السبع المثانى
شغلتنى جداً هاتين الكلمتين السبع والمثانى فقلت
القرآن نزل بلسان قريش وقد كانت قريش تعتبر السبعة قوة واكتمال للأشياء
وقد ذكرت كلمة " سبع " بجذورها فى القرآن العظيم 28 مرة ومدار الكلمة مرتبط بالموضوعات الآتية :
السماوات السبع والأرض مثلهن
صيام سبعة ايام لمن لم يجد هديا وذلك تمام العشرة
سبع سنابل وارتباطها بالإنفاق فى سبيل الله
سبع بقرات سمان ، سبع عجاف ، سنبع سنبلات خضر وسبع يابسات
سبع زراعة وسبع شداد
ابواب جهنم السبع
وسبعة فى عدد اصحاب الكهف
سبعة ابحر مداد لكمات ربى
سبع ليال عذاب قوم عاد
وتشير كل المواقف السابقة الى القوة والشدة والإتقان مع الرحمة والزيادة
وانظر لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السبع المثانى لما رواه البخاري عن أبي سعيد ابن المعلى أنّه طلب من النبي أن يعلمه أعظم سورة في القرآن الكريم فأجابه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته "
والآن لنرى معنى كلمة سبعة فى لسان العرب لإبن منظور وبقية القواميس : -
حيث يعنى التضعيف والكثرة حتى أن السُباعى من الجمال هو العظيم الطويل
والقرأن الكريم تحدث عن السبع الشداد وهى السموات وبالتالى يعنى الشدة
وكذلك الطواف سبعاً للتذلل والخضوع
والسجود على سبعة اعضاء تفيد الخشوع واتمام السجود وكماله
ثانياً: المثانى
لنرى الأن رأى العلماء فى الكلمة ولماذا خص الله الفاتحة بالمثانى :-
فقد ذكر ابن كثير قال اللّه تعالى " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ "(الزمر: 23)
قال مجاهد: يعني القرآن كله متشابه مثاني
وقال قتادة: الآية تشبه الآية، والحرف يشبه الحرف
وقال الضحاك: مثاني ترديد القول ليفهموا عن ربهم تبارك وتعالى
وقال عبد الرحمن بن زيد مثاني مردَّد، ردد موسى وصالح وهود والأنبياء عليهم الصلاة والسلام في القرآن في أمكنة كثيرة
وقال ابن عباس مثاني أي القرآن يشبه بعضه بعضاً، ويُرَدُّ بعضه على بعض،
الواضح ان مثانى من تكرار الأمر مرة بعد مرة . او الثناء على الله عز وجل
وأرى أن المثانى كما فى لسان العرب من ثَنَى الشَّيْءَ، كَسَعَى: رَدَّ بَعْضَهُ على بَعْضٍ،فَتَثَنَّى وانْثَنَى واثْنَوْنَى: انْعَطَفَ وأثْناءُ الشَّيْءِ ومَثَانِيهِ: قُواهُ، وطاقاتُهُ
من خلال ماسبق يتضح أن الثنى قوة ! وهو متفق مع السبع أى قوة بعد قوة
والمثانى من الرد والتكرار مرة بعد مرة
وبالتالى المثانى ثناء من العبد لله جل جلاله ورد الرب على هذا الثناء بالقبول !!!!!! والدليل على ذلك الحديث الذى يوضح هذا الثناء بين العبد وربه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال تعالى :
قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل .(لاحظ ان الله تعالى قال " الصلاة " ثم ذكر سورة الفاتحة وبالتالى فسورة الفاتحة صلاة والصلاة من الصلوين والصلو هو العمود الفقرى الذى يحفظ قوة الإنسان . ويساعده على الحركة والمشى والجلوس فهو عصب الجسم عند الإنسان والعجيب أن من معانى المثانى القوة كما فى لسان العرب مثانى الشيئ أى قوته وطاقته فإذا قال العبد : {الحمد لله رب العالمين} ، قال الله : حمدني عبدي
فإذا قال : {الرحمن الرحيم} ، قال : اثنى علي عبدي
فإذا قال : {مالك يوم الدين} ، قال مجدني عبدي.
وإذا قال:{إياك نعبد وإياك نستعين} ، قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل
فإذا قال : {اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} ، قال : هذا لعبدي . ولعبدي الله ما سأل رواه مسلم وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب / 1455)
وهذا هو الثناء على الله من خلال هذا الحوار الرائع بينك وبين ربك فهى سبع مثانى وينتهى هذا الثناء بإجابة الدعاء للعبد وبحب الله للعبد ولا يقتصر هذا الثناء على المسلم فقط بل وتدخل فيه ملائكة الرحمن حيث قال الحبيب النبى صلى الله عليه وسلم كما فى رواية البخاري : " اذا قال احدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت احداهما الاخرى غفر له ما تقدم من ذنبه وفى رواية للطبرانى باسناد حسن : يجبكم الله
وهذا قمة الفضل بين العبد وربه أن يوافق تأمينه تأمين الملائكة فيغفر الله لك بحسن ثنائك عليك بل ويبلغ العبد مرتبة الحب فيحبه ربه ويجيب الدعاء بل ويشفى بهذا الثناء المرضى .
0 comments:
إرسال تعليق