• اخر الاخبار

    الخميس، 1 سبتمبر 2022

    قصّة اﻷسد والثّيران الثّلاثة على أرض العراق الشّقيق تعيد نفسها ..بقلم/أ.د. أحلام الحسن ..رئيس القسم العربي ..باحثةٌ وأديبة

     


    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } النساء ٥٩.

    من منّا لا يعرف قصة اﻷسد الذكي والثيران الثلاثة ، فلطالما رواها لنا معلمونا في المرحلة الإبتدائية، كما روتها لنا جداتُنا وأمهاتُنا جزاهم الله خيرا، كانوا يقصون علينا حكاية اﻷسد والثيران الثلاثة كي يعلموننا العبرة والموعظة من هذه القصة ، وما هي نتيجة الخيانة والغدر بالأخ والصديق والمجتمع والوطن، ولكن للأسف فسرعان ما نسيناها، ولعلّ الزهايمر قد داهم مجتماعتنا العربية فقضى على ذاكرة الملايين ، حتى صرنا الوجبة الألذ للغداء والعشاء، وصارت شوربة عظامنا هي وجبة الإفطار المغذية والشهية جدا .

    لقد عانى العراق العظيم مالم يعانه بلدٌ على وجه الكرة الأرضية، وعبر عشرات السنين إن لم تكن مئات السنين، وذاق أصناف الويلات، ورأى أصنافًا من الرؤوساء ، وألوانًا من المعأنات والأزمات المادية والسياسية والاقتصادية والدينية والعرقية والطائفية ، وبعد هذه المراحل التأهيلية السالفة الذكر

    هناك سؤالٌ يفرضه الواقع المرير وهو :

    ألم يتعلم العراقيون دروسًا من تلك اﻷزمات !!؟

    ألم يأخذوا العبرة مما جرى ومما يجري؟!!

    أم ماذا ؟

    العراق كالجمل المنحور ، فكل الفصائل تريد أكبر شريحةٍ فيه !

    وكلٌّ يدعو لنفسه ولمصلحته المادية معنونًا ذلك بعنونة الوطنية ومصالح العراق!

    والعراق يُذبح من الوريد إلى الوريد وبأيد الكثير من أبنائه !!

    في حالة سباقٍ للكراسي والمناصب ، فعند كلّ معضلةٍ يتعرض لها الشعب العراقي يحاول أولئك المتخفون خلف الجدران انتهاز الفرصة للإنقضاض على كرسي الرئاسة، وبجهود غيرهم من الكتل الشعبية والفصائل السياسية المتقاتلة !!

    فليحذر الشعب العراقي من التفكك والاقتتال، ولتُحل كل المعرقلات واﻷزمات على طاولة الحوار سلميًا من أجل العراق والوطن ، ومن أجل سدّ اﻷبواب على المتربصين بهم، والآملين لعودة فئات نظامٍ فاشلٍ أذاق الشعبَ العراقي أشد الويلات ، ولم تسلم جيرانه منه.

    التعقل والحكمة والخوف من الله كلها أمورٌ مطلوبة، ولنتذكر قول الله تعالى :

    {  والفِتنةُ أشدُّ من القتلِ }

    وليتذكر الشعب العراقي العزيز هذه الآية العظيمة لتكون عبرةً لمن يعتبر :

    {  إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ أَعْمَٰلَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَآءَتِ ٱلْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّى بَرِىٓءٌ مِّنكُمْ إِنِّىٓ أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّىٓ أَخَافُ ٱللَّهَ ۚ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

    فالتحريض والتزين ليس فقط من الشيطان مباشرة فقد يكون عن طريق شخصياتٍ لها وزنها بالمجتمع ولها كلمتها المسموعة، والتّبرّأ سيكون تحصيل حاصلٍ لا خلاف في ذلك، في الدنيا والآخرة ، يقول الحقّ تعالى في محكم كتابه المبين :

    { إذ تَبرّأ الّذين اتُّبعوا من الّذين اتَّبعوا }

    وسيقال لكم " القاتل والمقتول في النار "

    يقول رسول الله عليه وعلى آله صلوات الله وسلامه متحدثًا عن فتن آخر الزمان :

    ( لَيُغْشِيَنَّ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا ، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا ، يَبِيعُ أَقْوَامٌ دِينَهُمْ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ .)

    في حالةٍ من الذبذبة بين الإيمان الحقيقي ، والتوهم بالإيمان، وبين المصالح الدنيوية والمادية، ونجد في هذا الحديث الشريف التحذير من فتن آخر الزمان

    تبدأ بالإيمان وتنتهي بالكفر  ! ويُباع الدين لأجل المال والمناصب .

    وجاء في نهج البلاغة قول الإمام علي كرم الله وجهه محذرًا من فتن آخر الزمان العامة :

     ((وَذلِكَ زَمَانٌ لاَ يَنْجُو فِيهِ إِلاَّ كُلُّ مٌؤْمِن نُوَمَة، إِنْ شَهِدَ لَمْ يُعْرَفْ، وَإِنْ غَابَ لَمْ يُفْتَقَدْ، أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى، وَأَعْلاَمُ السُّرَى، لَيْسُوا بِالْمَسَايِيحِ، وَلاَ الْمَذَايِيعِ الْبُذُرِ، أُولَئِكَ يَفْتَحُ اللهُ لَهُمْ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ، وَيَكْشِفُ عَنْهُمْ ضَرَّاءَ نِقْمَتِهِ. أَيُّهَا النَّاسُ، سَيَأْتي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يُكْفَأُ فِيهِ الإسْلاَمُ، كَمَا يُكْفَأُ الإنَاءُ بِمَا فِيهِ. أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَعَاذَكُمْ مِنْ أَنْ يَجُورَ عَلَيْكُمْ، وَلَمْ يُعِذْكُمْ مِنْ أَنْ يَبْتَلِيكُمْ، وَقَدْ قَالِ جَلَّ مِنْ قَائِل: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ) .

    فكن ذلك المؤمن النّيمة كما قال الامام علي رضي الله عنه، وكما

    قَال عليه السلام في حكمةٍ أخرى في نهج البلاغة :

    ( كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ ، لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ).

    وبالله التوفيق.

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصّة اﻷسد والثّيران الثّلاثة على أرض العراق الشّقيق تعيد نفسها ..بقلم/أ.د. أحلام الحسن ..رئيس القسم العربي ..باحثةٌ وأديبة Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top