الحمد لله الناصر لدينه، المعز
لأوليائه، وصلى الله تعالى على نبيه، من حكم فعدل، وجاهد فرحم، وبعد:
فهذا عنوان قديم لدورة طلابية
أتمناها منذ سنوات، أردت تجديد العنوان، وتسليط الضوء على أمور ضرورية، أبينها في
نقاط خشية الإثقال والإملال.
١. قوله عليه الصلاة والسلام: “……،
والذي نفسي بيده، لا يسألوني اليوم خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها،
….”.
قلت: والحرمات كثيرة، لكن ما يظهر
منها في هذه الحادثة هو:
أ. تعظيم بيت الله الحرام.
ب. تعظيم سفك الدم، خصوصاً الحرام.
ج. تعظيم البدن والذبح لله تعالى.
وكل هذه الأمور كانت عند كفار
قريش، وهي عندهم بمكان، فلما كانت الوسيلة لذلك، هي الصلح والسلام، سارع إليه رسول
الله صلى الله عليه وسلم، لأنه يكره:
سفك الدم، وامتهان البيت الحرام،
واحتقار الهدي، …. .
وفي ذلك إشارة إلى أن المقدسات،
والدم، وذبح الذبائح، مركوز تعظيمها في النفوس، وأن موافقة الكفار في تعظيمها ليس
خطأ، وأن الكفار لا يخلون من وجوه تعظيم لله تعالى ولو حال الكفر والشرك، ما يجعل
المسلمين يوافقونهم في ذلك، ولا يرفضون لمجرد فعلهم له، ولا يقول بهذا -أعني الترك
لفعلهم- إلا جاهل مكابر معاند.
٢. قوله عليه الصلاة والسلام: “هذا
فلان -عن مكرز بن حفص- وهو من قوم يعظمون البدن، فابعثوها له”.
وفي هذا بيان ما يلي:
أ- معرفة رسول الله صلى الله عليه
وسلم بطبائع الناس وهكذا ينبغي على القائد والمتصرف بأحوال المسلمين، ليحسن
التدبير.
ب- أن من حسن التدبير، تقديم وفعل
ما يحبه الكفار مما فيه تعظيم للدم والحرمات، وليس ذلك من الدنية في الدين.
ج- أن في الكفار بقايا من شرائع
الأنبياء -مع شركهم- يتعبدون الله تعالى بها.
٣. لما كتب رسول الله صلى الله
عليه وسلم: “بسم الله الرحمن الرحيم، …..، هذا ما صالح عليه رسول الله “، رفض سهيل
بن عمرو كتابة: الرحمن، ورسول الله، فمحاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك:
أ. أن رفض الرسالة من الكفار، لا
يعني محو نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هي ثابتة وإن رفضوها، خصوصاً أن
ذلك ليس إسقاطاً للثوابت، فليس هو إسقاطاً للنبوة.
ب. أن قبول النبي صلى الله عليه
وسلم محو: الرحمن ورسول الله، تنازل لتحقيق مصلحة أكبر، وهي حقن الدم، وصيانة
الحرم، وتعظيم الهدي.
٤. رد رسول الله صلى الله عليه
وسلم من أسلم وجاء بعد الصلح لدولة المسلمين، فيه من الفوائد:
أ- تعظيم رسول الله صلى الله عليه
وسلم للعهد والوفاء به.
ب- إقامة المسلم بين الكفار مع
رعايته للشريعة الظاهرة لا بأس به.
ج- انتظار بركات الوفاء بالعهود
لاحقاً، فكان الفتح المبين.
د- أن عقود وعهود الصلح ليست إلا
لولي الأمر المتبع دون غيره.
وعليه: فما نراه ممن يدعي
المقاومة، أو من الخوارج والمتطرفين وأمثالهم، من الخروج عن ذلك، فيه مفاسد ونكسات
تلحق المسلمين، بدعوى: المقاومة والجهاد، وهو كله من الباطل عياذاً بالله تعالى،
فلنعتبر بذلك، والله تعالى الهادي إلى سبيل الرشاد.
0 comments:
إرسال تعليق