انهيار المنظومة الأخلاقية والإنسانية عالمياً: حالة غزة كنموذج ..بقلم: محمد النبالي

 

 

انهيار المنظومة الأخلاقية والإنسانية عالمياً وخاصة العالم العربي اتجاه ما يجري من إبادة جماعية للشعب في غزة من قبل  العدو الص  يوني  ،إن الحديث عن انهيار المنظومة الأخلاقية والإنسانية بات ضرورة ملحّة في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة. ما نشهده من أحداث مأساوية يُعبر عن أزمة عميقة تعاني منها الإنسانية جمعاء، حيث تتلاشى القيم والمبادئ التي كانت تشكل أساس التعاطف والتضامن بين الشعوب.

إن الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي تجسيد للرذيلة الأخلاقية التي تسود في عالمنا اليوم. العالم العربي، الذي ينبغي أن يكون صوتاً للحق والعدالة، يواجه تحديات تتعلق بالتفاهم والتضامن، في ظل صمت بعض الدول وعدم اتخاذها مواقف حازمة تجاه الانتهاكات المستمرة.

إن ما نشهده اليوم من إجرام في غزة قد تحول إلى مشهد مألوف، يمرُّ مرور الكرام في عيون الكثيرين، وكأن الألم أصبح روتينًا يوميًا نعتاد عليه. كيف يمكن لمجتمع أن يتقبل مشاهد الدماء والدمار وكأنها مشاهد تتمحور حول عمل درامي متكرر، بينما واقع الإنسانية يتعرض لأسوأ أنواع الانتهاك؟

أما المثقفون، الذين من المفترض أن يكونوا حراس الوعي وصوت الحق، فإن صمتهم أو إبداء التعاطف السطحي لا يعدو كونه ذرًّا للرمال في عيون القضية. إن فعالياتهم الأدبية والشعرية، على الرغم من أنها قد تأتي محملة بالمشاعر، إلا أنها تبقى بلا تأثير حقيقي، وفي كثير من الأحيان، لا تتجاوز كونها مجرد وسائل للظهور، تُمارس تحت أضواء الشهرة، ولا تعكس انتماءً فعليًا لقضايانا المركزية.

علينا أن نعيد تقييم معايير إنسانيتنا، ونسأل أنفسنا: هل سنستمرُّ بالتغاضي عن الأوجاع والآلام، أم أننا سننطلق من حالة اللامبالاة إلى فعل حقيقي يحمل في طياته رسائل من التغيير والدعم؟ إن الانتماء لقضايانا يحتاج إلى أكثر من مجرد كلمات؛ إنه يتطلب منا العمل، والتعاون، والإيمان بأن كل فعل، مهما كان صغيرًا، يمكن أن يكون خطوةً نحو شفاء الجراح العميقة التي ألمّت بإنسانيتنا.

من المهم أن ندرك أن انهيار المنظومة الأخلاقية ليس نتيجة أحداث معزولة، بل هو نتاج لمجموعة من العوامل النظامية والاجتماعية والسياسية التي تساهم في تفشي ثقافة العنف والإقصاء. يجب أن يكون هناك وقفة جادة لتجديد التزامنا بالقيم الإنسانية الأساسية، وتعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات والشعوب.

في النهاية، ينبغي أن نكون واعين لأهمية العمل المشترك من أجل إحداث تغيير حقيقي، ومنع تفشي هذه الظواهر السلبية. إن التضامن مع المعاناة الإنسانية هو واجب، ويجب أن يكون دافعنا جميعاً لإعادة بناء منظومة أخلاقية وإنسانية قوية تعكس قيم العدل والمساواة.

**كاتب المقال

أديب وشاعر

المملكة الأردنية الهاشمية

ديسمبر 06, 2024