• اخر الاخبار

    السبت، 24 سبتمبر 2022

    الدكتور عادل عامر يكتب عن : فلسفة قرار تثبيت سعر الفائدة من البنك المركزي

     


    تراجعت توقعات النشاط الاقتصادي نتيجة آثار الأزمة الروسية الأوكرانية. وفي ذات الوقت، استمرت البنوك المركزية في الخارج في تقييد السياسات النقدية عن طريق رفع أسعار العائد وخفض برامج شراء الأصول لاحتواء ارتفاع معدلات التضخم في بلادهم. وقد انخفضت الأسعار العالمية لبعض السلع الأساسية نسبياً، مثل البترول، وذلك نتيجة الانخفاض في الطلب بسبب توقعات الركود العالمي.

    في ضوء دورة القانوني يضع البنك المركزي المصري المعايير والضوابط الرقابية التي تكفل سلامة المراكز المالية للبنوك وحسن أدائها لأعمالها وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذها، وتقييم الجهود التي تبذل بشأن الرقابة على الائتمان الذي تقدمه البنوك،

    لذلك جاء قرارة تثبيت سعري عائدي الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 11.25%، و12.25%، و11.75%، على الترتيب، كما تم تثبيت سعر الائتمان والخصم عند 11.75%.ويمثل سعر فائدة الإيداع لليلة واحدة الحد الأدنى لسعر الفائدة بالإطار، ويمثل سعر فائدة الإقراض لليلة واحدة الحد الأقصى له.

    ويعد هذين السعرين بمثابة الأداة الرئيسية لتنفيذ السياسة النقدية التي تستهدف سعر فائدة المعاملات بين البنوك لليلة واحدة ، بالإضافة إلى ذلك فإن البنك المركزي المصري يقوم باستخدام عمليات السوق المفتوح لإدارة السيولة.و احتواء الضغوط التضخمية إلى الآن، إذ انعكس التغيير في أسعار الخضراوات والفاكهة إيجابيا على مستويات التضخم العام، إضافة إلى الجهود الحكومية لتوسيع وتعميق شبكة المنافذ الحكومية الرسمية لتوزيع السلع الغذائية الأساسية.

    إن البنك المركزي المصري اتجه لتثبيت سعر الفائدة نتيجة عدة أسباب أهمها أولًا استقرار ارتفاع معدل التضخم، حيث يتوقع أن يواصل هذا المعدل نموه خلال الشهور القليلة المقبلة نتيجة عوامل خارجية أهمها زيادة أسعار السلع الأساسية والنفط عالميًا، وبالتالي لن تنجح السياسة النقدية بزيادة الفائدة في السيطرة على معدلات التضخم محليًا في ظل استمرار الأسعار عالميًا.

    أن العامل الثاني هو التأثير المحدود لزيادة سعر الفائدة على الاستثمار الأجنبي في محفظة الأوراق المالية الحكومية، حيث لا يزال المستثمر الأجنبي متحفظ على دخول الأسواق الناشئة ومنها مصر للاستثمار في أدوات الدين.

    تعد كل من السياسة النقدية والسياسة المالية من أبرز وأهم الأشياء التي يتم اللجوء إليها من أجل تحفيز النشاط الاقتصادي في بلد ما، لكن كل واحدة منهما لها دور واستخدام بطريقة تختلف عن الأخرى.

    السياسة النقدية معنية في الأساس بإدارة معدلات الفائدة والمعروض النقدي المتداول بوجه عام في السوق، وتنفذ البنوك المركزية السياسات النقدية على غرار ما يقوم به الاحتياطي النقدي في البنك المركزي وتستخدم البنوك المركزية السياسات النقدية إما لإنعاش النمو الاقتصادي أو الحفاظ عليه ودعمه، وذلك من خلال حث الأفراد والشركات على الاقتراض والإنفاق.

    على النقيض، فإن تقييد الإنفاق وتحفيز الادخار يعد بمثابة أداة في أيدي صانعي السياسات النقدية لكبح جماح التضخم، لذلك جاء قرار المركزي برفع الاحتياطي الإلزامي من ١٤٪ ل ١٨٪، للأول مرة من زمن تستخدم أدوات التقييد النقدي خارج إطار سعر الفائدة.

    الشاهد من الأمر أن هيكون تأثيرها احسن من رفع الفائدة، إن أول مرة منذ زمن يستهدف المركزي التضخم و ليس سعر الصرف و ده الحقيقة يثبت أن من يدير السياسية النقدية والمالية رجال اقتصاد ومال فهمة السوق جيدا لان أسعار العائد الحالية تعتمد بشكل أساسي على معدلات التضخم المتوقعة وليس المعدلات السائدة.

    ويستخدم البنك المركزي المصري ثلاث أدوات مختلفة للسياسة النقدية، هي عمليات السوق المفتوحة، وتغيير متطلبات الاحتياطي النقدي اللازم الاحتفاظ به من جانب البنوك التجارية، وكذلك تحديد معدلات الفائدة. هذاـ وتستخدم عمليات السوق المفتوحة من جانب البنك المركزي بشكل يومي عندما يشتري البنك المركزي ويبيع سندات حكومية لضخ سيولتها في الاقتصاد أو امتصاص السيولة من السوق.

    كما يمكن للبنك المركزي أيضا استهداف نسبة أو معدل الاحتياطي النقدي الذي يجب أن يحتفظ به كل بنك تجاري، ويؤثر ذلك في ميزانيات البنوك وعمليات الإقراض.

    السياسة النقدية تمثل أداة شديدة الأهمية عند التأثير في التضخم والنمو، لكنها أقل تأثيراً على الاقتصاد الحقيقي.

    أما السياسة المالية، فهي معنية بالسياسات الضريبية وخطط الإنفاق، وتنفذها الحكومات وأفرعها التنفيذية والتشريعية. بوجه عام، تستهدف السياسات المالية المنفذة من قبل الحكومات المستوى الإجمالي للإنفاق وتكوينه في الاقتصاد. عندما تتيقن أي حكومة بأن النشاط التجاري للشركات ضعيف بالاقتصاد، فإن تلك الحكومة تلجأ إلى زيادة الأموال التي يجري إنفاقها، ويسمى ذلك بالإنفاق التحفيزي.

    أيضاً، عندما لا توجد إيرادات ضريبية كافية لدعم النشاط الاقتصادي أو سداد الديون، فإن الحكومة تزيد الضرائب لمواجهة هذه التحديات. ويمكن للسياسة المالية أن تحدث تأثيراً أكبر على المستهلكين وعلى الاقتصاد الحقيقي نظرا لكون أدواتها تسهم في زيادة معدل التوظيف وارتفاع المداخيل.

    حال اتخاذ الحكومة قراراً بزيادة الضرائب، فإنها تسحب أموالا من الاقتصاد وتبطيء من نشاط الشركات، وهو ما يدفع بعض الحكومات باستهداف دعم الشركات من خلال سياسات خفض ضريبي، وهو ما ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي.

    يٌفهم مما سبق أن كلاً من السياسة النقدية والسياسة المالية لهما دور كبير في إدارة الاقتصاد، كما أن لهما تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على مداخيل الأسر والأفراد.

    أسباب تحفظ الاستثمار الأجنبي غير المباشر للأوراق المالية الحكومية، بسبب عاملين أولًا عدم وضوح الرؤية في سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وحتى يتم الاستقرار في سعر الصرف سيحجم المستثمر الأجنبي عن الاستثمار في أدوات الدين، ثانيًا أن عائد الاستثمار في السندات الدورية مختلفة الآجال يصل إلى 15% في حين يصل عائد الاستثمار في سندات الخزينة بالجنيه المصري حوالي 12%، وبالتالي لن ينجذب المستثمرين الأجانب لشراء الجنيه المصري ومن ثم دعم الاحتياطي النقدي.

    وتراجع الاحتياطي النقدي المصري للشهر الرابع على التوالي، ليسجل 33.141 مليار دولار بنهاية أغسطس الماضي، وذلك بقيمة 1.3 مليون دولار عن الشهر السابق له.

    أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سجل معدل نمو قدره 3.2٪ خلال الربع الثاني من عام 2022، مسجلاً معدل نمو بلغ 6.6٪ خلال العام المالي 2021/2022، مقارنة بـ3.3٪ خلال العام المالي السابق له. وقد جاء النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وفقاً للبيانات التفصيلية للتسعة أشهر الأولي من العام المالي 2021/2022 مدفوعاً بمساهمة القطاع الخاص بشكل أساسي، وعلى الأخص مساهمة كل من قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية، السياحة وكذا التجارة.

    وفي ذات الوقت، جاء النمو في القطاع العام مدفوعاً بمساهمة كل من قطاع استخراجات الغاز الطبيعي، وقناة السويس والحكومة العامة. وعلاوة على ذلك، مازالت بعض المؤشرات الأولية تسجل معدلات نمو موجبة خلال الربع الثالث من عام 2022. ومن المتوقع أن ينمو النشاط الاقتصادي بوتيرة أبطأ مما كان متوقعاً من ذي قبل. ويرجع ذلك جزئياً إلى حالة عدم اليقين والتداعيات السلبية على الصعيد العالمي.

    وفيما يتعلق بسوق العمل، استقر معدل البطالة عند 7.2٪ خلال الربع الثاني من عام 2022. ويرجع ذلك إلى ارتفاع أعداد المشتغلين وقوة العمل بذات القدر، لتحد مساهمة كل منهما الآخر.

    ارتفع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر الى 14.6٪ في أغسطس 2022 من معدل بلغ 13.6٪ في يوليو 2022. وكذلك سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي – الذي يتم احتسابه باستبعاد مجموعة الخضروات والفاكهة الطازجة وكذلك السلع والخدمات المحدد أسعارها إداريا – 16.7٪ في أغسطس 2022 من 15.6٪ في يوليو 2022. ويرجع الارتفاع في المعدل السنوي للتضخم منذ بداية عام 2022 بشكل أساسي إلى صدمات من جانب العرض، وعلى الأخص ارتفاع الأسعار العالمية للسلع. وعلى الرغم من ارتفاع المعدلات السنوية للتضخم، إلا أن المعدلات الشهرية سجلت نسب أقل مقارنة باعلي مستوياتها المسجلة خلال شهري مارس وأبريل 2022.

    وفى ضوء ما تقدم، تري لجنة السياسة النقدية ان أسعار العائد الأساسية الحالية مع زيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدى البنك المركزي المصري تتسق مع تحقيق هدف استقرار الأسعار على المدى المتوسط.

    وستواصل اللجنة تقييم تأثير قرارتها على توقعات التضخم وتطورات الاقتصاد الكلي على المدي المتوسط، آخذة في الحسبان أنه لايزال أثر قرارتها السابقة برفع أسعار العائد الأساسية بمقدار 300 نقطة أساس خلال عام 2022 ينتقل الي الاقتصاد.

    أما فيما يخص معدل التضخم المستهدف للبنك المركزي والبالغ 7٪ (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022، فإنه من المتوقع وبشكل مؤقت ارتفاع معدلات التضخم عنه. ويؤكد البنك المركزي التزامه بتحقيق معدلات تضخم منخفضة ومستقرة على المدي المتوسط وهو شرط أساسي لتحقيق معدلات نمو مستدامة.

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور عادل عامر يكتب عن : فلسفة قرار تثبيت سعر الفائدة من البنك المركزي Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top