• اخر الاخبار

    السبت، 11 يناير 2020

    حسن بخيت يكتب عن : " وداعا حكيم العرب - رمز السلام والإنسانية "


     حسن بخيت يكتب عن : " وداعا حكيم العرب - رمز السلام والإنسانية "

    رحل عن عالمنا حكيم العرب، رحل القائد الفذ العظيم، صانع الانجازات والأمل، المعلم الكبير وواهب الخير ، رحل صاحب الحكمة والذكاء ، صاحب رؤية الإصلاح والبناء والتوازن ، رحل سلطان عمان " قابوس بن سعيد "،  إذ فقدته سلطنة عمان ، وفقدته الأمة العربية، بل فقدته الإنسانية كلها، حمل هموم شعبه، ولم يفرق بين أهله وعشيرته ، عاش السلطان قابوس عمره من أجل عمان وأهلها ، ومات من أجلها، ولم يبخل عليها يوما بلحظة من عمره، وهبها حياته وفكره فقد كانت تعيش فى وجدانه، ورحلة كفاحه صورة نابضة بالحب لشعبه ولوطنه، كما سطرها التاريخ منذ توليه حكم بلاده عام 1970 ..

    انه نوع فريد من القادة الذين لا يتكررون في التاريخ؛ ويفرضون حبهم في الحياة والممات، وذلك لأنهم عملوا كل ما يستطيعون من أجل سعادة وراحة شعبهم؛ وتركوا إرثاً خالداً ستبقى الأجيال تستذكره؛ ولذلك يخلد التاريخ هؤلاء القادة ولا يمكن نسيانهم، وكذلك هو السلطان قابوس ،  كيف لا؟ ونحن أمام قائد كرس حياته من أجل أبناء شعبه الذين كان ينظر إليهم كوالد ويعاملهم كأبناء. كيف لا؟ ونحن أمام قامة عربية أصيلة جعلت من حب الآخرين ومساعدتهم والتضحية من أجلهم هدفها في الحياة. كيف لا؟ ونحن أمام إنسان كرس حياته لعمل الخير والحب في كل مكان وليس في عمان وحدها ، حتى أصبحت صفة الخير والسلام والحب ملازمة لاسمه أينما ذكر في أي مكان في العالم . هكذا كان السلطان قابوس ؛ وهذا ما يدركه كل مواطن عماني ، بل ويدركه كل مقيم على أرض عمان ؛ ولهذا فلا عجب أن يسكن السلطان قابوس في القلوب وستبقى ذكراه خالدة في العقول..

    وها هي اليوم سلطنة عمان تثبت للجميع أنها تمشي على خطى واثقة. مستلهمة سياستها من حكمة زعيمها السلطان قابوس الذي علم العالم أجمع في كثير من المواقف بأن لغة الفعل هي الأنجح، لا لغة الإعلام المطبل والمروج. فبالرغم من المواقف الحكيمة التي تبناها السلطان قابوس في حفظ استقرار بلاده بالمنطقة. إلا أنه لم يستغل تلك المواقف-كغيره- في الترويج عن نفسه ومنجزاته ومواقفه بالضجيج والصياح والخطابات، بل جعل من أفعاله حديثا تنشغل به ألسن الناس. وأخبارا تمتلئ بها الصحف والمجلات العمانية والعالمية ، ونقاشات تعج بها القنوات الفضائية في كل مكان ، ليس لشيء وإنما لحكمته التي أصبح الجميع يتخذها منهاجا له في حياته.

    انه الوفاء الذي لابد وأن يترسخ كقيمة أساسية ومبدأ عند الكل، قيادات وحكومات وشعوب ،فالوفاء عندما يأتي من صاحب الشهامة والحكمة والوفاء ، رجل من معدن أصيل نادر وقليل ما نجده في هذه الأيام ..
    الوفاء  الذي جعل حاكم وهب أيام حياته لرفعة وطنه ، وهب أوقاته لسعادة شعبه، رجل أحب شعبه بصدق وإخلاص فأحبه الشعب أكثر بصدق وإخلاص، قائد من نوع فريد ورمز حقيقي للإنسانية والعطاء ، رجل مواقف وأفعال ، منح شعبه الحب والعطف.. فبادلوه أبناء شعبه  بالمحبة الصادقة.. بادلوه بالولاء والطاعة - صغيرهم قبل كبيرهم - نسائهم قبل رجالهم - حتى المقيمين على أرض هذا البلد الطيب ،قد تعلموا كيف يكون الوفاء من خلال تربية أخلاقية عمانية غرثها حاكم صاحب رؤية وبصيرة وحكمة وذكاء وقطف ثمارها كل من يقيم على أرض هذا الوطن ..

    حاكم له رصيد كافي من المواقف الإنسانية.. وله أعمال جليلة في وطنه .. فقد حرص على تطوير البلاد والنهوض به إلى بر الأمان .. فهو يملك رصيداً كبيراً من الحب عند شعبه وعند المقيمين في هذا البلد.. وفي العالم العربي الإسلامي.. وحتى الدولي.. وخير دليل على محبته  هي مشاعر العالم أجمع عندما سمعوا بخبر وفاته .. فليس معهم  إلا الدعاء الصادق بأن يتغمده الله بواسع رحمته ، ويسكنه فسيح جناته .

    وبالتأكيد : تذكر مصر والمصريون مواقف السلطان قابوس تجاه مصر ، فمنذ تولي السلطان قابوس مقاليد الحكم في يوليو 1970، عرف بمواقفه المؤثرة تجاه أشقائه العرب عامة ومصر خاصة، بما يعكس تقديره لمصر ولشعبها وقياداتها طوال فترة وجوده على عرش السلطنة .

    وتذكر مصر الكثير من المواقف المشرفة للسلطان قابوس ، رحمه الله رحمة واسعة ، طيلة فترة حكمه، باختلاف الرؤساء المصريين الذين تولوا حكم مصر، وتتمثل أبرز هذه المواقف في المواقف التالية:
     حسن بخيت يكتب عن : " وداعا حكيم العرب - رمز السلام والإنسانية "

    أطلق السلطان قابوس مبادرة تاريخية، عندما أصدر مرسومًا خلال حرب أكتوبر 1973، بالتبرع بربع رواتب الموظفين لدعم مصر، وإرسال بعثتين طبيتين عمانيتين لمصر، كما جاء في تقرير الهيئة العامة للاستعلامات.

    واحتفظت سلطنة عمان بعلاقاتها مع مصر، عقب زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للقدس في العام 1977، وتوقيع اتفاقيات معاهدة كامب ديفيد، التي نتج عنها مقاطعة عربية شاملة لمصر.

    وفي كلمته التي ألقاها السلطان قابوس، بمناسبة العيد الوطني الـ14 للسلطنة في العام 1984 أشاد بدور مصر، قائلا: "ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أنّ مصر عنصر الأساس في بناء الكيان والصف العربي، ولم تتوان يوما في التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام".

    وحسبما جاء في تقرير الهيئة العامة للاستعلامات، فإن للسلطان قابوس مواقف ثابتة تجاه مصر، ويتمثل المحور الأساسي لها في دعوة حكيمة تنطق بصوت العقل، وتطالب دائمًا في كل المناسبات وعلى الأصعدة كافة، بضرورة الاحترام الكامل والمطلق للقرارات المصيرية التي يتخذها الشعب المصري، وصون استقلال قراره الوطني والاحترام المطلق لسيادته وإرادته وحقه في اختيار ما يراه مناسبا لأوضاعه ومستقبله.

    مهما نعبر عن مشاعرنا.. فإنها لن توفي هذا الرجل حقه من المحبة.. فهو قائد الإنسانية .... رحم الله السلطان قابوس رحمة واسعة ، والهم شعبه الصبر والسلوان .

    *كاتب المقال
     كاتب صحفي مصري

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: حسن بخيت يكتب عن : " وداعا حكيم العرب - رمز السلام والإنسانية " Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top