واحة أمير الشعراء للشعراء المحافظين برئاسة الشاعر
الموهوب الأستاذ خالد سعد فيصل
في غرض المديح ( ونقلته في خشية ورجاء ) رائعة السيد أبي
شنب يمتدح أستاذه وشيخه السعيد السيد عبادة
أولاً التمهيد :
بسم الله الذي الذي علم الإنسان ما لم يكن يعلم " وكان فضل الله عليك
عظيماً " . بسم الله الذي جعل العلم رحما
بين أهله !! والصلاة والسلام على خير
معلم الناس الخير والعلم سيدنا محمد بن عبد الله الصادق الوعد الأمين وعلى آله
وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . ثانياً
التوطئة :
السعيد السيد عبادة
أحد نقاد الأدب العربي الجامعين بين المصداقية والموضوعية والإنصاف ولكل عالم فذ
خصومه !!
لم يعبأ السعيد عبادة كثيراً بما يدور حوله من تهافت
وإرادة ميل الحق !! لقد كان الرجل
صاحب كلمة ورأي واحد لا يحيد عنه البتة ليجامل آخرين على حساب العلم والأدب
والثقافة الرفيعة والنقد وهذا هو معيار الأخلاق لدى الناقد الأمين الموضوعي !!
كانت هناك معارك أدبية ونقدية أثرت الحياة الأدبية
والنقدية في النصف قرن المنصرمة للسعيد عبادة دور مبرز فتلك المعارك العلمية قبل
كونها أدبية ونقدية ذا لأن العلم هو الحكم في هذي النقاشات والآراء الدائرة .
ثالثاً المقدمة :
تتلمذ على يد
السعيد عبادة كثير من علمائنا في الأدب والنقد الأدبي أرادوا أن يردوا جزءا من المعروف
فيما تعلموه على يد الشيخ والأستاذ سعيد
عبادة في طليعتهم أحد الأوفياء لأستاذه هو الشاعر الكبير المبدع الأستاذ الدكتور
العلامة السيد أبو شنب وهو شاعر رصين المعجم نفسه طويل عندما يقرضنا ولكأنك لا
تستطيع السباحة والغوص معه لتمكنه من الأدوات والموهبة التي جبل عليها في قرض
الشعر العربي الأصيل !!!
حفظ الله تعالى الشيخ الأستاذ العلامة الأستاذ الدكتور
السعيد السيد عبادة أحد أعلام النقد الأدبي في النصف الثاني من القرن العشرين
الميلادي وحفظ الله تعالى تلميذه الأريب شيخنا
وأخينا الشاعر الرائق المبدع الأستاذ الدكتور العلامة السيد أبا شنب أستاذ
ورئيس قسم الأدب والنقد الأدبي بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف .
رابعاً أنواع المديح :
ليس كل مديح
متكلف بل . منه ما هو محمود ومنه ما هو مذموم وهو ذاك المديح الذي يكون الغرض منه
نفع مادي أو نفع معنوي وغالباً ما تأتي قصائد المديح المذموم متكلفة ليس فيها صدق
الوجدان ولا العاطفة الشفيفة المتأججة في تكلف لا يعهد مع سائر أغراض شعرنا العربي
بل . لا يضاهي هذا النوع المديح الصادق الشفيف الذي تخرج مفرداته طيعة لقائلها تشق
طريقها شقا !!! ومقطوعتنا
الشعرية هذي هي من النوع الثاني المحمود غير المتكلف !! خامساً
النص الشعري :
1- يا صادقاً
في كل شأنك إنما ... صدق الفتى في العيش
خير رداء 2- قد صنت
حق العلم حين حملته ... ونقلته في خشية
ورجاء
3- ودنوت من كلم النبي محمد ... فجمعت كل فضيلة غراء 4- وبعثت
من شيخ المعرة ناقداً .. وأفدتنا من نقده
البناء
5- ما ذاك مدح يا أبي وإنما ... ذكر الجميل اليوم بعض وفاء سادساً وقفة مع
الاستهلالة :
أول ما نلحظه
في نصنا الشعري براعة شاعرنا الموهوب السيد أبي شنب في استخدام أسلوب النداء
الشبيه بالمضاف المتضمن الوصف بأعلى خليقة للمرء وهي الصدق ولم يكتف مبدعنا السيد
أبو شنب بالإتيان بالمنادى المتضمن لهذا الوصف الذي يتمناه كل ذي خليقة سوية بل
أضافه ليشعرنا بأن الرجل لم يكن صادقا في آرائه النقدية قط وفي العلم والأدب بل .
كان هذا ديدنه
في كل أحواله وشؤونه الخاصة بعيداً عن العلم والأدب والثقافة والنقد !!!
ثم نلحظ أيضاً
نقلتنا من المديح في الشطرة الأولى من البيت إلى الحكمة مستخدماً القصر والحصر
للدلالة على توكيد ما يرمي إليه بأن التزام المرء بالصدق لهو خير ما يتصف به
الإنسان في هذي الحياة الدنيا التي نحياها ثم ينطلق جمال التركيب باستخدام أسلوب
التفضيل ( خير رداء ) مستخدماً صيغة العموم بإضافة هذا التفضيل إلى اكتساء مكارم
الأخلاق والتحلي به دوماً !!! وفي
إضافة هذي الخليقة المنمازة ( الصدق ) إلى الفتى ما يشعرك بحمل المعاني السامية
الآتية :
1- الرجولة !!
٢- النجدة والشهامة !!
٣- الفتوة والشباب !!
لكن قد يعترض معترض بتفسير الفتوة بالشباب هنا ؟؟ !!
أقول :
المعنى يتجه إلى تجدد الأفكار العلمية والنقدية
لدى السعيد عبادة - وإن كان هو في مقام الوالد عمرا - !!!
٤- استمرارية
الاتصاف بالصدق والالتزام به !!!
سابعاً
الإشراقات الأدبية والوقفات التأملية النقدية
واللمحات البلاغية والإضاءات اللغوية :
2- قد صنت حق العلم حين حملته ... ونقلته
في خشية ورجاء
ما
يتبادر إلى الأذهان هو كثرة استخدام مبدعنا لصيغ التوكيد حيث استخدم في البيت
الأول أسلوب القصر ب ( إنما ) ثم استخدام في البيت الثاني حرف التحقيق ( قد ) الداخل
على الماضوية فلمه ؟؟ المحقق هنا أن للسعيد عبادة خصوصاً
كثيرين لا يسيرون على منهاجه وآرائه . وحال
المتلقي أو المخاطب عند البلاغيين على ثلاثة أحوال :
١- موقن ومصدق وهذا لا يحتاج إلى مؤكد
.
٢- متردد وهذا يحتاج إلى مؤكد واحد .
٣-
شاك : وهذا يحتاج إلى أكثر من مؤكد .
لذا استخدم
شاعرنا الكبير المبدع أسلوب التوكيد ونوع في استخدامه تبعاً لحال المخاطب بين
المتردد والشاك !!!
ما نلحظه
في الشطر الثاني من البيت الثاني استخدام مبدعنا للتناص استشفافا من قوله تعالى في
كتابه العزيز : " إنما يخشى الله من عباده العلماء "
. حيث قال مبدعنا :
( ونقلته في
خشية ورجاء ) لكن قد يتبادر إلى الأذهان
طرح ما فائدة إتيان الشاعر بفعلين متقاربين في المعنى ( حين حملته ونقلته ) ؟؟ هل يعد
هذا من قبيل التكرار والمؤاخذة على شاعرنا أما كل فعل حمل معنى خاصاً به ؟؟ !! للإجابة على التساؤل المطروح نشير إلى
التفرقة في المعنى بين الفعلين المستخدمين :
حمل العلم :
تعلمه والحفاظ
عليه من الضياع !!
أما نقل العلم
:
فإبلاغ هذا
العلم بعد فهمه واستيعابه للآخرين !! وقال قوم : حمل العلم : روايته !!
ونقله : أداؤه
للناس بعد درايته وفهمه !!
وهو ما يعرف عند
المحدثين ( علماء أصول الحديث ومصطلحه ) بالرواية والدراية فلا تكون الدراية إلا
بعد فهم واستيعاب وليس كل ناقل للعلم بفاهمه
!!! وقد
قال معلم الناس الخير :
" فرب
مبلغ أوعى من سامع " .
المبلغ
هنا المتلقي المنقول إليه العلم قد يكون أفهم من الذي ينقل إليه العلم ( راوي
الرواية ) ! بل . لم تحمل لفظتا ( في خشية
ورجاء ) التناص وحده بل . ينضاف
استشفاف الآتي :
0-
أن الممدوح - السعيد عبادة - كان
أميناً في نقل العلم إلى طلابه . ٢- سعة اطلاع الرجل
الممدوح ( الأستاذ الدكتور السعيد عبادة )
!!
٣- التقوى والخوف من الله تعالى !!
4- حسن
ظن الممدوح بربه وخالقه ما دل على ذا المعنى المستشف قول مبدعنا ( ورجاء ) ذا لأن
الرجاء إحسان بالمرجو !! ٥- قوة
اليقين للممتدح !!
٦- تبحر الممدوح في علوم العربية وعلوم
الشريعة الإسلامية !!! ٧- فهم
وإتقان الممدوح لعقيدته الإسلامية ذا لأن أعلى مراتب العقيدة والصلة صلة العبد
بربه أن يكون بين منزلتين هما الخوف والرجاء معا في ( آن واحد ) الخوف من عقاب
الله ؛ ورجاء مغفرته بعدم القنوط أو اليأس من عفوه ورحمته !!!
عود على بدء :
ودنوت من كلم النبي محمد ...
فجمعت كل فضيلة غراء
أول ما نلحظه في ذا البيت الشائق
براعة السيد أبي شنب في اختيار المفردة !!
فلقد اختار الفعل ( دنا ) ولم يختر الفعل ( قرب ) حيث قال : ودنوت من كلم النبي ...
والتساؤل المطروح لمه ؟؟ وهل تنماز تلك
المفردة ( ودنوت ) عما إذا قال ( وقربت ) ؟؟
!! نعم . وفق شاعرنا المبدع الرائق السيد
أبو شنب في اختيار تلك المفردة ( ودنوت ) ذا لأن الإدناء يحمل المعاني السامية
الآتية : ١- زيادة المنزلة لأنك لا
تدني منك إلا من أحببت لكن قد تقرب منك الحبيب والحاسد والكاره له بسبب اشتراككما
في جيرة أو عمل فلا ينفك عنك !!! ٢- الإدناء يحمل القرب
القلبي بينا ( بينما ) القرب لا يشترط فيه تقارب الأرواح أو انسجامها !!
كلم النبي ( الكلم جمع كلمة ) و(
الكلام ) أيضاً جمع كلمة فهل بينهما بون
؟؟؟
( الكلام
) يحمل ما هو غث أو ثمين !!
بينا ( الكلم ) لا يكون إلا ثمينا
حسنا مقتضبا جامعا مانعاً في إيجاز غير مخل دون إطناب ممل !!! ؟؟
قال مبدعنا : ( من كلم النبي محمد ) التساؤل المطروح هنا : هل
الإتيان ب ( البدل ) ( محمد ) بعد ( المبدل منه ) ( النبي ) يعد حشوا أو زيادة لا
فائدة من ذكره !!
المجيء بالبدل ( محمد ) بعد المبدل منه ( النبي ) ليس فيه حشو أو زيادة
مستهجنة !!! بل . جاء في محله للإيضاح
والتوضيح بأن هذا ( المدنو منه ) هو النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - لا نبي آخر
تبعاً لأحوال المتلقين !!! فجمعت كل فضيلة غراء . الجمع لغة :
الضم فكأنما حصل الجمع لشتى صنوف الفضائل فضائل العلم وفضائل الأخلاق وفضائل
الآداب وفضائل التعليم وفضائل التعلم قد اكتسبها الممدوح بعد إدنائه من ( كلم
النبي محمد ) !!! التساؤل
المطروح هنا : هل أفاد الوصف ب ( غراء ) معنى جديداً بعد الموصوف ( فضيلة ) في قول
مبدعنا : فجمعت كل فضيلة غراء أم هو حشو وزيادة
؟؟ !!
يمكن القول :
شاعرنا مسدد في الإتيان بالوصف ( غراء ) للموصوف ( فضيلة ) ذا لأن الفضائل
تتفاضل !!! فليس كل فضيلة كأختها من
الفضائل فبين كل فضيلة وأختها تنافس وتفاضل
!!! وأعلى
هذي الفضائل كل فضيلة نقلت عن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فلكأنما فضائل
النبي المكتسبة عن طريق اكتساب علوم النبي وسنته الشريفة الغراء هي بين العلوم
الأخر والآداب الأخرى نصاع أبيض في جبين وجبهة ووجه كل من يهتدي بسنته ويتأسى
ويقتدي ويستن بسنته وهديه الطيب فصارت فضائل النبي في العلم والأخلاق ناصعة البياض
لا يزيغ عن رؤيتها كل مبصر صاحب بصيرة من هنا نلمح ونستشف التناص لدى شاعرنا من قول
النبي ( لقد تركتكم على المحجة البيضاء ( سنته ) لا يزيغ عنها زائغ من وصفه ( غراء
) لموصوفها ( فضيلة ) بعد قوله : ( من كلم النبي محمد ) فلله دره من شاعر مكين !!! ؟؟؟ 4- وبعثت من شيخ المعرة
ناقداً ...
وأفدتنا من نقده البناء
أول ما
نلمحه في هذا البيت الشعري الآتي :
١- الإتيان بصيغة البناء للمجهول للماضوية
( بعثت ) .
٢- تقييد هذا المبني للمجهول ( بعثت ) بإضافته إلى ( شيخ المعرة ) للدلالة على سموق المبتعث يقترن به سموق
الممدوح !!
٣- ثم الإتيان بتمييز هذا البعث الذي بعثه الممدوح ( ناقداً ) !!
٤- ثم الإتيان بجملة العطف في الشطرة الثانية ( وأفدتنا من نقده البناء ) لإفادة إفادة طلاب
السعيد عبادة من إفادة السعيد عبادة من تعلمه على شيوخ النقد العربي ٥- ولإفادة إفادة طلاب السعيد عبادة من تأصل
وتعلم النقد الأدبي الموضوعي البناء !!! هذا أيضاً ما استشف من قول مبدعنا : ( من نقده البناء ) !!! ؟؟؟ 5- ما
ذاك مدح يا أبي وإنما ... ذكر الجميل اليوم
بعض وفاء أول
ما نلمحه في هذا البيت الشعري : ١- استخدام شاعرنا المبدع
للإشارة بالبعيد ( ما ذاك ) لارتفاع
المدح في حق السعيد عبادة مقارنة بمدح غيره !!!
٢- النداء بإضافة المنادى إلى ياء المتكلم للدلالة على الملكية والاختصاص والمحبة
وقرب الممدوح من قلب المادح ب( يا أبي )
!!! ٣- استشفاف
معاني الرحمة بين الأستاذ والتلميذ بين العالم والمتعلم بين المادح والممدوح !!!
وإنما ... ذكر الجميل اليوم بعض وفاء ما يستشف من معان في الشطر الثاني من
البيت الشعري الآتي : ١- استخدام
التوكيد والقصر ب ( إنما ) لرد بعض الوفاء
للممدوح وهو قوله : ( ذكر الجميل ) !!
٢- استخدام ظرف الزمان ( اليوم ) لسرعة إيصال مدحية الشاعر لممدوحه ولعدم
ضمانة السماع !!!
٣- الاعتراف بالجميل وعدم نكرانه من المتعلم لمعلمه حيث عقب مبدعنا قائلاً :
( بعض وفاء ). ثامناً : كلمة إلى الشاعر
والممدوح : 1- أدعو الله تعالى لكل
من المادح :
( الشاعر الأستاذ الدكتور السيد أبي شنب )
والممدوح : ( الأستاذ الدكتور السعيد عبادة ) بدوام الصحة والعافية والستر والتوفيق اللهم
آمين اللهم تقبل .
2- أن يطلع عالمنا وشيخنا وأستاذنا السعيد السيد عبادة على وقفاتي التأملية
وقراءتي الأدبية والنقدية على مدحية السيد أبي شنب ويبدي رأيه في قراءتي المتواضعة
في حقل الأدب والنقد الأدبي فيما قمت به من إيفاء لحق هذا الرجل العلم العلامة
السعيد عبادة !!! تاسعاً المختتم :
وأكتفي بهذه القراءات المتأنية المتكاملة الأدبية والنقدية على رائعة السيد
أبي شنب فلئن وفقت فبتوفيق من الله تعالى علي !! ولئن زللت أو
قصرت في بعض الجوانب فلأنه عمل بشري يعوزه الكمال ويعتريه النقصان والعثار والزلل
والله من وراء القصد .
" وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين " .
*كاتب الدراسة
ناقد أدبي وكاتب
صحفي بجريدة
الزمان المصري
القاهرة في صباح
السبت
الموافق 8/7/2023
0 comments:
إرسال تعليق