لم تعد
جريمة التنقيب عن الآثار في قرية سلامون القماش التابعة لمركز المنصورة مجرد حادثة
فردية يمكن طيها في ملفات القضاء، بل تحولت إلى كارثة مجتمعية أصابت عشرات الأسر
وألقت بظلالها الثقيلة على استقرار حي كامل. فبعد أن انهار جدار الثقة بين المواطن
والدولة، جاءت قرارات الإزالة لبعض المنازل المجاورة وقرارات الترميم لمنازل أخرى،
لتضاعف من حجم المأساة وتترك الأهالي يواجهون مصيراً مجهولاً.
إن ما
حدث لم يكن ليصل إلى هذا الحد لولا التخاذل المزمن للمحليات، التي غضت الطرف
لسنوات عن نشاطات مشبوهة هنا وهناك، واكتفت بدور المتفرج على ممارسات تهدد أمن
المجتمع ومقدراته. واليوم، بدلاً من أن تكون الدولة بمؤسساتها في مقدمة الصفوف
لردم الحفرة العميقة التي خلفتها الجريمة – حفرة تهدد المربع السكني بأسره – نجدها
ترفع يدها تماماً، تاركة المنكوبين لمصيرهم، وكأن الكارثة وقعت في أرض لا سلطة لها
عليها.
إن
التقصير الحكومي يتجاوز حدود الإهمال ليصل إلى حد التنصل من المسؤولية. كيف يُعقل
أن تُترك حفرة يتجاوز عمقها 12 متراً دون تدخل عاجل من المحافظة أو الوزارات
المعنية؟ وكيف يُترَك المواطن البسيط يواجه خطر الانهيار فوق رأسه دون أن تمتد يد
الدولة لتأمين حياته وأسرته؟!
وفي
مقابل هذا المشهد البائس، يبقى الأمل في أهالي الخير بسلامون القماش، الذين طالما
ضربوا المثل في التكاتف وقت الشدائد. المطلوب اليوم هو مساهمة مادية ومعنوية لدعم
الأسر المنكوبة، سواء في توفير مأوى مؤقت أو المساهمة في أعمال الردم والتأمين، أو
حتى الوقوف بجوارهم بكلمة صادقة تخفف من وطأة ما ألمّ بهم.
فالقرية
ليست مجرد جغرافيا، بل هي كيان اجتماعي واحد، وإذا تُركت بعض أسرها تواجه المصيبة
وحدها، فإن الشرخ سيمتد ليصيب الجميع.
فى النهاية
بقى أن اقول.. إن كارثة سلامون القماش تكشف عورات الإدارة المحلية وتفضح غياب
الدولة عن أبسط أدوارها، لكنها أيضاً اختبار لإنسانية المجتمع المحلي. فإما أن يقف
الأهالي صفاً واحداً ليضمدوا الجراح، أو يتركوا الحفرة تأكل ما تبقى من بيوت وأمان!!

0 comments:
إرسال تعليق