يقول أجدادنا إن “الحموات رزق”، هكذا هن فعلا، فمن الممكن أن يكنّ سببا في سعادة الزوجين، وكذلك قد تكن سببا لنهاية مؤسفة، لذلك الحماة واحدة من أهم عوامل بقاء واستمرار الحياة الزوجية أو عدمها.
ولذلك نجد أن السينما قدمت عددا من الأفلام عن الحموات التي تناولت قصص تعاملهن وتدخلهم في تفاصيل حياة الأبناء، ومن أشهرهن شراسة الفنانة الجميلة الراحلة مارى منيب وتعد أشهر حماة عرفتها السينما المصرية، فقد جسدت وببراعة دور الحماة سليطة اللسان خفيفة الظل مختلقة المشاكل، وحتى الآن ما زالت عباراتها محفوظة يرددها الكثيرون: "الخناقات دي الفلفل والشطة بتاع الجواز"، "طوبة على طوبة خلّي العركة منصوبة"، و"مدوباهم اتنين"، ومن أشهر أفلامها: "حماتي ملاك، العزيمة، ليلي بنت الفقراء، سي عمر، عفريته اسماعيل ياسين، ولعبة الست".
وهناك نعيمة الصغير وتألقت في دور الحماة المتعجرفة والأم القاسية، وأشهر أعمالها دور "نازلي" في فيلم "الشقة من حق الزوجة" مع الفنان محمود عبد العزيز، والفنانة معالي زايد.
أضف أليهما ميمي شكيب وهى من أشهر منافسي ماري منيب في دور الحماة خفيفة الظل المتسلطة التي تختلق المشاكل دائمًا بسبب وبدون سبب، كما تشاركا الثنائي العديد من الأفلام أبرزها فيلم "الحموات الفاتنات".
واهداهم الفنانة كريمة مختارو ظهرت في دور الحماة الطيبة التي تألقت به بسبب براعتها في التمثيل وملامح وجهها وتعبيراته الحنونة دائمًا، أبدعت في دورها كحماة لسمير غانم وأحمد راتب في فيلم "يارب ولد"، وفي دورها كحماة لمحمود عبد العزيز ونور الشريف في فيلم "الحفيد".
وحماتى السيدة الراحلة / فتحية حسانين هى نفس الفنانة كريمة مختار ؛تمتاز بالطيبة والقلب الطيب والمثابرة والكفاح ؛وكانت دائما تخشى من نوائب الدهر – عليها رحمة الله.
حماتى مر على وفاتها 120 يوماً ؛عاصرتها عشرون عاما ،لم أجد منها إلا كل الخير ..آخر زيارة لى ..شقت الطرق عندما علمت بمرض ابنتها ،وجاءت بالغالى والنفيس كعادتها ،ولحسن حظى كنت فى المنزل يومها ؛رنت الجرس ففتحت وجدتها وانهكها التعب ..نظرت فى وجهها شاهدت تعب السنون وشقا العمر ارتسم على أسارير وجهها .
نهرتها لمجيئها وهى بهذه الحالة ،ودخلت وجلست بجوار ابنتها وكأنها "الزيارة الأخيرة "؛وبعدها نهش المرض فى جسدها ،ولم يمر سوى أربعين يوما إلا وصعدت روحها إلى بارئها.
فتحية حسانين "حماتى".. سطرت بحروف من نور رحلة كفاح فى زمن أعوج لسيدة مصرية ؛وعلى شاكلتها كثيرات ..كان الخوف من بكره يهددها وتخشى منه ؛ فكانت دائما تعمل حساب لبكره ؛لم تهن أولادها ولم تبخل عليهم صبيانا وبنات حتى بعد زواجهم .
أضف إلى ذلك أنها كانت تعتبر أزواج بناتها أولادها ؛فإذا تعثر أحدهم كانت تقف بجواره حتى تمضى عثرته ؛ما بخلت عليهم يوما وأنا منهم ..وحق على اليوم اكتب فيها هذا المقال.
وكان "يوسف " ابنى ذا معزة خاصة لديها ،وكانت تحبه حبا جما ؛وتوصينى عليه بصفة دائمة وتنهرنى لو احتديت عليه فى الكلام ،وكنت أتمنى أن تعيش حتى تراه اليوم وقد نجح بتفوق فى الثانوية العامة ،ولكن قدر الله وما شاء فعل.
ولم تخل حياتها من النوادر ..فعندما وضعت زوجتى أحد ابنائى كانت كعادتها تجلس معها أسبوع ؛ وفى يوم من الأيام كنت عائدا متأخرا من الجريدة..فطبعا قالتلى أحطلك الغداء ؛قلتلها طابخه إيه ..قالتلى "عدس يا حافظ!!"،وكانت تعلم أنى لا أحب العدس ؛فنالت منى ما نالت من توبيخ ؛لأن عندما تقدمت لخطبة ابنتها كان شرطى "العدس والبامية والملوخية" لا يتم وضعهم على مائدة الطعام ..طبعا ده كان زمان ..أما الآن فلو وضعت زوجتى باذنجان هكله!
ومن نبلها كسيدات مصر أنه عندما كان يتقدم أحد لبناتها لا تنظر لغناه أو فقره ؛المهم يكون ذا أصل وعارف ربنا ..لأن هاتين الصفتين فى عٌرفها كفيلتين بأن يصون الزوج ابنتها.
فى النهاية بقى أن أقول ..رحم الله حماتى ومن قبلها أمى ..وكل حماة تراعى الله فى التعامل مع زوج ابنتها ؛إنها نموذج للحماة المصرية الأصيلة .عليها رحمة الله وبركاته.
0 comments:
إرسال تعليق