ان فهم الحالة النفسية لشريك الحياة وتقييمها، أمر مهم وأساسي من أسس المعاملة والنجاح في العلاقة الزوجية، ويؤثر في هذه القدرة عوامل عدة منها تميز «دبلوماسية» المعاملة التي تتوقف أحياناً على المستوى التعليمي، والعمر، وعدد سنوات الزواج وعدد الأطفال، وعدد تجارب الزواج. أنه مما لا شك فيه أن عصرنا هذا بحاجة إلى إنسان متعلم قارئ يستطيع فهم ما يدور حوله على أسس علمية سليمة، ولا يمنع ذلك من وجود متعلمين غير مدركين بأسس الحياة وفنون المعاملة. قالت فائدة الكثيري مدربة التنمية البشرية
الدبلوماسية الزوجية» لها قواعدها وآلياتها
التي تغيب عن كثيرين. الدبلوماسية الزوجية «هي أن تعرف متى وأين وكيف تتحدث مع الشريك
وأن تمتلك البراعة واللباقة في التحدث معه». وفي عصر الانفتاح الكامل
«لا بد أن يكون الإنسان واعياً لكل المؤثرات
من حوله ولديه القدرة لفهم الحياة وفنون التعامل مع الناس وفنون حل المشكلات وهذا ينبع
من تجارب وخبرات الشخص وفي كثير من الأوقات، قد تهدم سنوات الزواج الطويلة الحواجز
بين الشريكين وتستقر المشاعر ويصبح كل زوج كتاباً مفتوحاً أمام الطرف الآخر»
«قد يقيم الزوج علاقة خارج نطاق الزواج
وتترتب عليه خيانة زوجية وينتج عنه إهمال للزوجة، ما يؤثر في أدائها في المنزل ولا
بد من حل المشكلة بمشاركة الطرفين، باعتبارهما مسؤولين عن حل المشكلة».
ففي الوقت الحالي من الحجر المنزلي، يتولد
الفراغ عند الطرفين إلا أن هذا الفراغ تتجسد تداعياته عند الزوج بشكل أكبر كون الزوجة
تنشغل بمتطلبات منزلها وأبنائها «هذا الفراغ قد يشغله بعلاقات ودردشات غبر مواقع التواصل
وإقامة علاقة مع امرأة أخرى،
والمفروض أن تشغل الزوجة وقت الزوج كأن
تطلب منه إحضار طلبات المنزل ومساعدتها في بعض المهام أو إقامة جلسة حوار عائلية أو
نقاش كتاب والمشاركة في أعمال جماعية وحتى التخطيط لما بعد الحجر، وهذا يساعد على تقليص
وقت الزوج على وسائل التواصل الاجتماعي،
كما يجب أن تصلح من نفسها وإطلالتها وتزيد
الاهتمام به وتحيطه بالحب والاحتواء وتوجه انشغالاته بشؤون الأسرة».«ففي حال لاحظت
الزوجة أن ثمة خيانة من الزوج على مواقع التواصل الاجتماعي، التجاهل هو الحل الأفضل
لأنه كلما أظهرت المرأة غيرة أكبر، كلما زادت صفة الغرور لديه. أما إذا تجاوز الموضوع
حده وأصبح تهديداً للكرامة والكيان،
فلا بد أن تحاول المرأة تفادي القصور في
العلاقة وتستثمر فرصة وجوده في البيت لإشغال وقت فراغه بالعناية بالأبناء و ممارسة
نشاطات مشتركة تقضي على الملل الزوجي و تلبي حاجات الطرفين ورغباتهما وتزيد الوعي عندهما».وهذا
لا ينفي أن يكون الزوج دبلوماسياً «فالمطلوب من كل طرف أن يقدر الطرف الآخر ويشكره
ولا مانع من لفتة بسيطة أو مشوار مشترك وتوفير الراحة والمحبة داخل البيت حيث يجب أن
يقدر كل طرف للضغوط التي يواجهها الطرف الثاني».«ففي حال عدم قدرة الطرف على المجاملة،
لا بد من أن يتعلم كيفية توجيه الشكر عند تقديم شيء له كون «من لا يشكر الناس لا يشكر
الله».
وفي حال اعتاد على أن يكون الحوار مع الطرف
الآخر بصوت مرتفع، لا بد من التدرب على خفض نبرة الصوت وعدم التحاور بشكل هجومي. فتغيير
الطباع ولو كانت شرسة، يتم تدريجياً بالتدريب كأن أتعلم آداب الحوار والإنصات إلى الطرف
الآخر وتفهم اختلافاته والإلمام بفن إبداء الرأي وفن الاختلاف لأصبح لبقاً في التعامل
مع الناس».
لا شك أن مشاكل الأم مع زوجة الابن من أصعب
المعادلات، وأشد الأزمات في الحياة الزوجية، وهى من أكثر المشاكل التي تواجه الزوج،
وقد تخف وطأة هذه المشاكل مع قليل من تفهم الزوجة لطبيعة وحساسية موقف الزوج واحترامه
وحبه لأمه التي وهبت حياتها لأجله، وقليل من تفهم الأم لخصوصية بيت الزوجية والعلاقة
المقدسة بين الزوجين.
ولاشك أيضًا أن كثيرًا من المشاكل التي
تقع بين الزوجين غالبًا ما يكون السبب فيها تدخلات الأهل وخاصة الأم، ومما يؤكد ذلك
نسب الطلاق المرتفعة التي يستحوذ فيها عامل تدخل الأهل على النسبة الأكبر كأحد العوامل
المسببة للطلاق.
فتاة تبلغ من العمر اثنين وعشرين عاما،
سافرت مع زوجها في رحلة شهر العسل، وأقاما في فندق خمس نجوم، وعاشت معه أحلى ليالي
عمرها، أنس وفرح ومسامرة وسهر. وفي ليلة من الليالي فتح زوجها ثلاجة الغرفة، وأخرج
خمرا وكأسا، وقال لها: افتحي لي هذه الخمرة؛ لنشرب سويا، فتفاجأت من موقفه هذا؛ لأنها
لا تعلم أن زوجها يشرب الخمر، ولكنها تمالكت نفسها واقتربت من زوجها فقبلته وقالت له:
أنت تعرف أني أحبك كثيرا، وأنت حياتي وعمري، ثم همست في أذنه قائلة: ولكن حبي لربي
أكبر وأعظم، فاستغرب الزوج من ردة فعلها ورفضها لطلبه بهدوء، وذكاء فتأثر بكلامها وأخذ
الخمر بيده على استحياء، ثم أعادها في الثلاجة مرة أخرى، فقبلته قبلة ثانية وشكرته
على موقفه الشجاع.
المرأة هي عمود البيت، وهي السبب الرئيسي
في حفظ البيت واستقراره، ولهذا فهي تحتاج لتعلم مهارة الدبلوماسية في إدارة المواقف،
والحكمة في التعامل مع الأحداث، والذكاء في المواقف الحرجة وقصة أخرى تبين دبلوماسية
المرأة وحسن تصرفها عندما طلب زوج من زوجته أمرا محرما في المعاشرة الزوجية،، إلا أن
الزوجة قالت له بحكمة وهدوء، أنا لا مانع لدي من الاستجابة لطلبك،
ولكن لو سألني الله تعالى يوم القيامة:
لماذا وافقت زوجك على هذا الفعل المحرم، فماذا تقترح علي أن أجيب على هذا السؤال يوم
الحساب؟ فصمت الزوج برهة، ثم صرف نظره عما طلب، ولم يطلب منها هذا الأمر مرة أخرى،
وما زالت الزوجية قائمة بينهما حتى الآن والحمد لله. وقصة ثالثة عشت تفاصيلها مع الزوجين
منذ شهر، وهي أن امرأة اكتشفت حب زوجها للنساء، والتعرف عليهم من خلال التويتر والانستجرام،
ففتحت حسابا باسم وهمي وتواصلت مع زوجها بالتويتر،
فتعرفت على ما يحب وقويت العلاقة بينهما
حتى صارحها بالمشاكل التي يعانيها من زوجته، وهو لا يعلم أن التي تكلمه باسم وهمي هي
زوجته الحقيقية، واستطاعت بذكائها أن تحقق طلباته وتتجاوز عما لا يحب حتى ترك هذا الزوج
التحرش بالنساء تماما واكتفى بزوجته. ولعل من غرائب القصص التي عشتها أن زوجا طلب من
زوجته أن تشرب معه خمرا فرفضت طلبه بشدة، وقالت له وهي في حالة غضب: إذا أردت أن تشرب
وتسهر على الخمر، فلماذا تزوجتني وأنا مسلمة! اذهب وتزوج غير مسلمة حتى تحقق لك أمانيك
ثم خرجت لبيت أبيها، ولكنها تفاجأت بعد أسبوع أنه تزوج امرأة نصرانية وأخذ بمقترحها.
وأغرب منها أن زوجا دائم التحرش بالنساء، من خلال الفيس والتويتر،
فيواعدهن بالمقاهي والمطاعم ويكذب عليهن،
ويقول بأنه مطلق وغير متزوج، فلما علمت زوجته بأفعاله، حاولت أن تبعده عن هذا السلوك،
إلا إنه مصر على الاستمرار بعلاقاته النسائية، فجاءتها فكرة ذكية وهي أن تتعرف على
كل امرأة يتعرف زوجها عليها بالشبكات الاجتماعية، فتتحدث معهن وتوضح لهن أنه متزوج،
وأنها حريصة على استقرار بيتهما، وتطلب منهن قطع العلاقة به، وعدم الاستجابة له، فكن
يستجبن لطلبها،
والزوج لاحظ بأنه كلما تعرف على امرأة ورتب
معها موعدا للقاء، يفاجأ بإلغاء هذا الموعد فورا، فاستثمرت الزوجة هذه الفرصة بتوصيل
بعض المعاني الإيمانية لزوجها، بأن الله إذا أحب إنسان أبعده عن المعصية، وقد تأثر
بما حدث. فالمرأة لو استخدمت ذكاءها ودبلوماسيتها في التعامل مع المشاكل الزوجية والتربوية؛
جنبت نفسها مشاكل كثيرة، واستطاعت أن تتعامل مع الصدمات الاجتماعية بطريقة سلسة فتحولها
من مشكلة لفرصة، ومن موقف سلبي لإيجابي، وقد ذكر الله تعالى في القرآن، نساء استخدمن
ذكاءهن بطريقة ايجابية، ومنهن الملكة بلقيس عندما اختبرت سليمان عليه السلام بالهدية،
وأخت موسى عليه السلام عندما كانت تراقب قصر فرعون، ورأت المراضع يخرجن، فاقترحت عليهن
مرضعة وكانت المرضعة هي أمها،
وفتاة شعيب عليه السلام عندما عرضت رغبتها
بالزواج من موسى عليه السلام بطريقة ذكية ودبلوماسية، إلا امرأة العزيز فقد استخدمت
ذكاءها بمعصية الله تعالى وبطريقة سلبية وذلك برغبتها بخيانة زوجها مع يوسف عليه السلام.
أما السيرة النبوية، ففيها قصص كثيرة في بيان دبلوماسية المرأة، وكذلك قصص الصحابيات
رضي الله عنهن، ومنها قصة أسماء مع زوجها الزبير بن العوام رضي الله عنهما، فقد كانت
في بيتها بالمدينة المنورة فطرق الباب عليها رجل فقير وطلب منها أن يبيع عند باب بيتها،
وهي تعلم شدة غيرة زوجها الزبير، فتصرفت بحكمة وذكاء، وقالت للفقير اذهب وائتني بعد
الظهيرة، فذهب ورجع وقت الظهيرة وكان الزبير زوجها في البيت، فطرق الفقير الباب وطلب
نفس الطلب فقالت له أسماء: أخرج ولا تبع عند بابنا، فقال لها الزبير: اتركيه يبيع ما
لديه ثم التفت إلى الرجل، وقال له اجلس وبع ما تشاء، يقول الرجل: فبقيت أبيع حتى أغناني
الله تعالى، فحافظت أسماء على علاقتها بزوجها بطريقة ذكية، وأدارت الموضوع بطريقة يقبلها
زوجها، ولو وافقت عليه ورجع زوجها البيت وشاهد الرجل عند بابه يبيع لغضب عليها. وفي
ختام هذه القصص، أقول إن المرأة هي عمود البيت وهي السبب الرئيسي في حفظ البيت واستقراره،
ولهذا فهي تحتاج لتعلم مهارة الدبلوماسية في إدارة المواقف، والحكمة في التعامل مع
الأحداث والذكاء في المواقف الحرجة، وهذا يحتاج لتدريب وتعليم، ونحن في الغالب لا نهتم
بهذه المفاهيم عند تربية الفتاة، أو تهيئة أمهات المستقبل، والمقبلات على الزواج.
0 comments:
إرسال تعليق