مع نسمات شهر ربيع أول الذى ولد فيه سدنا النبى صلى الله عليه وسلم..يخط قلم بمقالات تحليلية وسرد تاريخى ودروس تربوية لشبابنا ..الذين فى حاجة ماسة لتلك الإطلالة ؛واتمنى من الله أن تكون نافعة للبلاد والعباد.
فلم يكن مولد سيدنا محمد ﷺ حدثاً عادياً في التاريخ، بل
كان بداية لتحول إنساني عظيم. ولأن لكل رسالة سياقها، فإن الجزيرة العربية قبل
مولده كانت مسرحاً للفوضى الفكرية والدينية والاجتماعية، حيث غلبت العصبية
القبلية، وعمّت عبادة الأصنام، وانحرفت القيم، واشتدت الحروب بين القبائل على أتفه
الأسباب، حتى كادت الحياة أن تفقد معناها.
ووسط هذا الظلام، وقعت حادثة "الفيل" الشهيرة،
حين حاول أبرهة الأشرم هدم الكعبة المشرفة ليصرف الناس عن بيت الله إلى كنيسته في
اليمن. لكن السماء أعلنت أن لهذا البيت رباً يحميه، فأرسل الله الطير الأبابيل
لتدك جيش أبرهة، وتسجل هذه الواقعة أن حماية الكعبة لن تكون بسيوف البشر وإنما
بقدرة الله، تمهيداً لرسالة خاتم الأنبياء.
في ذلك المناخ، كان عبد المطلب جد النبي ﷺ رمزاً للثبات
والإيمان، حين واجه أبرهة بقولته الخالدة: "أنا رب الإبل، وللبيت رب
يحميه". كلماتٌ تلخص معنى التوكل والثقة بالله، درسٌ خالدٌ تتوارثه الأجيال.
لكن القدر شاء أن تبدأ حياة النبي ﷺ بامتحان قاسٍ: فقد
مات والده عبد الله وهو لا يزال جنيناً في بطن أمه، فجاء إلى الدنيا يتيماً، ثم ما
لبث أن فقد أمه آمنة، ليجد في كفالة جده عبد المطلب ثم عمه أبي طالب حضناً ورعاية.
يا سادة. إن يُتم النبي لم يكن ضعفاً، بل إعداداً
ربّانياً لقائد يحمل همّ الإنسانية كلها. لقد نشأ ﷺ بلا سندٍ من مال أو جاه، لكنه
حُمِّل بأعظم رسالة في التاريخ، ليكون أقرب إلى قلوب المستضعفين، وأشد إحساساً
بمعاناة اليتامى والفقراء.
واليوم، ونحن نعيش زمن الأزمات والتحديات، يحتاج شبابنا
أن يتأملوا هذه الدروس:
*أن الظلام لا يدوم، ومولد النور قد يكون على بعد خطوة.
*أن الثقة بالله تعني الثبات أمام الطغيان مهما بلغت
قوته.
*أن اليُتم والحرمان قد يكونان بداية العظمة، إذا
صاحبهما الإيمان والعمل.
فى النهاية بقى أن أقول :إن مولد النبي ﷺ ليس مجرد ذكرى
تاريخية، بل هو رسالة متجددة بأن الله يبعث في كل أزمة أملاً، وفي كل محنة منحة،
وفي كل يُتمٍ قدَرٌ يعد لقيادة أعظم.

0 comments:
إرسال تعليق