الإنسان في دنياه أشبه بالقبطان في البحر تلاطمه
الأمواج ولا يقوي علي مواجهتها إلا كل خبير متمرس.. ولايستطيع عبورها إلا من اختار
لنفسه رفيقاً من الأصدقاء وهم كثير . ولكن من منا يعيش همومك ويستطيع بحكمة وصبر أن
يعينك علي نوائب الدهر وما أكثرها في زماننا حيث اختلت الموازين وتهاوت القيم وأصبح
كل منا يعيش منفرداً وقد تلاحقك الضربات من ك صوب وحدب وربما حقد عليك أقرباؤك وما
أكثر العراقيل التي يصنعها الأهل ومن تظن أنهم عضدك أقول ذلك حيث انتشرت في السنوات
الأخيرة ظاهرة خطيرة الإسلام يبرأ منها يسمونها بصداقات التيك أواي . وهي ليست سريعة
لأنها تنشأ في مناسبة وتنتهي عند نهايتها وليست
سريعة بسبب التقاء الطرفين في ميدان مزدحم وتنتهي بانصرافهم كل لغايته.. والمؤسف إن معظم هذه الصداقات امتدت لسنوات وربما
لعقود ومع أول اختبار حقيقي ثبت أنها تنتمي لعائلة التيك أواي . وهو مايدعوني إلي تساؤل
: أيمكن أن تكون الصداقات هينة لدرجة أنها تكتب علي أطراف الأظافر تطير مع أول تقليم
وتهذيب لها . وهل صحيح ان متغيرات الحياة وتنامي ظاهرة ( الأنا ) ومن بعدي الطوفان
قد همشت الحياة التي هي احدي ثوابت الإنسانية
بين الناس. لقد قابلت صديقاً وكان الهم يعتصره وعندما سألته عما أصابه. أجاب : إذا
كانت فصول السنه أربعاً فنحن نعيش في خريف دائم تتساقط فيه المثل والقيم كما تتساقط
أوراق الشجر فالعلاقات في زماننا تتحكم فيها نظرية الرقص الشرقي فالراقصة علي حد قوله
إذا لم تحصل علي أجرها قبل انتهاء وصلتها من المستحيل أن تظفر به بعد ذلك فالمؤكد أن
الجميع يحتقرونها وان افترست عيونهم جسدها
. ثم قال الناس فى الغالب لايسألون عنك إلا
لمصلحتهم .. وبعد انتهائها ينصرفون بنفس المنطق . إن أعظم مايتساقط في هذا الزمن هو
الصداقه وأسرع مايتهاوي هي العلاقات الانسانيه.. انصرف صديقي بعد إن قام بتصدير ماساته
وتشاؤمه إلى قلبي . رحل وقد ترك في انفي رائحة
احتراق. فقد تحركت في داخلي مواقف سبق وعشتها في فترات متباينة وتذكرت ماكان يردده
أحد أساتذتي.. كثيرون تضحي من اجلهم وهم علي النقيض يرجون لك الشرور والآثام.. تقذفهم
بالطيب ولا تري منهم إلا الخبيث العفن..صحيح أنني لاأتفق مع كل ماقاله ألا انه أيضا
علي صواب في بعضه فانا ممن يؤمنون بقول النبي صلي الله عليه وسلم ( الخير في وفي أمتي
إلي يوم القيامة ) مواقف كثيرة يحتاج فيها الإنسان المعونة فلا يجد من يؤازره . عندها
كأنك تعيش في صحراء قافلة لاحياه فيها. بل لاحياه لمن تنادي . وقد تكون في مفترق طرق
بين قرارين وتحتاج لمن يأخذ بيديك ولو بالكلمات والمؤسف ان الناس في زماننا لايخرجون
عن فريقين أولهما : سلبيون وربما تكون هذه الأفه
سبيلاً لغرقك .
ثانيهما : متحمسون لدرجه فرض نصائحهم عليك وإذا لم
تسلم بما يملوه فالقطيعة قادمة لامحاله.. لقد اختفت الوسطية في ثقافة التعاملات واختفي
الرأي الأخر وبرزت لغة جديدة تخلي عنها الاستعمار منذ زمن بعيد وهي لغة ( الوصاية
) الصديق شئ هام وضروري في حياة الإنسان إلا أننا نفتقد أصحاب اللغة الرشيدة والتوجيه
الأمين المتوج بالحنكة والحكمة والدراية وفي رأيي أن المخرج مما نعانيه يكمن في العودة
إلي المرجعية الأساسية في حياتنا وهي الإسلام . إذ لابد من استدعاء واستحضار تلك النماذج
الرائعة حيث كان المسلم في صدر الإسلام يعطي لأخيه التمرة ليأكلها فيستشعر مذاقها في
فمه. لابد أن يعود الحنان والدفئ إلي علاقاتنا عندها سوف تستمر الحياة أما اليوم فالحاصل
أن الاكتاف متلاصقة لكن كل منا في جزيرة منعزلة وان شئت قل في واد أخر .
0 comments:
إرسال تعليق