• اخر الاخبار

    الخميس، 26 سبتمبر 2019

    الدكتور عادل عامر يكتب عن : أهمية التدريب البحري العسكري بين مصر وفرنسا عبر البحر المتوسط

    عادل عامر

    يأتي التدريب في ضوء تنامي علاقات الشراكة والتعاون العسكري بين القوات المسلحة المصرية والفرنسية وإظهار ما وصلت إليه القوات المشاركة من قدرة قتالية عالية ومستوى راق من التدريب لمواجهة التحديات التي تواجه الأمن البحري بالمنطقة وتأمين الأهداف الحيوية بالبحر المتوسط.
    بينما تضمن التدريب المصري الفرنسي في البحر المتوسط تنفيذ سيناريوهات واقعية لمجابهة التهديدات التي تواجه الأمن البحري في مكافحة الإرهاب.
    والقدرة على قيام القوات بتخطيط وإدارة أعمال قتال بحرية وجوية مشتركة، كما يهدف التدريب إلى صقل مهارات أطقم القوات البحرية/ الجوية المشاركين وتبادل الخبرات القتالية والميدانية والاستعداد لتنفيذ أي مهام مشتركة تحت مختلف الظروف.
    جاء ذلك فى إطار خطة القيادة العامة للقوات المسلحة لتفعيل التعاون العسكري مع الدول الصديقة والشقيقة
    تُعتبر التحسينات، التي جاءت متأخرة كثيراً وتُعد جزئية، شاهدة على التعقيدات والصعوبات التي تتضمّنها برامج المساعدة العسكرية، مهما كانت سخية أو طويلة الأجل. ويبدو أن توقيتها يوحي أيضاً بوجود مفارقة: فبينما باتت العلاقة العسكرية أقل أهمية عند الجانبين، أصبحت أكثر فعالية في مجملها. إن تقليل اعتماد مصر على الولايات المتحدة، إلى جانب حاجتها الماسة إلى قوات أكثر تنوعاً ومرونة، قد يقنع قادتها بالسماح بتوطيد علاقات العمل بل تسهيلها، خاصة في ظل ضروريتها لنجاح برامج المساعدة.
     التزام مصر المتنامي بالمهنية العسكرية، بغض النظر عن الأسباب والدوافع، يمكن أن يقلّل إلى حد كبير الإحباطات المتراكمة منذ فترة طويلة في أوساط الجيش الأميركي حول برنامج المساعدات، ناهيك عن الحاجة إلى تحسين القوات المسلحة المصرية وتطويرها.
    إن الوعد بتقديم المساعدات الأميركية بهدف تحويل الجيش المصري، المكوّن من نصف مليون جندي، من جيش على النمط السوفيتي -الذي تم تنظيمه وتجهيزه لخوض معركة برية كبيرة ضد إسرائيل -إلى جيش أكثر تنوّعاً وقابلية للتنقّل، لم يتم تحقيقه خلال فترة حكم حسني مبارك الطويلة التي امتدّت من 1981 وحتى 2011. شكّك مبارك، مثل سلفه أنور السادات الذي فتح خطوط التواصل من أجل إرساء علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة، في الدعم الذي تقدّمه الولايات المتحدة بغاية تطوير القوات المصرية ونشرها لدعم الأهداف الأميركية في المنطقة.
    لا بل كان يخشى مبارك قيام ضباطه برفع سقف طموحاتهم السياسية عندما يصبحون أكثر مهنية واستقلالية. ففي ظل عدم الحاجة إلى جيش كبير لمواجهة إسرائيل، والتي كانت في سلام مع مصر في تلك الفترة، وعدم الرغبة في تحويل الجيش المصري إلى قوة قتالية حديثة ومتكاملة قادرة على عرض قوتها في المنطقة،
    جعل مبارك جيشه يركّز فقط على النشاطات الاقتصادية. وهكذا، استرضى مبارك سلك الضباط عبر إعطائه أسلحة أميركية متطورة، غير أن تلك الأسلحة لم تترافق مع العناصر الخاصة بالتنظيم والتدريب والاستمرارية لجعل سلك الضباط فعّالاً، كما أنه لم يكن ملائماً أو مستعداً للتحديات الأمنية المحلية والإقليمية التي ظهرت مؤخراً. دفع خفض النفوذ الاقتصادي والاستراتيجي للولايات المتحدة على مصر إلى جعل العلاقة العسكرية أقل أهمية بالنسبة إلى القاهرة. وهناك عاملان إضافيان ساهما في صحوة القوات المسلحة المصرية من سباتها في عهد السيسي. أولاً، لم تتطلّب استراتيجيته حول تحصين انقلابه تحويل وتركيز طاقات الجيش إلى أنشطة اقتصادية إلى حد كبير. فبينما كان يقوم بتحسين الأدوار الاقتصادية والسياسية للجيش، سعى السيسي في الوقت نفسه إلى تعزيز قدرات الجيش على القيام بمهامه الأمنية.
     ويشمل ذلك إجراء بالغ الأهمية ألا وهو قابلية العمل البيني والتشغيلي للقوى المختلفة، ما يتطلب أن يكون لديه ثقة كبيرة بجيشه وقواته الجوية والبحرية ووحداتها المختلفة التابعة لها حتى يتسنى لهم العمل على نحو مشترك.
     على الرغم من أن الموردين الآخرين، على الأرجح، سيحصلون على قدر من النفوذ على حساب الولايات المتحدة، إلا أن التأثير قد يكون ضئيلاً. وقد عمل المصريون دائماً على عدم الكشف عن أوراقهم لأحد، كما أن التأثير والنفوذ الأميركي لم يكن يوما بالقوة التي يعتقدها الكثيرون. وعلى الرغم من التنافس على مبيعات الأسلحة، فإن أهداف فرنسا وألمانيا في المنطقة تتماشى إلى حد كبير مع أهداف الولايات المتحدة.
    وفي حين أن التقارير التي تتحدث عن اتفاق يعطي روسيا حق استخدام القواعد الجوية المصرية (في حال كانت صحيحة) ستزيد من المرونة والقدرة على الاستجابة الروسية في المنطقة، إلا أن المصريين أذكياء بما فيه الكفاية لإدراك أن روسيا ليست في وضع يسمح لها بمضاهاة، ناهيك باستبدال، الوجود الأميركي في المنطقة.
    وتجدر الإشارة إلى أن التحدي الاستراتيجي الأكثر أهمية للوضع الراهن قد يأتي من الصينيين، الذين ركّزوا حتى الآن في المقام الأول على المساعدات الاقتصادية. إن أهمية قناة السويس بالنسبة إلى الصين كجزء من مبادرة "الحزام والطريق" الخاصة بها، قد تجعل أهدافها في نهاية المطاف في حالة صراع مع أهداف الولايات المتحدة.
     ومع ذلك، لم يبد المصريون حتى الآن أي رغبة في الحد من دور أو أولوية استخدام الولايات المتحدة لقناة السويس، أو من التحليق السريع المسموح به للطائرات الأميركية فوقها، وهو أمر غاية في الأهمية بالنسبة إلى العمليات الأميركية في المنطقة. لطالما كان المصريون بارعين في التعامل مع قضايا عدة في الوقت نفسه مع لاعبين مختلفين (وقبول المال منهم)، وسيستمرون في القيام بذلك بلا أدنى شك.
    كان العملاق المتمثّل في القوات المسلحة المصرية دخل في مرحلة نوم عميق منذ أواخر السبعينيات، لكن يبدو أنه يستيقظ. وتعد هذه العملية مدفوعة بدرجة أقل من المساعدة العسكرية الأميركية السخية، والتي تم تجاهلها إلى حد كبير لسنوات عديدة، وأكثر من الضغط العلني من واشنطن مع تزايد التهديدات الداخلية والخارجية.
    كما أن ثقة السيسي الواضحة في وضعه أفراد يتمتعون بثقته بهدف تحصينه من أية انقلابات تلعب أيضاً دوراً محورياً. إن قبول تغيّر استراتيجية مصر لتعيد تركيز قدراتها ومهامها العسكرية مع تطوير رفع مستواها، يوفّر فرصة للاستفادة أخيراً من المساعدات العسكرية الأميركية، التي لم تُستغل بعد ولا تحظى بالتقدير الكافي. لكن إيقاظ عملاق من سباته شيء، وتقويته شيء آخر. وسيتطلّب ذلك مزيداً من الوقت، هذا مع فرضية استمرار التزامات الولايات المتحدة تجاه مصر، ما يُعد الآن موضع تساؤل لنرى أي طريق سيسلكه الجيش حتى يحظى بنجاح مهني حقيقي. 
    ولا يمكن لمقدّمي المساعدات الخارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة، أن يتشرطوا إصلاحات بالجملة في الثقافة التنظيمية نفسها، لكن من الممكن تحفيز القوات المسلحة المصرية للسير في هذا الاتجاه.
    فعلى سبيل المثال، يمكن الاستفادة من حملة سيناء كتجربة تعليمية، ومن الممكن أن يشمل ذلك مساعدة القوات المسلحة المصرية على تبني تكتيكات وتقنيات وإجراءات وعمليات تخطيطية أميركية على هذا المسرح المحدود، ومن المأمول بالتالي إظهار فوائدها قبل دعم عمليات تبني مشابه في جزء آخر من القوات المسلحة المصرية.
    وتأتي العملية العسكرية واسعة النطاق بمصر، قبل أسابيع من انتهاء مهلة 3 أشهر، حددها رئيس البلاد عبد الفتاح السيسي؛ لإعادة الاستقرار إلى سيناء.
     ومثلت صفقات التسليح العسكري” رأس الحربة“، في العلاقات المصرية-الفرنسية، عقب تولي السيسي السلطة في يونيو 2014، حيث باتت فرنسا أحد أهم مصادر التسليح المصري، بجانب الولايات المتحدة وروسيا. وخلال السنوات الماضية، أجرت مصر عدة تدريبات عسكرية مشتركة مع فرنسا، آخرها في يوليو قبل الماضي، بالمياه الإقليمية المصرية بنطاق البحرين الأحمر والمتوسط، تحت عنوان” كليوباترا 2017“.
    وأمدت فرنسا مصر بحاملتي مروحيات من طراز” ميسترال“، إضافة إلى التعاقد على 24 طائرة مقاتلة من طراز” رافال“، تسلمت مصر 12 منها على 3 دفعات، في يوليو 2015، ويناير2016، وأبريل 2017.
     
    **كاتب المقال
    دكتور القانون العام
    عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان
    مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
    مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا
    مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
    مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات
    نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية
    نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا
    عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة
    عضو منظمة التجارة الأوروبية
    عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان
    محاضر دولي في حقوق الانسان
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور عادل عامر يكتب عن : أهمية التدريب البحري العسكري بين مصر وفرنسا عبر البحر المتوسط Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top