• اخر الاخبار

    الجمعة، 16 سبتمبر 2022

    دورة القناع!! ..قصة قصيرة ..بقلم : شوقي كريم حسن

     


    —-١—-

    لايمكن ان تكون انت،لانك لاتشبه ذاك الولد الذي كنته يوما،وهو يقف عن باب الحوش،الضاج بصرير تنك الراعي التي تعزف انغام خرساء،كانت البنت اللينة مثل بطيخة رائجة،تشير بأصبعها المختوم بالقبول،أن الليل ات وعليك ان تستعد الى مغامرة ،ترتجف لها اوصال ولد مفتون بروعة الاناث مثلك،توصيك أمك ذات مساء اكتشفت فيه،انك غادرت صباك الخامل المثير للصمت-أياك ومغادرة ذكورتك!!

    لم تك تعرف ماتعني الذكورة حتى تلك اللحظة الهائمة بين لحظات الاضطراب ولحظات لقبول،تعرت عن ثباب  ثباب خرسها،معلنة ،أن الوقت الذي لا يمنح الانثى رضاها لانستطيع الامساك به ضمن حدود الذاكرة..الاوقات شدوات قبول.. وانفلات افرشة ليل لا تملأه سوى إهات توسل حتى وان كانت كاذبة!!

    كنت اضمها الى فراغ الاسئلة الراعفة حزنا،فترتعش ثنايا الروح لتمنح ذكورتي المنسية عند ضفاف سنوات الاضطهاد،والقهر،كان الوقح الالثغ،الاتي من مفازات،الشدة،والكراهيات،يشدني الى عمود الاعتراف،متملأ ابتساماتي الوجلة،العارفة بسر الفعل،—لا تدع حياتك رهن اكاذيب الوقت.،اقرك اننا لانريد سوى الحقيقة ..وما عليك الا ان تدلنا علينا لتكون ابنا للسلامة والرفعة والقبول،،لا تتردد لان مثلك لايجوز ان يكون التردد وشاح قبوله..اتدري ذات لحطة وقبل الان كنت اعيش ذات محنة الاجابة التي تعيشها الان..مالذي بجعل المباديء والايمانات تنهار عند اول القبولات..مثلك الان كانت الاجابة بالنسبة لي مثيرة للخوف والتردد والضياع،المباديء ايمان لايجب ان ينثلم،ولكنه وفي لحظة كالتي تعيشها الان انثلمت،ولان الانثلام معنى من معاني الانهيار،أعلنت قبولي ورضاى،وها انت تراني انبش في ارتباكات الارواح..ادعوك الان تثق بي كل ماًكون حيواتنا مجرد اكاذيب كنا نعتقد اننا بصراخنا ًواحتجاجاتنا يمكن ان نشيد مدنا للخلاص،ليس ثمة فائدة ترجى..لا حل سوى الرضا والقبول..يوم كنت مثلك اسكن لحظات الوجع،كان المحقق بحدثني عما احدثك فيه،وكنت ابتسم،مرددا ان العالم يبحث عن خلاص ونحن طريق خلاصه، مثلما الطمك الان على فمك،كان يلطمني على فمي،صارخا بهستيرية متوحشة—لا خلاص ازمنتنا مرسومة ووجودنا مرسوم منذ الازل....قل لن يصيبناالاماًكتب الله لنا..تلك هي الحقيقة الوحيدة التي تسير خطنا.. والحقيقة التي نؤمن بثباتها وحقيقة وجودها..خطوك رهن وعيك وقبولك بالاتي..مثلما كنت اراك اليوم..كان الذي صرته الان.،يبتسم حين يراني اقاوم غروره، وشراسته،وعند لحظة البوح،يأمرني بود ان ارمي بعيدا لحظات الصلافةوالبطولات الكاذبة.

    —٢–

    خارج اللعب الماكرة،التي دجنت ذواتنا المغسولة بأحلام طفولتنا وصبانا،لايمكن ان يكون للوجود معاني تمنحنا الرضا والقبول، نرسم قيعان تمتد بعيدا،نسورها بخطايا الجان،وعبورات التحدي،تنادي الحناجر—من تراه يصل الى هناك؟!!

    تشرأب الرؤوس المفتونة بالقلق،علها ترى الباقي من جذلات الليل،الدافعة الى الترقب، فلاتجد سوى نواحات تفر باتجاه السماء،مثل خفافيش سود،تهمش سوادها لتلقيه فوق الهامات التي اصابها الخدر،. جعلتنا المواجع ندمن النداءات الفضة،غير القابلة للتصديق،  نقيم لانفسنا خنادق خلاص،ومن غير استأذان ،نردد- أنت أيتها السيدة التي هناك ماتعني وفرة الضوء التي تصحبك؟

    —أنت أيتها السيدة التي هنا..ما معنى عريك عند رصاص السواتر؟

    —أنت أيتها السيدة التي تسكن الروح أما ان لنواحك أن يترجل..الى ماذا ترومين الوصول وانت تعرفين ان الوجودمع هدير  المدافع وازيز الرصاص لا يمنح الحناجر سوى التوسلات المرة؟

    تتوقف الازمنة،وما تلبث الانهيارات ان تتصاعد،تاركة وراءها امواجا من الدخان والغبارورذاذ دم تيبس عند ملامسته نجمة الفجر،نلم بقايانا محاولين اعادة تكوينها الهرم، لكننا ومع أول مروق لقذيفة مدفع،نتلاشى باحثين عن منقذ ،يسورنا برجاء البقاء، أحاول نسيان مالحق بي،ما جعلني اشعر بالندم، لاني رضيت ان اكون حطبا لنزق مخبول،رضيت لحنجرتي التي علمتها حلو الكلام،أن تردد اغاني  داعية الى  ركوب جياد البطولات الوهمية/احنه مشينه للحرب/!!

    وما يعني هذا المشي،سوى جسد متعفن،ونباح كلاب استلذت طعم الجيف التي اوهمها الوقت،بأنها تدافع عن الحبيبة  وستر الامهات الموجوعات ابدا،  تلفنا اكفان  القبول،دون اعتراض،   لتأخذنا جثث هامدة،تبحث عن مقابر مأهولة بالصمت،!!

    —٣–

     السؤال،الذي تحمله مثل صليب خلاص،كان مجرد   لعبة وقت،لاتدري كيف اجتزت به تلك الطرقات،المسورة بنظرات التوجس والريبة والاحتقار،تدق عصا رفقتك لتصدر صوت شيخوختك ،انينا  موجعا،يشبه ذاك الانين الذي غادرته،بعد ان منحته ساق هشمتها شظايا  الراغبين باجتياز المسافات،عند الخطوات الركيكة التأثير،أوقفك الولد المدجج بالسواد،ناظرا إليك بتقرز ،ملوحا بهراوته،    ليسألك —-الى أين تريد المضي؟

    تراجع جسدك الى وراء قليلا،ليبصر حركات تلك الدمى المفزوعة، والتي لاتعرف ،لم هي هنا..وما تريد؟

    ظل الولد صافنا ينتظر الاجابة،وظل الرجل  يلوح بعازته مشيرا الى حيث الصراخ،والضجيح،واصوات انفجارات خافتة، قال—كان عليك ان لاتعبر تلك الاسلاك!!

    قال—ولم لا اعبرها اريد الوصول  حيث اريد!!

    قال—مجيئك يشكل خطرا عليك!!

    قال ضاحكا—اولا ترى ..أحمل خطري منذ سنوات اوغلت بالنسيان!!

    قال—ذاك خطر لايشبه هذا؟!!

    قال—اود الذهاب إليه؟

    قال بفضاضة—من؟

    قال بود—حفيدي الذي جاء يبحث عن شيء اضاعه!!

    قال—ولم تركته يجيء؟

    قال—رغبات الفتية لا تقبل الرفض..هو يبحث عن شيء يظن انه ماعاد موجودا!!

    قال—تلك لعبة فارغة الاوطان لا تضيع!

    نظره بتحد واضح،ومن غير اكتراث ،حاول العبور ،لكن الايادي الشرسة تلاقفته ،لتعيده  الى مكانه  الراعف  احتجاجا،لوح بعكازته،  صرخ—اريدددد الوصول إليه...ماذا ان لم يجد ما يبحث عنه..دعوني امر؟!!

    قال الولد،الغبي النظرات،الطامس بالنذالة،

    —ممنوع!!

    قال ،وهو يلوح بعكازته مثل راية!!

    —من اين جئتم بهذه الممنوعات..اريد مساعدته في البحث عن ما اضاع..أنا احفظ ملامح الوطن الذي اضاعه عن ظهر قلب!!

    قال—دعك من هذا الوهم وعد من حيث اتيت!!

    قال— اتسمي البحث وهما..ما علمته مسايرة الوهم..هو يبحث عن مراده..منذ زمن وأنا اتابعه وهو يحمل صلبانا ويفتش عن درب واظنه  وجده،،دعني امر؟!!

    قال—قلت لك ممنوع؟

     بإنتظار اللحظة الحاسمة،صوب عكازته الى صدر الولد المتوحش السحنة، ليطلق وابلا من رصاص احتفظ به لسنوات طويلة، لم يستطع الولد  الوقح، الرد ، تراجع الى وراء ،وهو يصرخ— مجانين  يبحثون عن وطن وسط دوائر وهم!!

     رفع صاحب العكاز ،رأسه باحثا عن منفذ يوصله الى مايريد،لكنه اصطدم بكتل الكونكريت الملطخة بشعارات ،اثارت حفيظته،فراح يرددها دون توقف،وبتكررات مازحة،تعودها  ايام ادمانه الجلوس عند فتحة الملجأ، الذي يشبه فم تنين، قال لنفسه—ترى من سرق الوطن؟

    لم ينتظر الاجابة،فما تعود سماع لغو تافه لايوصله الى حقيقة ما يريد،قال— محنة البحث عن وطن ازلية..  ولولاها لكنا على غير ما نحن عليه..!!

    تراجعت الاصوات،لتتعالى صافرات التنبيه والانذار،ثمة من يلاحق الموت خطاه ،عند اطراف الساحة المائجة مثل روج نهر،الوقوف متكأ الى عكازه ،لكنه تلاشى عند موجات الاقدام الراكضة بإتجاه افواه الدرابين التي خنقتها كتل الكونكريت، حاول ثانية،فلقد تعود السقوط المذل،الذي يشعره بالخديعة والندم،لكنه اعلن استسلامة  ،فانطرح متمتما بكلمات بلهاءكانت تثير سخريته،ببطء رفع رأسه الواج بالاسئلة ،محاولا الامساك بوجدروحه التي تنتظر أوبة الولد الذي راح يبحث عن وطن وسط فوضى  الرجال السود المدججين بمعاني الانهيار!!

    —-٤—

    تقول،وهي تغطس في بئر خجلها—ماكنت ادري إنه هو،أضعت ملامح وجهه الرخية،بعد دروة ازمنة،قادتنا مثل خراف،صوب مذابح السفالات،لتجعل منا قرابين تافهة ،لمعابد شيدت جدرانها بجماجم اولادنا الراغبين بخلق ديمومة حياة، حدقت بفتور همته،وشفته مكسورا يتحسس جسد الارض المليئة بالانقاض وبقايا اشلاء حديدية،مثل كل العصور التي عاشها،كان يؤد بحرص الابقاء على وجوده الطاعن بالرفض، يجلسني مثل دمية قبالة ليله الحزين،ليرمي في حضني،رعود من حكايات البهجة والسرور.

    يقول—الحياة لاتعاش دون نغم وحنجرة ونواح.. تظل مثل دار مهجورة..تعوي بين ثناياها الكلاب السائبة.. غن  ،لاننا يجب ان نعيش!!

    تشرق لحظات الصفاء،مثل شمس يوم بارد،لكنه سخي،يلبس ارواحنا ثباب المسرات،التي كنا نمسك بها عنوة، اعرف لم يبحث عن ملاذات روحه بالقرب مني،يقول  مانحا صوته نغمات حزن متهدج—-لولاك ما دريت الى ماذا يوصلني هذا الجنون... ؟

    —كوني سيدة معبدي المرهون بتراتيل آمالك..لم يبق مني سوى بعض ذاكرة تشبه تين يابس!

    —ماتعودتك تمرق أمامي مثل ومض..مالذي جرى؟!

    —لاشيء.. سوى ان ايامي انهزمت حين كنت هناك..غن يابنة الاخضرار!!

    تهرب عنوة لحظة الانتشاءمن بين يدي،وأشعرا جفافا صخريا يدب بين ثناياي،أحاول الافلات،الهروب صوب وجوده الباعث على الامل،لكن اياد فحمية تجرني الى عمق مآساتي،يهمس—مالك مالذي يجري؟

    ببطء احرك اصابعي مشيرة الى حيث الكلاب التي تنهش البقايا التي هشمتها شطايا الجنون،الصورة تتكرر،ومع تكرارها تتعالى نداءات الاحتجاج،يقول—-لاطريق يوصل الى هناك؟

     —الطرقات وحشة الموت!!

    —ما كان عليك أن تجيء!!

    —وما كان عليهم ان يحلموا بغير وجودهم..الاحلام المستحيلة محض موت مؤجل...!!

    —أنهم يبحثون عن وطن وسط ازيز الرصاص ووجع الاستنكار..أي وطن هذا الذي يسكن حفر البارود؟!!

    —هو هكذا منذ بدأ خليقته..مقاصل وخنادق  وصهيل جياد..!!

    تعالت لهاثات الاولاد المعجونين بغبار الخديعة،وهم يجتازون اعمدة الدخان الملاحقة لارواحهم الراغبة بالتحليق عبر فضاء         خال من السباب ،والاحقاد،رفع رأسه بهدوء،دون التمكن من النهوض،وحين اصطدمت احلامه بخطاهم،صرخت حنجرته بتوسل—-خذوني معكم!!

    —خذووووووني معكمممم!!

    —خد....مع..!!

    -٥-

    مالذي تصنعه الحروب؟

     ذاك سؤال،مخبول لايستطيع القهر الاجابة عنه؟

    —مالذي يصنعه الخراب؟

    كان يتلو اسئلته المدمرة  لهواجس المارقين  عبر توابيتهم ،الى حيث السراط لم يعد مستقيما،وحساب لاداعي له،فكل شيء ساطع مثل قمر مكتمل، وماعلي الجالس عند بوابات الوعد،فتح الابواب،والاعلان برضا وحب—أدخلوها بسلام امنيين فليس ثمة احد مثلكم عجن الضيم ورافق دهوره!!

    ١٧/١١/٢٠٢١

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: دورة القناع!! ..قصة قصيرة ..بقلم : شوقي كريم حسن Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top