في مثل هذا اليوم، عام ٢٠٠٣،
اليوم الأول للقصف الأمريكي على بغداد، كتب الشاعر السورى نزار بريك هذه القصيدة في تونس، وألقاها في
اليوم نفسه، في افتتاح مهرجان الشعر العربي خيمة علي بن غذاهم
لن يُطفئوا دَمَنا.
من دَمنا الجذوةُ الأولى
وفي دمنا
للكون فجرٌ
وللوجودِ ميلادُ.
لن يطفئوا دَمنا
مِن دمنا ابتدأ التكوينُ
في أرضنا
تمخّضَ الطينُ
فاستوَتْ على العرشِ نخلةٌ
أفاءَتْ على السديمِ
فانبثق النهرانِ
وانتصَبَتْ
في النورِ بغدادُ.
لن يطفئوا دمنا
نحنُ البدايةُ
مِن ألواحنا بَزَغَ التاريخُ
من حجرٍ
في (أورَ) فاحَ أريجُ الخلدِ
من نغماتِ (نينوى)
رضعت شمسُ الحضارةِ
من جسرِ (الرَصافةِ)
ألقى الحبُّ وردتَهُ الأولى
ففاضَتْ ينابيعُ الهوى
وانتشَتْ
بالوصلِ، أفئدة حرّى وأكبادُ.
لن يطفئوا دَمنا
(بويبُ) أكبرُ من بحارهم كلها
(جيكورُ) أقدسُ من أقداسِهمْ
وبيوتُ الطينِ أمنعُ من أبراجهم
كلها
بغداد
هزّي نخيل المجدِ
يسّاقطِ المجد شموساً
على دجى صحارانا
نحنُ الألى روّضوا الدهرَ
فأقعى على أبوابنا الدهرُ
يستجدي عطايانا
نحن الألى قهروا الموتَ
فكم مرة
خضنا حياضَ الردى
ومن حياض الردى
عادت سرايانا
لن يطفئوا دمنا
بغدادُ في دمنا
بغداد في دمنا الخمرُ الذي كانَ
قبلَ أن تكونَ الدوالي والعناقيدُ
بغداد أسطورةُ البَقاء
فلتحني الجبالُ هاماتَها
ولتسجدِ البيدُ
بغداد خطّي على وجهِ الزمانِ
أناشيدَ الخلودِ
فقد
يفنى الزمانُ
ولا تفنى الأناشيدُ
الرسالة الأولى
الأخ والأستاذ العزيز نزار بريك
المحترم لك الاكبار ..فى ١٠..٤....٢٠٢٢ بالبحث عثرت على قصيدتك هذه ..وهي وليدة
لحظتها آنذاك وكانت بصدق مشاعرها ..والمامك بتاريخ بلادنا اعطاها مكانة أدبيه ..رغم
ان الحدث لازال في ساعاته الاولى ...
.....أسطورة البقاء......
لن يطفئوا دمنا ...وهذا استهلال
يلائم الحال ..لان دمنا كان يغلي..وهذا ادم ليس لهم القدره ان يطفئوه لان كان
الجذوة الاولى ..لكل المعارف والعلوم ..وهو اصل الوجود..وبه ابتداء هذا التكوين
الحضاري على الرغم من تعقيده..لكنه ابتداء من ارضنا وهو حق لنا التفاخر به وشرف لنا
الانتماء له والتباهي به....ومن بين اصابعنا تحول الطين الى قرطاس ولا زلنا به
نفخر ونتفاخر...وبين نخلاته ...لكنهم عملوا بكل وسائلهم ان يلغوا هذا البدء وهذا
التاريخ ويحطمو تلك الجذوه ..جذوة الكرامه التي زرعت ونبتت مع اولى الباسقات من
نخيل بلاد ما بين النهرين..وافأءن على ارض هذه البلاد الحضاره..وكان النهران فسمي
بأسمهم ..وجاءت بغداد لتنصب على دجلة ..وتكون هي الحافظه لتلك الحضاره والباحثه عن
قرطاسها الذي به كتبت الحضاره ..وكانت هي المناره ..وفاء نورها الى كل الاصقاع ..
ويبقى دمنا يغلي حتى نسترجع ارثنا
العظيم والذي يمثله اكداس من من المكتشفات التي لا يختلف على اصلها ومرجعها احد..والذي
من بين تلك الرقم الطينيه وتلك الاحجار ..كان نور العالم وتقدمه ..فجاؤا بكل حسد
وحقد ان يقضو ا على ما خلفنا ...وتلك اور التي عادوا لها وبكل ذلتهم وخذلانهم فرضت
عودتها عليهم ....واه من نينوى ..ونغماتها وسومر وقيثارتها منها
ويشهد على هذا جسور بغدادنا في
عصورها في 1948 ..وكومونة بغداد العظيمة
و١٩٥٢...وهبة بغداد التي زلزلتهم
وكل هذا حدث كما وصفتها انت على جسر بغداد ولازالت الدماء تنز منه ..وجاء هم
الزلزال العراقي في ١٩٥٨ ...ثم تأمروا ليحطموا وافتعلوها حربا ضروسا ٩٦ شهرا
وانتصر العراق ...ولم يكتفو ا فنصبوا له كمين دجديا بالحرب الاخرى ..وكانوا
يعتقدوا اننا سنموت ..وجمعوا كل سفله التاربخ واتخذوا منهم ساسة وجعلوهم قاده
واطمئنوا لحالهم .. وانبثق تشرين الاول ١٩١٩ ...ليحبط ما يخططو له .. ولازالت هذه
الحضاره الولادة
قسما بالله لقد بكيت عندما قرأت
قصيدتك تلك وكنت وحدي كعادتي اليومية تمرين المشي اليومي وطلعت لي وانا اتصفح
صفحتك ...بكيت ...بكيت وحدي ...ثم قطعت التمربن وعدت ...
لقد كتبت قصيدتي اتتم صلاتك وانا الذي لا ينشر لي في الصحافة
الورقيه البغدادية نشرتها لي احد الصحف....
أخوكم هاشم عباس الرفاعي
..في عزلته المطلقة.....الاثنين
١١...٤...٢٠٢٢
اشكرك جزيل الشكر صديقي العزيز
على هذه القراءة المتميزة لقصيدتي. وأنا شديد التأثر لانعكاسها الحي على وجدانك
النبيل وذائقتك المرهفة. . لك كل المحبة والتقدير
هذا ماكتبه لي الاستاذ'نزار بريك
له الشكر
أحييك صديقي. وأتمنى عند نشرها أن
ترسلها لي كي أشاركها على صفحتي وكي أضمها إلى أرشيفي أيضا. لأنها ستكون مصدر اعتزاز لي. دمت بالف خير وعاشت بغداد الخالدة الأبية
وهذا ما طلبه مني
0 comments:
إرسال تعليق