن سابقتها فما اروع قوله :إنها غفا ..إنها ابنة..ابنة من .؟. الياسمين..والحبيب مولود تحت نخلة .. على الفرات منبتها. ... اي جمال ...واي روعة ؟! في دقته في تتابع الصور الجزئية ..لننظر إلى الجمال الفني المتانق في اختيار عباراته ورسم صوره المتحركة والتي بعث فيها الحياة حيث يستمر في وصف من يبعث فيه العشق والجمال فيقول : تعلمت في الوركاء شريعة الحب ... غفا.. هي الترف والعقل والجمال ..واجمل ما نقرا فيها رسمه الجميل للوشم الذي بين عينيها .. تغزل فابدع واجاد ووصفه للوشم الذي بين حاجبي الام كان رائعا ... عندنا في العراق سابقا كانت النساء تتجمل بالوشم من خلال الرموز التي يحتويها..وغالبا مايكون في الوجه او الأيدي وهو يختلف كثيرا عن الوشم في الوقت الحاضر..عندما تتأمل تجد نفسك وكأنك امام فاصل موسيقي جميل لاينقصه سوى ملحن محترف.
    لقد حن هاشم الرفاعي الى مرابع الصبا الى تلك الديار الجميلة وهنا اشارة واضحة الى تعلق الشاعر بجمال الجنوب الخلاب الذي جعله مصدر الهمامه فيرسم لنا صورة الفرات وهو ينزف حبا.
    اما الكرادي فهو الاسم القديم لمدينته التي ولد فيها حيث تحمل أغلب ذكريات الجميلة..والرفاعي واحد من الاقضية الكبيرة في محافظة ذي قار ومركزها الناصرية
    مدينة الحضارة والتاريخ والعلم والأدب والتي بزغ منها الحرف الأول ليضيء الطريق للإنسانية..
    حملت صوره الرائعة أمال وتطلعات كثيرة ..فحتى التنور الذي يلهب بناره جعله يطارد الجوع ...هنا جعل شفافية العبارة تداعب المشاعر والوجدان كونه شاعر وجد ينهل من الذات الشاعرة ويرسمها بعالمه المتسامي....وقد وجدت ان للاسطورة والحكاية الشعبية استخدام جديد حيث مزجها باهات
    بقوله:اه...رقبتك والتميمة...والتميمة
    موجودة إلى الوقت الحاضر في أغلب الأقطار العربية وغالبا ما تستخدم للتعوذ من شيء مكروه ..
    هاشم الرفاعي ابن العراق وضع وطنه في حدقات العيون فقد عشقه
    حد الهيام به ...نعم هام عشقا بوطنه فهو كتلة من المشاعر والأحاسيس الرقيقة ..فجعل خارطته ليس لها حدود فتراثه عريق ..عراقة اور ..الوركاء..
    جعله تميمة او تعويذة تحمي من يلجأ إليه ...ويقينا ان هذه الصور لايتقن رسمها الا من كان صادقا وفيا لتراب ارضه الطاهره ....
    عاد شاعرنا من جديد فبعد ان توقع الأشياء بنظرته الفلسفية .. يجد ماتوقعه في البداية تحقق في النهاية ..هذا الاستطراد الرائع الذي نظره الشاعر للأشياء يؤكد أنه فيلسوف من فلاسفة الجمال والعشق الصوفي....انا وانت .نخشى المراقب. ..منه نحذر...
    ثم يرسم صورة الفجر الجديد الذي يطرزه بقبلة جاءت من السماء ...كم صريع قتله الهوى..! السهروردي..أحد قتلاه..يدعو الشاعر محبوبته التي هام عشقا بها ويؤكد الحب الصوفي النقي الطاهر..لاتابهي بالموت ...هو الحق..هنا مزج بين الطلب بصيغة النهي المجازي بحقيقة نهاية الانسان وهو ..الموت.. ختاما..يعطي محبوبته أملا باللقاء.
     
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الناقد جليل شبر يكتب عن : *تأملات في شعر هاشم الرفاعي*..(قصيدة صوت ... تناهى.... ) Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top