عندما ازدادت اللأواء على الأمة،
كان لا بد وأن يكون هناك من ينقذها من فجوة باعدت بين أواصرها، فازدادت اللأواء
على عقلائها من غثائها، فكان لا بد وأن نسلط الضوء على مفاهيم وأفكار؛ روجت لها
غثائية، أدت إلى تشعب في طرائق الفهم والتصرف، حتى بات الواحد في حيرة من أمره، ما
خلط بين الحابل والنابل.
ومن أخطر هذه المفاهيم المروج لها
من قبل الغثاء؛ هي محاولة إقناع الناس بأن المقاومة تمثل نفسها والشعب، وأن انتقاد
تصرفات المقاومة، هو انتقاد لمقاومة الشعب أيضا، مع أنني مع المقاومة المشروعة،
المقاومة القائمة على التنظيم والتخطيط السليم، المقاومة المرتكزة على مراعاة
المصالح والمفاسد، وأنا أشجع على المقاومة مع القدرة؛ دفاعا عن حق في أرض وحياة
شعب، ولكن مع مراعاة ما سبق ذكره، كي لا ننتقل من مقاومة إلى إلقاء بالتهلكة،
فانتقادي لمن لم يأخذ ما سبق في عين الاعتبار، ما جعل الكثيرين يأخذون بمن ينتقد
إلى خانة الخيانة والعمالة للعدو، للخلط بين المعنيين والقصدين، ولذا؛ لا بد وأن
نفرق بين المقاومة المتمثلة بجماعة أو حزب، وبين المقاومة المدروسة والمخطط لها
ضمن حدود الله وشرعه، والتي تكون دفاعا عن أرض وشعب، إذ لايجب أن نمزج بين من
ينتقد عملا أوتصرفا يضر بأمن بلده القومي، وبين دعم يحاول فيه التخفيف عن أناس
تضرروا لغثائية هوجاء؛ فالخلط بين الإنسانية والواجب الديني، وبين السياسة والأمن
القومي، مرفوض في جميع صوره وحالاته، فعندما نرفض دعم مقاومة ممثلة بحزب، ذلك ليس
إلا دفاعا عن أمن بلدنا وشعبنا، وعندما نحيي مقاومة شعبية، فهذا دلالة على الحس
الديني والإنساني تجاه هذا الشعب، وليس كما يروج له غثائية عمياء، فلا يجب أن نغفل
عن أحزاب باعت الغالي والنفيس، من أجل أرخص الرخيص، فشتان شتان بين من أراد الآخرة
بالدنيا، وبين من أراد الدنيا بالآخرة! أعمى بصر وبصيرة من أراد الثانية، فقد صارت
أطماعه -من أراد الثانية- أغلى من دم مسلم برئ، فلو أمعن النظر في الحديث الذي
معناه؛ أن هدم الكعبة أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم برئ، لعرف أن الدم مقدم
على الأرض حال عدم القدرة، فكيف إذا كان الدم لمدنيين وغير مكلفين وأبرياء؟! فإنقاذ
الإنس أولى من إنقاذ الأرض وغيرها، لذلك: إن سفينة النجاة من هؤلاء الغثاء، هي
الرجوع لعلماء فهموا الواقع بفقه سلف الأمة، والابتعاد عن شعارات مزجت بدماء بريئة
زكية، لتنفيذ مخططات خبيثة خفية، ليحقق فيها أعداء الأمة من داخلها وخارجها؛ ما
تصبوا إليه رؤوس الفتنة والكذب من فرس ويهود، آخذين بالأمة إلى هاوية لا مفر منها
إلا إليها، فاحذروا واعتبروا، وحافظوا على أمن دينكم، ووطنكم، وولدكم، وأهلكم
وعروبتكم، باتباع نهج رسولكم وسلفكم، كما أراد الله ونبيكم، فاحذروا سبل الشيطان،
فما مآلها؛ إلا إلى دولة الدجال! سائلين الله بأن يقينا فتنته وأعوانه.
0 comments:
إرسال تعليق