(المدن هذيانات ليالي موغلة بالقحط..تشبه مواقد جهنم،كلما أخذت اعمارنا لترمي بها الى طرقات قاسية،سمعنا صراخها الراعد—هل من مزيد..؟!!
تلفنا اكفان استسلامنا،دون
النبس ببنت شفه،تتلاشى الاحلام،وترمى الاجساد مثل نفايات،لتصير مجرد ذكريات،تثير الغثيان
والريبة)!!
عنوة جيء بنا،لنكون
بناء غرباء،لمدينة واجهات بيوتاتها صامتة مثل مدافن،اشعرها حين مروقي مسرعاً،إنها لاتتنفس،ولاتشبة
بيوت الطين الملتاعة بالصخب،أتلمس الجدران الاسمنتية،عليَّ أجد بعض حياة،فتصيبني خيبة
الامل،اكره الاجساد الباردة، فابتعد عنها،القدر الذي حط بناوسط هذه النداءات المخبولة،اصابنا
بذلة السؤال،وارتباك الاجابة، عند امتداد الاسواق افقد خطاي،مرتدياً ثياب فشلي وخجلي
الراسم فوق ملامحي اصفراراً،يسهم في جفاف شفتَّي،وحشرجات حنجرتي،التي نسيت الآهات وحنين التواريخ، وشحة النظرات المختلسة من
وراء ابواب الصفيح،الصارة عن عمد، تكمش اللحظة الرافة مثل حمامة.تحاول الافلات، تتفرخص
الموردة الخدين،راكضة ،تختل وراء ستر ضحكاتها الخافتة،يظل اليوم بساعاته الاطول من
الشط،يحوس،دون اكتراث،لخيبات الامل،وفرار الفرصة التي قد لاتتكرر ثانية الابعد زمن
لاتدري أوبته، المدينة لوثت أحلامنا لتمنحنا ما تريد من الاحلام،ازاحت ليونة افئدتنا،وبرائتها،لتزرع
بين ثنايانا ،كراهيات،وأحقاد،وزخات رعناء من مطر أسود مثل قير،لا ادري كيف أمر مدمناً
النظر الى ذاك البيت العالي المليء بالمرآيا والالوان المتمازجة مثل ريش طاووس،اتوظأ
بحسرات مجوني،محاولاً اختراق الخشونة المستورة،حتى اصل الى ما اظنه امراً، من وراء
الباب نصف الموارب،تشير(حمدية)بأن احث خطاي ،لامسك بعتمة البستان الضاحكة باستهزاء،وهي
تشوفنا نلم لهاثاتنا لنطشها بغرور فوق هامات
النخيل، تقول—-مالك والمدينة لاتذهب…؟!!
اقول—- ما انا
من يريد الذهاب؟!
تقول—-وماذا عني…اكتب
عليَّ الانتظار ؟!!
أقول—-لن اجعلك
تنتظرين كثيراً
تقول—-لا ادري
ولكن خائفة ومرعوبة!!
تقبض الرؤيا التي
هشمتها فؤوس النسيان، على شتات نفسي، المهجورة،مثل خرابة قديمة،كلما روضت بعضي الخائب،عوت
ذئاب الكراهيات محتجة، رافسة ذكورتي المائعة،غير
القادرة على اللوذ بستائر طمأنينتها،ورضاها،،كلنا الاتي من حواف الاهوار محمولين على توابيت القهر،تمنحنا المدينة خنوعاً مداف بذل
الحيرة،ومجهول الاتي الذي لانعرف، اغمض عيني وجلي،مجتازاً الطرقات الملتويه،التي لاتريد الانتهاء،تنساب معلنة عن حكايات أيامها، وغفوة امانيها اليابسة،تثعول وراي غبارات ال التفحص،والاكتشاف،
—-لاشيء!!
سمعتها تهتف خلفي،صوت
ناعم مثل خيط قطن،وواضح كنغمة كمان،واصلت نغماتها بعد التفاتي إليها،—- عن ماذا تبحث؟!
ببطء مسترخ،خال
من الكبرياء والغطرسة،وقفت قبالتها ،قائلا.
——القاع..أحتاج
الى معرفة القاع!!
—-وما فائدة ماتريد
معرفته..القيعان تراب عفن..لايوضح المقاصد؟!
/—-من أين عرفت
هذا؟!!
—— منذ خطواتك
الاولى وانا ارقب السؤال يرف فوق شعفتك الذاهلة؟
—- وكأني أعرفك…صوتك
دلني على أصوات هجرتني منذ جئت حاملاً غربتي
وأسمال غرابتي؟!!
بخفة بهلوان،أخذت
يديَّ الى برودة كفيها المضمختين بحناء مائل الى الاصفرار، ناظرة في عمق عيني المصابتين
بالانكسار والشرود،قالت.
—— وسط هذه الامكنة
القاحلة الفعل لايمكن ايجاد غاياتك وما تريد…؟!!
—- غايات المدن عرائس كسلة ترضي بلاهة المستسلمين؟!!
تسحبني بقوة الى
وسط الباحة،ثمة حوض ماء مهجور،ومربع غرف مغلقة يدثرها الظلام،نهنهات أمرأةشائخة،حين
عرفت وجودنا،صاحت..—-حمدية…ياحمدية!!
انزاحت الى وراء
متراجعة،تاركة يدي تسبحان في دهشة،لم استطع استيعابها،ظللت اراقب الجسد المكتنز المخترق
لعتمة بدأت تشف تاركة الباب النصف موارب يكشف عن وجوده ،الشديد التأثير،!!
——٢—-
(المدن تعبر مسافات
تكوينها،لتخلق اسئلة،لاهبة،كلما توغلت باحثاً عن اجابات ترضي نفسك الملتاعة،تشعر أنك
لاشيء،رقم تائه بين زقاق صامت،وضجيج طرقات لاتعشق الهدوء، وحدتك عود ثقاب يشعل درابين
بحثك،وحين تنطفىء الشعلة،تعاود التوقف بإنتظار ومضة تخترق خذلانك ،وقد تنسى مثل خرق
عتيقة لايعني وجودها سوى اثارة الاشمئزاز والقرف، خطاك المثقلة بالانهزام،تمنحك فرصة
لاثبات وجودك،لكن الاسئلة تتناسل مخترقة انقاض دهورك المحفوظة داخل صناديق اطمارك التي
لاتعرف عنها شيئاً،لكنها تنبق مثل فقاعات صابون،لتقف عند ميولك الموجعة متأملة انهدامك الذي مايلبث ادراك اهمية تحولك،
هذيانك التائه يتلمس حواف ميولك المتغيرة بين
هنيهة وقت وآخرى،مالذي تبحث عنه..ولم لاتحفز روحك وتحثها على اجتياز اسلاك الممنوعات
الجازة لرأس المدينة،التي صارت اشلاء مدن،مغموسة بقيح كراهياتها المستورةبأردية الكهنة
ومسوحهم،—أين يمكنك الانتظار؟
ينصت لنبرات صوتها
المتوتر،الشديد الارتباك،تهمس—-آه لو كنت ادري…أعماقي تحتاج الى ثبات ،وعاصفة الروح ضاجة تهدر بالمحو..ليتني
اعودتاركاً مالاقدر على حمله الى منابع برائتي..
مابقي مني سوى حثالة حطام..ترفسنا الاشلاء كلما وددت الاقتراب..الأسئلة ذئاب ماكرة
تصيبني بالدوران،—من أين انت؟!
—-مالذي تفعله
هنا؟
—-لم ترتكت مكانك
وجئت..خير لك ان لاتخفي شيئاً وسائلنا كفيلة بأن تنطق الحجر..انزع ثياب عنادك ودعنا
نراك على حقيقة ماكنت؟!!
—-خلاصك هدر للوقت..أن
نحن رأفنا بك..ستجد أمامك مالاتحمد عقباه..أضعاف ماتعرفه من رغباتنا ستجدها مرمية عند
قدميك المشنوقتين في علو السقف…فكر،.!!
تعالت الاصوات،مجلجلة
بضحكات ماجنة،تشعر بالاسترخاء،واللذة،قال صاحب
أمرهم—لاتتاخر أمامنا الكثير من يتوجب عليهم القول،مالذي دفع بك الى المجيء ولقاء ماذا؟!
—-لا تركب بغل
عنادك..القي بما تخفي من أحمال وتخلص…جسدك
ذائب داخل دوارق من الصمت..!!
—- لا تجعل من
نفسك بطلاً..زمننا لايحتاج الى ابطال.. صمتك يدلنا على الخطوات التي تبعدك عن مدافن
الاوهام!!
—-تحدث..قل ماتشاء،....أوضح
لنا غاية مجيئك..نعرف المقاصد لكننا نود سماعها منك!!
— تعلم إن الصمت
محض عناد..لايفهمه امثالك من الاغبياء..!!
—هل رأيت يوماً
غبي انتصر على مقصلة؟!
مثل فواخت جائعة،جالت
الأسئلة والايضاحات،نابشة انهماده،الذي لايعرف
سبيلاً واحداً للخلاص من شباك موشومة بدم يابس!!
(المدن ،دورة السن
،كلما وجدت فراغاً،امتدت الرقاب إلى جوفه،محتجة،)!!
الشاسع من الفراغ،سحبني
الى مالا احب،لمرات تمكنت من الفرار،لكنهم ومثل
قرود تقافزت حولي، اعادوني مصحوباً بولولة
بلهاء،خالية من الوضوح،ملامح مضطربة،تعكرها نظرات كراهية،لم استطع تفسير فحواها،المدينة
الى اخترتها بعد رحلات بحث مضنية خرقاء، منحتني شارة الكلبية،مستردة ماسموها،فضلات
انسانيتي، غير القابلة للتدوير،اوقفني الحارس المدجج بالغطرسة،عند باب كبير تزركشه
نقوشات،وتمائم،وتوسلات،وامرني بأن أنبح..!!
أنبح!!
أنبح!!
(أجمل ما امنت
به،واتخذته وسيلة لحياة..هو النباح..)
عووووو…عووووو…عوووو!!
0 comments:
إرسال تعليق