• اخر الاخبار

    الأربعاء، 29 أغسطس 2018

    الدكتور عادل عامر يكتب عن : جرائم الانترنت والامن القومي



    لقد أفرزت هذه الثورة التكنولوجية الجديدة الحاجة الماسة إلى تطوير نظم المعلومات في جميع قطاعات الحياة بما يساير التطورات التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية التي تتزايد يوما بعد يوم ، وذلك لأجل الاستفادة من الآثار الإيجابية لهذه الثورة، خاصة وان المستقبل سوف يشهد المزيد من التطور في نظم المعلومات بعد إن اتصلت هذه النظم بالأقمار الصناعية وبدأ العالم يدخل عصرا جديدا وهو عصر الإلكترونيات.


     وإذا كان الإنسان بما حياه الله من علم هو المفجر لهذه الثورة التكنولوجية الحالية، وهو الذي بداخله نفس بشرية قد تجبل على الخير إذا ذكاها، وقد تجنح إلى الشر إذا دساها، فإنه لم يقف عند جني الثمار الإيجابية لهذه الثورة وانعكاساتها المختلفة في مناحي الحياة، وانما قد استغلها بمكره السيء في اكتشاف العديد من الاساليب الإجرامية الجديدة التي سهلت له ارتكاب العديد من الجرائم. ولقد تمكن الإنسان عن طريق الوسائل الإلكترونية المستحدثة من ارتكاب العديد من الجرائم ضد الأشخاص والأموال، وضد الاسرار الاقتصادية والسياسية والعسكرية للدولة فلا مرية أنه كلما أزداد الاعتماد على الحاسبات في المجالات الاقتصادية والإدارية لمخاطر الغش والتجسس والسرقة والإتلاف العمدي،


     وغير ذلك من الجرائم التي ترتكب سواء اكان ذلك عند إدخال البيانات إلى الحاسب ام عند تبليغ البيانات إلى مستخدميها ام عند تخزين البيانات لحين استخدامها، أم عن طريق الدخول غير المشروع لهذه الحاسبات عن طريق اختراق البرامج الخاصة بها.


    والتلاعب في البيانات المخزنة فيها، حتى أن جرائم القتل العمد قد ترتكب باستخدام شبكات الاتصال عن بعد.


     ومما يزيد من خطورة هذا النوع الجديد من الجرائم أنها قد تتعدى حدود المكان ويصعب بالنسبة لها حساب الزمان. كما وأن محلها قد يتعدى القيم المادية ليكون قيما معنوية لا تلمسها الايدي ولا تبصرها الأعين كالبرامج الخاصة بالحاسب والبيانات المخزنة.


     فلا مشاحة ان السمة الرئيسة التي تتميز بها التكنولوجيا الحديثة للمعلومات انها تعتمد على تحويل البيانات أو المعطيات وهي غير ملموسة من شكل إلى اخر وذلك إما عن طريق معالجتها بواسطة الوسائل الإلكترونية، أو بنقلها من مكان أو من شخص إلى آخر كذلك فإنه لا يغيب عن الذهن أن الوسائل الإلكترونية المستحدثة


     قد يضيق بها الإنسان ذرعا ليس – فقط – لأنها ستصيبه بأذى وضرر الجرائم الجديدة التي تتمخض عنها، وإنما أيضا لأنها سوف تسهل وتوسع من مجالات انتهاك مكنون حياته الخاصة للحصول على أسراره الشخصية وأسراره المالية، بل إن هذه الوسائل قد تنتهك كذلك الأسرار المهنية والاقتصادية للمؤسسات والشركات والبنوك فلا يوجد شك في أن التطور الهائل الذي لحق شبكة الإنترنت وانتشار أجهزة الحاسب الآلي الصغيرة، قد تسبب في تهديد الحريات الفردية بخطر الاعتداء عليها، وهو ما يتطلب إيجاد الوسيلة المناسبة للرقابة عليها لتجنب هذا الخطر في الوقت المناسب فلا غزو أن إنسان هذا العصر كما أنه قد يهلك الحرث والنسل ويفسد بيديه بدائع خلق الله وجميل صنعه، فإنه ليس بمستغرب عليه أن يستفيد من التكنولوجيا الحديثة في الاتصالات في المزيد من التنصت والتلصص على الحياة الخاصة لبني جنسه باستخدام الوسائل الإلكترونية الدقيقة، والتي عن طريقها قد تكون حياتهم الخاصة وأسرارهم المالية بدون حجاب ومما يزيد من خطورة هذا الامر أن النصوص العقابية المطبقة لا تكفي لحماية حرمة الحياة الخاصة من الاعتداء عليها باستخدام الوسائل الإلكترونية المستحدثة،


    بحسبان أن هذا الاعتداء لا يعاقب عليه قانون العقوبات إلا إذا كان مرتبطا بمكان خاص، اما تخزين المعلومات عن الافراد وتسجيلها في هذه الوسائل فإنه لا يخضع للتأثيم وفقا للقواعد العامة ويكفي في ذلك الإشارة إلى أنه عن طريق استخدام الحاسب الآلي فقد أمكن بواسطة عملياته الدقيقة المتقنة الماهرة أن تكون الحياة الخاصة للإنسان مجردة من كل السواتر أو التحصينات


     وهكذا نرى أن ثورة الاتصالات قد أفرزت وسائل إلكترونية عديدة قد تسببت في ظهور أنواع جديدة من الجرائم التي تختلف من حيث محلها ومن حيث أسلوب ارتكابها عن الجرائم التقليدية، وهو ما ادى إلى ظهور العديد من المشكلات


    انتظرنا كثيرا صدور تشريع وقوانين يمكنها التعامل مع الجرائم المستحدثة باستخدام الوسائل الإلكترونية وتطبيقاتها سواء كانت عن طريق الانترنت أو الهواتف المحمولة والذكية فهذه الجرائم غاية في الخطورة وتضرب المجتمع في شبابه واقتصاده بل وتثير الشائعات وتنشر الأعمال الفاضحة, وعدم وجودها يزرع الخوف في قلوب المستثمرين الأجانب خوفا من التلاعب ببياناتهم وعقودهم وتعاملاتهم المادية عن طريق الانترنت, وقام نواب الحرية والعدالة بالمطالبة بسرعة مناقشة التشريع لاستصدار قانون لمكافحة هذه الجرائم الحديثة, مما لاشك فيه أن ما شهدته مصر من محاكمات في العديد من القضايا المهمة,


    وما تم من إجراءات بشأن العديد من الجرائم قد أثبت قصور منظومة العدالة الجنائية عن بلوغ أهدافها. ولا نعيب في ذلك قضاءنا المصري أو قضاته الذين يبذلون أقصي ما في وسعهم لمحاولة لمواجهة تلك الجرائم وردع مرتكبيها، بل إننا نعزي هذا إلى قصور أو نقص الأدوات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، ومنها القصور التشريعي في مكافحة الحديث من الجرائم ومنها جرائم تقنية المعلومات والتي يطلق عليها مجازا الجرائم الالكترونية.


    ولا ينكر أحد أن تقدم الدول في العصر الحديث يقاس به بتطور نظم المعلومات الالكترونية لديها، إذ أنها تساعد على تشجيع وتسهيل المعاملات والمراسلات الالكترونية بما يسهم في سرعة إنجاز المعاملات التجارية والأعمال البنكية وغيرها من مجالات أخري تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.


    وبالتالي فإن الإخفاق في مكافحة الجرائم الالكترونية وإحكام السيطرة على مرتكبيها يمكن أن يشل من تلك المعاملات بما يؤثر سلبا على أنشطة الاستثمار وعلى الاقتصاد الوطني. ولذلك اهتمت العديد من الدول بإصدار تشريعات مكافحة الجرائم الالكترونية، ولا نعني بذلك الدول الغربية فقط، بل أيضا العديد من الدول النامية. بل إن هناك من الدول العربية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة سبقتنا في هذا المجال فأصدرت تشريعا متكاملا في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات هو القانون الاتحادي رقم2 لسنة.2006 ومما يؤسف له أن ذلك التطور لم يصب التشريع المصري بعد.


    ان أحد التحديات التي تواجه منظومة العدالة الجنائية في مصر الذي ظلت بلا تطوير في عهد النظام السابق فترة طويلة من الزمان، سواء فيما يتعلق بالقواعد الموضوعية المتعلقة بالتجريم والعقاب أو القواعد الإجرائية، مما ترتب على ذلك عجزها عن ملاحقة الخطير والمستحدث من الجرائم الالكترونية التي ترتبط في الكثير من الأحيان بجرائم الفساد مما أدي إلى ضياع وتهريب الأموال للخارج وعجز منظومة العدالة الجنائية في صورتها الحالية عن استردادها.   إن قضية الأمن القومي لها أولوية


    ان وجود وعي وثقافة للاستخدامات الأمنة للمواقع الخاصة بالمناقشات والدردشة من خلال تجميع بعض المعلومات أو تجنيد الشباب بشكل غير مباشر، كما يوجد بعض التطبيقات والبرمجيات للشركات الأجنبية قد تستخدم من مؤسسات حكومية بلا وعي في تشغيل شبكات وأجهزة الحاسبات مما يكون عرضة للاختراق


    ونقل المعلومات الحساسة من خلال البرامج والتطبيقات ذات الأهداف غير المباشرة مثل تجميع بيانات السكان بمصر وتركيباتهم أو سمة معينة في المجتمع ومدي إمكانية بعض المواقع على تصنيف البيانات الشخصية للمستخدمين، ويتم تنسيق المعلومات وربطها بالأمن القومي، مثل قضية السولار والبوتاجاز والبنزين يتم تجميع بياناتها وتصنيفها بشكل زكي قد يضر بالأمن القومي المصري.

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور عادل عامر يكتب عن : جرائم الانترنت والامن القومي Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top