ثمة جماليّة سرديّة مُحكمة بالنسق البنائيّ بقصائد الشاعرة البارعة الدكتورة أحلام الحسن حيث تعتمد: إنسجام السبك والحبك والإنتقالات الجمالية بروح متسامية ،فماهية الكشوفات بالعلاقات الداخلية بجسد القصيدة كبناء سيمفوني بهارمونية ساحرة لاسيما تعمد لتصنع عوالمها الشعرية بإتقان وتجديد لنهوض التجربة التي تتكامل بمعطيات الصور الواقعية .. مع خيال جامح وسحر الوصف بيد إنها تُعبر برشد وحكمة عن الفهم الواعي العميق لفلسفة النبوة والسيرة العطرة للرسول الكريم والنبي العظيم ،أو بنصوصها الأخرى التي تستلهم من الواقع الاجتماعي بتحولاته المُتغيرة، والأزمات التي عَصفت بالإنسان بالكورونا ،أو بالتعبير عن جوهرالمشاعر والأحاسيس والعواطف التي تمثل الشعور العميق با لحب الإنساني وفق إيقاعات عروضية نغمية تؤطر نصوصها بتلك العروض التي تميزها بواقع النظم المحبك ..كما في قصيدتها الباذخة بالأناقه حول الحبيب المصطفى
شفيعُ الأمم
وقفتْ صفوفُ الحُورِ حاضنةً لهُ
كمْ حارسٍ للمهدِ عينًا يَرصدُ
وُلِدَ الشّفيعُ وجبْرئيلُ
مُكبّرًا
هو رحمةٌ للعالمينَ سَتُحمَدُ
جَمَعَ الجمالَ معَ الخصالِ
كأنّها
رُكْنُ الرّشادِ هدايةً ويُسَدّدُ
وَجَمَالُ يُوسفَ ذاكَ بعضُ
جَمالِهِ
وَعَظِيمُ أخْلاقٍ فَمِنهُ
تُشيّدُ..
البناء الفني لدى أحلام الحسن :
جمالية حبكة ( السرد –الشعري) طرزتها
"الحسن" بتقنيات بلاغية مع الموسيقى الداخلية ونظام الإيقاع لترسل رسائل
شعرية غاية بالجمال ، تُشيد الفضاء الدلالي
لسيرة القدوة والإسوة والملهم
لِتجعل المُتلقي الذي يقرأ يبحر ويحلق معها نحو فضاء المكارم النبوية
العطرة بإمعان وتفاعل وإنسجام ؛ أو لدى الإصغاء يندمج ويتماهى وينفعل بإحساسه بالقدرة الوصفيًة التعبيريّة المُتقنة عن حبيب القلوب النبي المختار ، هنا
تتفوق الشاعرة بالأدب الجاد الهادف الذي ينغمس بالجدوى لبناء العقل وتواصل الأجيال
بعقيدتها .
الرؤيا والرؤية لدى الحسن:
لايمكن الوقوف على ناصية الإبداع والتلويح للآخرين
وللزمن القادم إلا بإشتراطات حلم الرؤيا ، ووعي الرؤية حيث إمتلكت الشاعرة
الدكتورة أحلام وضوح الرؤيا بالأصالة
والتفرد والعمق الصوفي الذي تحلق به بترانيم نصوصها التي ترتدي عباءة الجمال
الروحي لتنقض وتتجاوز الاريتوكي بالشعر لتعبر لذة الجسد إلى
نشوة الإحساس المقدس بالرمز ،أو بتجليات نورانية ذاتيه تضيء الأرواح
بزمن عتمة الضياع بعد فقدان بوصلة
الطرق بعولمة الجسد. ووعي الرؤية
بالإرتقاء الشعري بالمعنى الجمالي
حيث يسمو بمن يفحص بعمق ودراية وذوق الرسائل التي تحملها
نصوصها ببراعة مع إيحاءات طا فحة بالمعنى وفلسفة الطهر ضمن
النسق الشعري المضمر بالديوان مع النظم المموسق والغنائية ضمن الإيقاعا ت
المؤتلفة غير المتنافرة التي تميزوحدة
النصوص بعدم ترهل القصائد كما يعبر عن ذلك بوحدة القصيدة التي تموج
بكشوفات رؤيوية تارة تعبر عنها
بصور حسية وأخرى تعبيرية تجمح
للخيال لتحقق الحلم
كما في
أشواكٌ وشظايا :
هبَّ الطّبيبُ مداويًا لجروحها
فعلمتُ أنّ الدّاءَ صابَ معاولي
فتلعثمتْ شفتا الطّبيبِ وقال لي
إنّي لدائكَ يا فتى كالجاهلِ
عشرونَ عامًا في نجاحِ مُهمّتي
واليوم أعتزلُ التّطبّبَ ليس لي
فهممتُ للعطّارِ أجري خائفًا
ولعلّهُ يشفي لدائيَ ينجلي
فتخاذلتْ أعشابُهُ ما من دوا
غادرتُهُ وصبابُ عينيَ خاذلي
فعلمتُ أنّ الدّاءَ بي مُستفحلٌ
ربّي فلا تُشمت بحالي عاذلي
هبَّ الطّبيبُ مداويًا لجروحها
فعلمتُ أنّ الدّاءَ صابَ معاولي
فتلعثمتْ شفتا الطّبيبِ وقال لي
إنّي لدائكَ يا فتى كالجاهلِ
عشرونَ عامًا في نجاحِ مُهمّتي
واليوم أعتزلُ التّطبّبَ ليس لي
فهممتُ للعطّارِ أجري خائفًا
ولعلّهُ يشفي لدائيَ ينجلي
فتخاذلتْ أعشابُهُ ما من دوا
غادرتُهُ وصبابُ عينيَ خاذلي
فعلمتُ أنّ الدّاءَ بي مُستفحلٌ
ربّي فلا تُشمت بحالي عاذلي
كما في شكوى القلب ، مع روح
الصبر تمتد الرؤية رغم الإنكسار بشراع
الأمل لتجاوز الإخفاق ، كما يمنح النخيل بكل الظروف وقساوتها ولجج المخاضات
العسيرة.. الألم الذاتي الذي تعبر فيه "الحسن " عن الهم العام لكل عاطل بالقلب وإنكسارات الأزمنه وتهشم
المرايا ،تدخل الرؤية الفلسفية لتحويل القبح والظلام نحو الأمل لتجاوز المحن وفق
سياق رحلة الحياة بكل تعرجاتها وعواصفها وغبارها فالنجاة بجوهر الإيمان لتجاوز
الصعاب وإزاحة ركام الخراب ، بلغة طرية
مرنة نَضِرة برؤية تحمل الإنسلاخ من أدران
الوجود والكراهية نحو الصفاء والنقاء
بفضاء وآفاق تراقب الجراح ثم تسمو بالروح
كما في نصوصها بالديوان :
خلف النخيل
هبّت عواصفُ بالغبارِ تمخّضُ
بمخاضِ أوجاعِ الأسى تستعرضُ
فتقاذفت أحجارُها بصريرها
حتّى هوت عن بعضها تتبعّضُ
خلفَ النّخيلِ تسلُّ سيفَ دناءةٍ
وكأنّني كبشُ الفداءِ وأُعرضُ
وبدأتُ أرقبُ للجراحِ خريطةً
فيها العيونُ جفونها لا تغمضُ
الإنهماك والإندماج بحب الوطن من
الإيمان ،التعلق بالتألق بكافة
المجالات يمثل الإرتباط المشيمي بواحة البحرين
تعشق الأرض التي هي الأم ، يغبطها أي إنجاز علمي
ورياضي خليجي تمتليء مسرة وسعادة لكل فوز
للبحرين..
بحرين
بحرينُ كم فيكِ الهوى يُعشقُ
هذي القلوبُ جُلّها تَنطقُ
في عِشقِها في حُبّها أخلصتْ
مثل الشّموسِ كُلّها تُشرقُ
يا فخرنا يا عزّنا فاحصدي
كأسُ الخليجِ عندنا يَبرقُ
جمْعُ الشّبابِ استوفدوا كُلّهم
أبطالُنا وعُودُهم تَصدقُ
هذي الورودُ اليومَ تُهدى لهم
والعطرُ في أغصانِها يَعبقُ
إنّ الجمالَ كُلّهُ ها هنا
هذي النجومُ عندنا تَطرقُ
التناص لدى المبدعة الحسن:
وعي التاريخ، وعي القراءة، إستلهام الموروث الشعري من العصر الجاهلي
،والتناص القرآني ،والتناص مع شعراء قدمت أم كلثوم هرم الغناء تلك القصائد يشير بتوظيف تلك
القراءات بنصوصها وتمثلها ورد عن
زولا إن الأسد عبارة عن خراف مهضومة .. من شعراء المعلقات وشعراء العرب : طرفة ابن العبد ، ولبيد بن
ربيعة، وإمرؤ القيس ، ، و الأعشى ، وزهير ابن أبي سلمى إلى التناص مع الشعراء المعاصرين نزار قباني وإبراهيم ناجي
وكامل الشناوي وغيرهم تستلهم صور الشعر ببحور الفراهيدي بنسق جمالي ، جنحت للبلاغة اللغوية بصناعة الألفاظ من إستعارة وكناية و
مبثوثات رمزية إيحائية بإنتشاء
بإفاضة لاتخبو بل تضيء لترنو إلى وصف جمال الإحساس والمشاعر بين روحين وقلبين
وعشقين .كما في التناص مع لاتكذبي : تتماهى
مع نص كامل الشناوي، بحوارية إتسمت بالدهشة والموسيقى بالتفاعل والتواصل بإيقاعات درامية وتراكيب غنائية تشدو لها الروح لتجاوز
الإنكسارات :
لا تكذبي " لا تكتبي "
لا تكتبي إنّي ﻷَهْوَى أن نكونَ
معا.
فَخُذي الوداعَ فلا أحبُّ اﻷدمُعا
هل هانَ عندكِ دمعُ عينيَ إذ جرى
أم هانَ عهدكِ أن يقطّعَ أربعا
لا تكذبي
في هاهنا كان الغرامُ وكنتما
في هاهنا
فاحت عطوركما.
شفتاكِ في شفتيهِ في خدّيهِ
في عينيهِ في كتفيهِ.
ويداكِ تستبقانِ من
ولهٍ عليهِ.
تتبادلانِ الحُبَّ بالقبلاتِ
تقتلني
بسهمٍ كاللهيبِ.
بالهمسِ بالبسماتِ بالغمزاتِ
باللمساتِ.
بالغدر العجيبِ
الديوان إجمالاً بالإمكان
تقديم به دراسة الماجستير والدكتوراة لكل الأبعاد الفنية والتقنية المحتشد بالصور
التي تنثال وتنهمر بعفوية وصدق
وبراءة بمعمار فني مع عمق المعنى ومايحمل
من شفرات ورسائل تربوية وروحية وعاطفية
كعطر الورد الذي يبهجنا ويفضي
للإنشراح والإنسجام والأُنس خطتها بأنامل
محسوبة بالحشمة لا بحشو شعري فائض جسدتها الدكتورة أحلام الحسن بقصائد تتناغم مع
الدفء بالإحساس بجزالة الألفاظ التي تنحو صوب دلالات روحية رفيعة ،ضبطت التشابك
بين الروحي والعاطفي دون إنفلات وإندفاع
ومغامرة غير محسوبة تلك هي الرؤية التي ميزت الشاعرة التي لها
الميل نحو ربط الإستهلال بالخاتمة دون
إرباك بمعظم النصوص بوحدة النص .
د-صباح محسن كاظم –ناقدٌ ومؤرخٌ
عراقي عضو إتحاد الأدباء العراقيين ،عضو إتحاد المؤرخين الدولي وعدة إتحاداتٍ عربيةٍ وعالمية .. صدر لي 21
كتاباً ،كتبت أكثر من70 مقدمة ً ، وشاركت بأكثر من 75 كتاباً نقدياً وتاريخياً.
0 comments:
إرسال تعليق