• اخر الاخبار

    الأحد، 29 سبتمبر 2019

    الدكتور عادل عامر يكتب عن : الشائعات في ظل القانون المصري


    الدكتور عادل عامر يكتب عن : الشائعات في ظل القانون المصري


    في ظل تصاعد حدة الشائعات والأخبار المفبركة، التي تعمل على إطلاقها جهات معادية للدولة المصرية، تستهدف تقويض أركان الدولة، كيف تواجه الدولة مروجي تلك الشائعات بتفعيل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، المعروف إعلامياً بقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، أن فلسفة مشروع القانون تقوم على مجابهة خطر نشر هذه المواد الإعلامية المسيئة، على الدولة في ظل التحديات الراهنة، ومعاقبة المتورطين فيها.
    تعتبر جريمة الأخبار الكاذبة التي تكدر الأمن العام يعاقب عليها قانون العقوبات في مواده بالحبس والغرامة التي قد تصل إلى 20 ألف جنيهًا.
    ويشترط أن يكون هناك قصد لسوء النية في الإضرار بالمصلحة العامة للوطن، وهو ما حذرت منه الدولة في الآونة الأخيرة، خشية تعرضها لتكدير الأمن العام وكذلك الإضرار بالمصلحة. وتنص المادة رقم مادة 188 من قانون العقوبات:
     يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بسوء قصد أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة. أن العقوبات تشمل من نشر بسوء قصد أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
    الجدير بالذكر أن القانون يتضمن نصوص مواد من شأنها ملاحقة مرتكبي هذه النوعية من الجرائم، وتوقيع العقاب الرادع بحقهم. فقد حددت المادتان الخامسة والسادسة جهة الضبط القضائي المختصة، وجهة التحقيق المختصة بالتحقيق في مثل هذه الجرائم.
     ونصت المادة السابعة من القانون نفسه على الإجراءات والقرارات الصادرة بشأن حجب المواقع، حيث تنص على: “لجهة التحقيق المختصة، متى قامت أدلة على قيام موقع يبث داخل الدولة أو خارجها بوضع أي عبارات، أو أرقام، أو صور، أو أفلام، أو أية مواد دعائية، أو ما في حكمها، مما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتشكل تهديداً للأمن القومي، أو تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر، أن تأمر بحجب الموقع أو المواقع محل البث، كلما أمكن تحقيق ذلك فنياً.”.
    وبقراءة هذه المادة، نجد أن المشرع كان موفقاً في ورود عبارة “داخل الدولة أو خارجها”، حيث إن معظم الشائعات يتم إطلاقها من جهات خارجية، وبشكل ممنهج، ويتم إعادة تدويرها والترويج لها من قبل كتائب، تعمل على مدار اليوم، لبث الشعور بالإحباط العام، وزعزعة الثقة بين المواطن والدولة، وحث المواطنين على التخريب بزرع الشك في نفوس المواطنين تجاه المؤسسات السيادية في الدولة.
    بالإضافة إلى ما سبق، نصت المادة (11) على: ” يكون للأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجهزة، أو المعدات، أو الوسائط، أو النظام المعلوماتي، أو برامج الحاسب، أو من أي وسيلة لتقنية المعلومات نفس قيمة وحجية الأدلة الجنائية المادية في الإثبات الجنائي، متى توافرت بها الشروط الفنية الواردة باللائحة التنفيذية”.
     ونلاحظ في نص المادة أنها لم توضح ما هي الشروط الفنية، ونحن ننتظر اللائحة التنفيذية للتوضيح، حتى تتم توعية المواطن بأهم نصوص هذا القانون، لكيلا يقع المواطن، عن جهل منه بالقانون، في ارتكاب أحد الأفعال، التي تشكل جريمة، وفقاً لهذا القانون.
    كما تحدثت المواد من (34) إلى (37) عن الظروف المشددة للعقوبة، وتحدثت المادتان (38) و (39) عن العقوبات التبعية. فالمادة (38) تقضى بمصادرة الأدوات والأجهزة، التي استخدمت في ارتكاب الجريمة.
     وقصت المادة(39) بعزل الموظف العام من وظيفته، إذا قضت المحكمة بإدانته لارتكابه جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. كما قضت المادة (4٠) بعقوبة الشروع في ارتكاب الجريمة، ونصت المادة (٤١) على: ” يعفى من العقوبات، المقررة للجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، كل من بادر من الجناة أو الشركاء إلى إبلاغ السلطات القضائية، أو السلطات العامة، بما يعلمه عنها، قبل البدء في تنفيذ الجريمة، وقبل كشفها، ويجوز للمحكمة الإعفاء من العقوبة أو التخفيف منها، إذا حصل البلاغ بعد كشف الجريمة، وقبل التصرف في التحقيق فيها”. وهذه مادة تشجع من انزلق إلى الاشتراك في ارتكاب هذه الجرائم، أو غرر به أو خدع، على أن يبادر ويسرع في الإبلاغ، لكي يضمن أن يعفي من العقوبة.
    وأقرت المادة (٤٢) جواز التصالح في جرائم تقنية المعلومات، والمجرمة في المواد من ١٥ إلى ٢٠، والمواد: ٢٤، و٢٧، و٢٩، و٣١، و٣٢ أمام النيابة العامة أو المحكمة. بذلك، يكون قد أخرجت المواد الخاصة بإثارة الشائعات، والتحريض على الفوضى، والعبث بأمن واستقرار الوطن من نطاق الجرائم التي يجوز التصالح فيها.
    من جانب آخر، على كل الجهات تضافر الجهود وشحن الطاقات لمجابهة هذه الحرب الشرسة، عن طريق إعادة تشكيل وعى المواطن. فلا شك في أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، وتراجع اللجوء إلى وسائل التثقيف التقليدية خلقا نوعا من السطحية الفكرية، والعجز عن القدرة على التحليل المنطقي للأقوال والمواقف لدى شريحة من المجتمع. من هنا، يأتي دور الإعلام الوطني الشريف، على الرغم من قلة القنوات الإخبارية المتخصصة، وضيق الوقت الذي يخصص للبرامج للرد على هذه الشائعات.
    في المقابل، تعمل الأبواق الإعلامية المعادية على مدار اليوم لاستهداف مؤسسات الدولة.
    فعلى الإعلام الوطني ليس فقط الرد السريع على الشائعات، والقضاء عليها في مهدها، ولكن التسويق والدعم المستمر، والدائم، والتفصيلي لمشروعات وإنجازات الدولة، وعرض التحسن الذي حدث في جميع القطاعات الخدمية التي تقدم للمواطن، وتذكير المواطن الدائم بالحال الذي كنا عليه، وما وصلنا إليه الآن في كل المجالات، من بنية تحتية في قطاعي الكهرباء والغاز، بالإضافة إلى القضاء شبه الكامل على العشوائيات، وغيره الكثير. فلماذا لا نجيد تسويق الحق، بينما يجيد غيرنا التسويق للباطل؟
    أخيراً، أود أن أشير إلى جهود الجهات التنفيذية في رصد وتتبع الصفحات والمواقع التي تبث سموم الفتنة، وتوعية المواطن بآلية الإبلاغ عن هذه الصفحات. فالدولة لا تستطيع السيطرة على الفضاء السيبراني بشكل تام إلا بتعاون المواطنين.
    هذا إلى جانب الأثر النفسي للشائعات على أمن المجتمعات وفى تقرير نتائج الحروب، فقد أدت الشائعات إلى هزيمة الجيش العراقي في حربه الأخير مع قوات التحالف.
    فقد اعتقد العراقيون بقوة العدد الذي لم يطلق طلقة واحدة، ولكنه استطاع غرس القنوط واليأس في قلوب الجيش والشعب معا قبل أن تنطلق المعارك أو بمجرد انطلاقها بفضل الشائعات والأكاذيب عن قوته وعتاده وتسليحه.
    فالإشاعة رغم أنها لا تعتمد على الإقناع المباشر أو غير المباشر كما في الدعاية والحرب النفسية إلا أنها تفعل فعلها وتحقق آثارً كما يحققان وأكثر وذلك عندما تقوم الجهة المستخدمة لها بشبه حملة منظمة مخططة مركزة تطمس معها معالم الحقائق وتفرق الآراء وتمزق اللحمة الاجتماعية وتشوه صور القادة والزعماء.
    إن الاقتصار على مجرد جمع الشائعات ورصدها على مستوى الإدارات الأمنية في أغلب الدول العربية أو على مستوى مراكز مؤقتة كما حدث في مصر عند انتشار شائعة انفلونزا الطيور عندما أنشئت الحكومة مرصداً لتجميع هذه الشائعات لم يعد كافيا في ظل التقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصال ووسائله وفى ظل الواقع المرير لانتشار الشائعات في المجتمع العربي وفى مجتمع جوانب الحياة وعلى جميع المستويات.
    في ظل هذا كله اصبحت مقاومة الشائعة والتصدي لها واقعا ملحا وضرورة من ضرورات الأمن القومي للمجتمع والآمال والاستقرار للأفراد والجماعات.
    **كاتب المقال
    دكتور القانون العام
    عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان
    مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
    مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا
    مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
    مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات
    نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية
    نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا
    عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة
    عضو منظمة التجارة الأوروبية
    عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان
    محاضر دولي في حقوق الانسان
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور عادل عامر يكتب عن : الشائعات في ظل القانون المصري Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top