شكوى المظلوم للخالق ليس بينه وبين الله حجاب ، وقفت على أطراف نهر دجلة تروم الانتحار ، فتحدثت مع خالقها بحرقة قلب ودموع منهملة كالامطار ،
سبحانك اللهم إنا إم ثكلى أستغفرك
وأتوب إليك وأطلب منك أن تنظر بمظلوميتي فقد جزعت الحياة ، ورغبت بالآخرة فهي دار
المقام ، ربي وخالقي ليس لي سواك فقد ضاق صدري مما عانيت ومر علي من الألم والمرار
، كنت أم لخمسة أبناء حياتنا كحياة باقي الناس يوم صعب ويوم سهل فهكذا هي الحياة
وكنا نحمدك ونشكرك وأنت لايخفى عليك خاف ، زوجي متقاعد خرج بربع راتب بعد خدمة
أكثر من ثلاثين عام من الكد والعناء خرج محملا بأنواع الأمراض المزمنة من (سكر
وارتفاع ضغط الدم وجلطة في الدماغ )فهذا حال أغلب متقاعدي بلدي من شدة خيبة أملهم
بما أخذوه من جزاء لوفاءهم لبلدهم طوال سنون عجاف، وراتبه لايكفي لشراء العلاج ، فقرر ولدي إبن
العشرين ربيعا أن يخرج مع اصدقاءه للمطالبة بحقوقهم وحق والده واخوته وجميع الناس
، فقد كان أملنا الوحيد في الخلاص فهو طالب جامعي وسيتخرج بعد عامين وحلمنا بأن
يتعين ويحمل عن والده الحمل الذي انهكه واثقل كاهله حتى سقط صريع الداء ، خرج ولدي
يريد وطن يضمن فيه حق والده في العلاج والدواء وحقه وحق اصدقاءه بالتعين وفرصة عمل
بعد التخرج بدلا من أن يعمل عامل بناء أو بائع خضار ويعلق الشهادة على الحائط
للزينه كمن سبقوه من الدفعات ، وأن يضمن فرص تعيين للعاطلين عن العمل من الشباب
والشابات، خرج مع زملاءه كأنهم طيور نوارس
والناس تدعو الله أن يكون لهم خير حارس، وذات مساء عاد لي محمولا على أكتاف أصحابه
وقميصه الأبيض كلون قلبه ملطخا بالدماء ، فقد تم قتله بدم بارد ودون حياء أو مخافة
منك سبحانك فأحتظنته من المساء حتى الصباح خوف من أن يحرموني منه فهو فلذة كبدي
وابني البكر فكيف يدخلوه القبر ويهيلوا عليه التراب وأنا أنظر إليه بقلب أم ثكلا
مشتعل بقلبها بسعير النار ...
ومرت الايام ثقيلة جدا ، وقلبي
يتفطر إلما وانا أرى باقي ابنائي من العوز والفقر يعانون الا أنهم في وجهي يبتسمون
، هكذا كانوا يتظاهرون ، وبين مستلزمات دراستهم واكلهم وشربهم وبين علاج والدهم
قررت العمل أخبز للناس مقابل ثمن...، عمل متعب لأم ثكلى فقدت الولد ، الذي كانت
ترجوه حينما يكبر يكون لها ولوالده واخوته العون و السند ، وبدأت اعمل من الصباح
حتى المساء وما أحصل عليه أقسمه بين أبنائي والعلاج ، رغم قلته إلا أننا كنا نحمدك
عليه ونشكرك ، وذات يوم صحوت على صوت الجرار جاء ليهدم منزلنا فهو تجاوز هذا
ماقالوه لنا عندما سلمونا الانذار ، فمنظره يشوه منظر الشارع كون المسؤول يمر من
هنا ولم يعجبه وضع الدار ، لذا يجب هدمه حتى لا تتشوه الأنظار ولو كان الثمن أن
ننام في الشارع فامر المسؤول مطاع ...
وها انا وعائلتي مشردين، لادار تأوينا،
ولا ولد يعيننا ويكون لنا السند ، ولا راتب يكفينا بعد أكثر من ثلاثون عاما
من خدمة البلد ، افبعد كل هذا يمكن أن يكون لنا في الحياة امل ...!! ، فالفساد
ينتشر كالطاعون في جسد البلد وينخر فيه دون كل أو تعب ، وفي تغيير الحال ليس لي
إمل ...
فرد عليها شيخ كبير كان يسترق
السمع لشكواها لله الأحد، فدمدم عليها
بكلمات وقال لها لاتحزني يا ابنتي أن الله يسمع شكواك، ويقول لهم
كما قال للسامري
((قال فاذهب فإن لك في الحياة أن
تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه )) صدق الله العظيم
ثم جاء أمر الله فخسف به وبأمواله
الأرض حتى أصبح يضرب بعقابه الأمثال...
لا تغرك حياة الفاسدين المترفه
وماسرقوه من أموال الفقراء إلم تقرأي قوله تعالى ((وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ
أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ
سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ))
فالدنيا تافهة وماعند الله خير
الجزاء فلا يغرنك ماهم فيه من الثراء فهي كشجرة الزقوم يملؤن منها البطون وحسبك
الله هو المنتقم الجبار عودي لأولادك وزوجك واستغفري ربك عسى أن يفرجها عليك بافضل
حال ... فهو المقتدر (اذا أراد شيئا فيقول له كن فيكون )وقولي حسبي الله على كل
ظالم وسارق وفاسد سلب حقنا في ثروات هذه البلاد هيا يا ابنتي لنعود معا فأنا كنت
قد قررت مثلك ولكن حين سمعت قصتك عدلت عن
الانتحار ، وحسبنا الله المنتقم الجبار .
0 comments:
إرسال تعليق