في قلب شارع الجيش بالمنصورة، حدث ما لا يمكن للعقل
استيعابه، ولا للقلم وصفه دون أن يرتجف. جريمة قتل لا يصدقها عقل، جريمة لم ترتكب
فقط ضد جسد إنسان، بل ضد كل فكرة عن الإنسانية والأخلاق والحدود التي تفصل بين
الإنسان والحيوان. سائح كويتى، بلغته انتابه الغضب والهوس والإهانة، وانتهى به
المطاف إلى قتل صديقه المصري بطريقة بشعة، قبل أن يعبث بجثته في مشهد يذكر بأفلام
الرعب.
المشهد صادم..طعنات تتوالى، نار الغضب تتفجر، وسكين
المطبخ تتحول إلى أداة للانتقام الجسدي الأكثر شناعة. ما حدث ليس مجرد جريمة قتل،
بل هو إعلان عن انهيار كامل للضمير، وحالة مرضية للنفس البشرية عندما تتركها
المخدرات والانتهازية تقودها..الاعترافات المرعبة للجانى تكشف عن فكر منحط.. فالانتقام
من كلمة مسيئة، والإهانة تتحول إلى وحشية لا يمكن تصديقها.
والمجتمع كله، وسكان العمارة والمارة، لم يشهدوا فقط
جريمة قتل، بل شاهدوا تدنيسا للكرامة الإنسانية، وإعلانا عن سقوط القيم. الجريمة
هنا ليست فقط فعلا فرديا، بل انعكاس لعصر يختلط فيه المال، والسلطة، واللامبالاة
بالآخرين. رجل يظن أن استدعاء النساء، وتعاطي المخدرات، واستعراض قوته أمام
الآخرين يعطيه الحق في تحويل الغضب إلى موت، وتحويل صداقة إلى جريمة.
نحن أمام صورة قاتمة للإنسانية، حيث الغرائز تتحكم
بالعقل، والانتقام الشخصي يصبح شريعة. وفي النهاية، يبقى السؤال المؤلم: كيف يمكن
أن يصل شخص إلى هذا المستوى من الوحشية، بحيث لا يكتفي بقتل صديقه، بل يسعى لتشويه
رمزي لأعز جزء في رجولته وكرامته؟
هذا الحادث القذر ليس مجرد خبر يقرأ على عجل، بل درس
مرعب في هشاشة الروح البشرية، وفي خطورة الانحلال النفسي والاجتماعي. علينا أن
نفكر، نحن كمجتمع، في كيفية الوقاية من الانهيار الأخلاقي الذي يتحول فيه الإنسان
إلى وحش، قبل أن تأتي الجرائم الأكبر، قبل أن يصبح أي شارع مسرحا للفظائع التي لم
يعرف لها التاريخ مثيلا.

0 comments:
إرسال تعليق