حكاية جرح عن ديوان
دمعة على وجه القمر للشاعرة الأديبة أحلام
الحسن ورغم أنها حالة خاصة جدا للشاعرة تعايشها في محطات عمرية متفاوتة إلا أن الأمانة
العلمية والضمير الأدبي وأمانة الإقتباس والنقل حتم عليها أن تذكر إن هذه القصيدة معارضةٌ
لقصيدة " رحال" للشاعر القدير كريم العراقي " المقتبسة من البيت اليتيم
" لا تشك للناس جرحًا أنت صاحبه " وهذا لعمري في الإبداع عظيم فلا ضير أن
تأتي هذه الخريدة تماهيا ومعارضة مع البيت اليتم للشاعر كريم العراقي طالما أنها ستحافظ
على أدبيات المعارضة فتتفوق عليها وتأتي لنا بالجديد من حيث البلاغة والمضمون والمستوى
الفني الجمالي .
بداية العنوان
" حكاية جرح " يتماهى مع عنوان الرئيسي للديوان " دمعة على خد القمر
" وهو أحد العنوانين المجازية التي تضع القارئ بين مفترق طرق للإغواء والإغراء
القصدي المتعمد الذي يثير تساؤل القائ ما هي تلك الدمعة التي على خد القمر ؟!!!! وهل
يبكي القمر من الأساس؟!!! ثم ما سبب حالة الوجد الشديد التي ٱلت بالقمر إلى الدموع
؟!!!! فيأتي عنوان القصيدة على مباشرته وتقريريته ليفسر لنا سبب تلك الدمعة ويفك طلاسم
حزن القمر وأن هذا الحالة ما وصل إليها القمر إلا نتيجة لحكاية جرح غائر تؤرق الذات
الشاعرة ليشاركها القمر وجدانيا في هذه الحالة فتأخذنا من الميتا فيزيقا إلى الفيزيقا
ومن المجاز إلى الواقع لتبحث فيها عن فعل ثأثيري وكيف لا وقد تعاطف معها القمر باكيا.
لا تفتحِ الجُرحَ
إنّ الجُرحَ منفصمُ
شطرٌ بهِ لهبٌ شطرٌ غزاهُ دمُ
من أدمنَ الهجرَ
لا تطلب مودّتَهُ
شَحتُ المودّةِ
فيهِ الذّلُّ والنّدمُ
لا تشتكِ الحالَ
من ضعفٍ ولا حَزَنٍ
كم شامتٍ فيكَ
حالًا سوفَ يغتنمُ
فالصّبرُ مكسبةٌ والبوحُ مَنقصةٌ
إنّ اللبيبَ الذي بالعقلِ يَفتهِمُ
تستهل الشاعرة
قصيدتها بالدخول مباشرة في الحكاية وكأن الجرح يأبي إلا أن يقد مضجعها ويؤرق ليلها
سهدا تهيب بالقلب أو بالمحرك الدينمي الحزن داخلها إلا يفتح الجرح فلايزال منفصم فسؤال
المودة فيه الضعف والذل والهوان نعم الحب والحنان والمودة مشاعر سامية لا تطلب وإنما
تستشعر وتحس وهذا حال كل إنسان يعطي ولم يجد جدوى لهذا العطاء أو دون مقابلة الود بالود
فما بالنا إن يقابل الود بالجفاء والحنان بالقسوة والمعروف بالغث شعور غاية في القسوة
حتى أنه أبكى القمر .
ثم تحاول الشاعرة
أحلام الحسن أن تتماسك وترى أن البوح ضعف ومنقصة وجهل وعدم اتزان فتحاول العدول عن
تلك الحالة فتستعين بالصبر حال المصيبة والتعقل والتفكير العميق عل في الصبر والعقل
فسحة نفسية تعيد لها التوازن النفسي والحسي من جديد.
دارِ الفؤادَ الذي
في نبضِهِ وجعٌ
لا تسكبِ الزّيتَ
فوقَ النّارِ تَحتَطمُ
مثلَ اللهيبِ الذي
في البحرِ مُشتعلٌ
لا البحرُ يُطفؤهُ
والغيثَ يَلتهمُ
لا يحرقُ الجمرُ إلّا جسمَ حاضِنِهِ
لا يصرخُ الآهَ إلّا
من بهِ
ألمُ
لا تظلمِ الجُرحَ
إن هبّت مواجعُهُ
شكوى الكريمِ هوانٌ
كُلّها ضرمُ
إدفن جروحكَ إنّ
الجُرحَ مُرتهنٌ
إن لم تبح صُنتَهُ كالسّرّ ِ يُكتَتَمُ
لا البوحُ يُشفيكَ
من همّ ٍ ولا وجعٍ
هوّن مَصابًا
إذا ما ماتتِ القِيَمُ
تعاود الشاعرة
أحلام الحسن البوح من جديد ربما تستشعر فيه الراحة والتسرية عن ما ألم بها وجع وكأنها
تلقي بالزيت فوق الحمم لتلتهب فتصرخ من شدة الألم فالجرح كالرياح العاتية تهب بالمواجع
دون إنذار فلم نظلم الجرح وهو سبب ونترك المشكلة بلا حل ومن تسبب فيها ، ثم تتماسك
مرة أخرى وترى أن الشكوى من الكرام ما هي إلا هوان تضرم النار في القلب، فتأكد على
عدم الشكوى وكتم الوجع وحفظ السر حتى لا يتفتق الجرح وينزف تارة أخرى، فما جدوى الشكوى
وقد ماتت القيم، فالبوح لا يشفى ، ولم تجن منه غير الهوان والضعف لذا ٱثرت الصمود في
وجه المصيبة حتى تضعف من قوتها وتقوى عليها بالإرادة والتحدي والبأس الشديد،
تقف الشاعرة بين
بين في المنتصف تبوح وتصمد وتصارع الحزن تكم السر تارة وأخرى تفشية على الملأ وثالثة
تستقوى على كل هذا لعدم جدوى الكلام ورغم أنها باحت لكنها بداخلها تتعلق بالصبر وتتعقل
وتستنكر هذا البوح المشين والشكوى التى تؤدى بصاحبها إلى الضعف والهوان.
هذا الزّمانُ
الذي أيّامُهُ نكدٌ.
وحلٌ دوائرُهُ إن دارتِ
التُّهمُ
لا تَنكسر إن رماكَ
الحاسدون دمًا
كم ناجحٍ قد رماهُ الحاقدُ العدمُ
لو أطبقَ الفاهَ
لم تَسكُن مآربُهُ
غدرًا يسيرُ
كما الثّعبانِ يَلتَهمُ
حَصّن ضلوعَكَ
عن عبءٍ يُباغتُها
لو خابَ ظنٌّ بمن
للوِدّ ِقد هدموا
إن حاكموا مُهجةً لاذوا بِتَصفِيةٍ
طعنًا ومن قسوةٍ
جاروا وقد ظَلَموا
تستمر حالة الصمود
وبث الحكاية من جديد فتصف الزمان الذي جف من المشاعر بأن أيامه نكد وهم ، ثم تنتقل
من الحالة الخاصة للذات الشاعرة إلى حالة عامة الذي تملأ المشاهد والأزمان فمن منا
لم يتعرض لحقد حاقد وأعداء النجاح قد عج بهم المشهد من حولنا فالشجر المثمر هو الذي
يقذف بالحجارة والإنسان الناجح هو من يتعرض للحقد لا لشيء غير أنه مجد مجتهد ناجح وهذا
حالنا جميعا مع هؤلاء الفئة الغثة التي لا تلوى على شيء سوى الهدم والكيد لكل ناجح
غير أن وجودهم وطاقتهم السلبية لا تزيدنا إلا إيمانا وتسليما بأننا على الجادة وعلى
الطريق القويم فلو علموا أن حقدهم هذا طاقة إيجابية لنا لتستمر مسيرتنا الإبداعية ما
حقدوا ابتداء.
ثم تلوذ الشاعرة
بتحصين فواد كل من قدم المعروف وقوبل بالجحود فمن باع الود ظالم عليه اللعنة من الفؤاد
أبد الدهر فلا يستحق إلا الخسران المبين ولابد من تصفية الفؤاد منهم وهجرهم بلا أدنى
ندم، فالظلم ظلمات ومن مكث في غيهب الظلمات لا يرنو لضوء أبدا ظلمات بعضها فوق بعض.
يا قلبُ لا تبتئس
من حاقدٍ بَرَقَت
أسنانُهُ كِذبَةً
بالماءِ تَصطَدِمُ
فالصّبرُ لا صبرُ
إن هُزّت مداركُهُ.
قولٌ وفعلٌ إذًا
في وصفِهِ عَلَمُ
فالنّارُ آكلةٌ
قلبًا لشاعِلِها
نحوَ الإلهِ
فسر تَنجو وتغتنمُ
خيرُ اﻷمورِ التي
من كان صاحبها
في عِرضِهِ سالمٌ
في فعلِهِ الشّيمُ
لا شّرَّ يدنو لهُ لا
حقدَ يَقرَبُهُ
يخشى الإلهَ وإن
قد نالهُ اللممُ
يُحصي الذّنوبَ
التي قد أورثت ندمًا
فالموتُ مُدركُهُ
والرّوحُ تُستلمُ
تلكَ الضمائرُ لا رسمٌ يُصوّرُها
فاحذر ضميرًا إذا بالظّلمِ ينتقمُ
وتسترسل الشاعرة في حالة التسرية والنصح والارشاد
فلا تأس على قوم مكروا ونكثوا عهد الود فبعدا للقوم الظالمين، ثم تتكأ أحلام الحسن
على الصبر والعقل بالقول والفعل تجاه هؤلاء المغرضين الذين ينكرون نعمة الله وفضلة
ويسعون في الأرض بين الناس فسادا هولاء لا ضمير لهم ليثنيهم عن غيهم ولا سبيل لديهم
غير المكر والخداع والتعامل بوجهين .
السلم مرتكز الرؤى
وهو الخلاص الروحي والسلام النفسي والانعتاق من الدونية، نحو عالم الضمائر الحية، والنفوس
المطمأنة فمن صفت نفسه وسمت روحه فقد نال الحسنيين،
لنسمو جميعا بأرواحنا
ونترك الحقد يأكل بعضه بعضا، فتتعاظم ذنوبه ويحمل على عاتقه المعاصى ولا يعصى لها عددا
فمن مات ضميره فلا خير فيه وكيف تفعل لإنسان نزع الله الرحمة من قلبه وبات يزرع الحقد
ويستنكر المعروف ويقابل الإحسان بالإساءة.
لقد نجحت الشاعرة
في جعل حالتها الخاصة مشكلة عامة تأرقنا جميعا حتى لامست منا وترا وكأني بها تتحدث
عني كقارئ وكأني استشعر كل طقوس الحكاية بما فيها من ألم وحزن، إنها رغم حالة الوجد
العارمة تعج بالإشراقات النورانية والنصائح الغالية التي تضع أقدامنا على الطريق الصحيح
لنبذ كل غث وهجر كل حاقد خائن للعهد بائع للود ناكر للمعروف، بشائر ومبشرات ملأت أركان
الحكاية فأسرت عنا ما نحن فيه وجعلتنا نتحلى بالصبر والتعقل وندرك كيفية التعامل مع
المشكلة من جذورها لنكمل الدرب ونوقظ الضمير تلك هي نهاية الحكاية فشكرا لما حوته من
فكر راشد ومضمون هادف وإبداع مائز ، وإلى اللقاء في حكاية أخرى.
ا***************
سيد فاروق
" حكايةُ جُرح
"
لا تفتحِ الجُرحَ
إنّ الجُرحَ منفصمُ
شطرٌ بهِ لهبٌ شطرٌ غزاهُ دمُ
من أدمنَ الهجرَ
لا تطلب مودّتَهُ
شَحتُ المودّةِ
فيهِ الذّلُّ والنّدمُ
لا تشتكِ الحالَ
من ضعفٍ ولا حَزَنٍ
كم شامتٍ فيكَ
حالًا سوفَ يغتنمُ
فالصّبرُ مكسبةٌ والبوحُ مَنقصةٌ
إنّ اللبيبَ الذي بالعقلِ يَفتهِمُ
دارِ الفؤادَ الذي
في نبضِهِ وجعٌ
لا تسكبِ الزّيتَ
فوقَ النّارِ تَحتَطمُ
مثلَ اللهيبِ الذي
في البحرِ مُشتعلٌ
لا البحرُ يُطفؤهُ
والغيثَ يَلتهمُ
لا يحرقُ الجمرُ إلّا جسمَ حاضِنِهِ
لا يصرخُ الآهَ إلّا
من بهِ
ألمُ
لا تظلمِ الجُرحَ
إن هبّت مواجعُهُ
شكوى الكريمِ هوانٌ
كُلّها ضرمُ
إدفن جروحكَ إنّ
الجُرحَ مُرتهنٌ
إن لم تبح صُنتَهُ كالسّرّ ِ يُكتَتَمُ
لا البوحُ يُشفيكَ
من همّ ٍ ولا وجعٍ
هوّن مَصابًا
إذا ما ماتتِ القِيَمُ
هذا الزّمانُ
الذي أيّامُهُ نكدٌ.
وحلٌ دوائرُهُ إن دارتِ
التُّهمُ
لا تَنكسر إن رماكَ
الحاسدون دمًا
كم ناجحٍ قد رماهُ الحاقدُ العدمُ
لو أطبقَ الفاهَ
لم تَسكُن مآربُهُ
غدرًا يسيرُ
كما الثّعبانِ يَلتَهمُ
حَصّن ضلوعَكَ
عن عبءٍ يُباغتُها
لو خابَ ظنٌّ بمن
للوِدّ ِقد هدموا
إن حاكموا مُهجةً لاذوا بِتَصفِيةٍ
طعنًا ومن قسوةٍ
جاروا وقد ظَلَموا
يا قلبُ لا تبتئس
من حاقدٍ بَرَقَت
أسنانُهُ كِذبَةً
بالماءِ تَصطَدِمُ
فالصّبرُ لا صبرُ
إن هُزّت مداركُهُ.
قولٌ وفعلٌ إذًا
في وصفِهِ عَلَمُ
فالنّارُ آكلةٌ
قلبًا لشاعِلِها
نحوَ الإلهِ
فسر تَنجو وتغتنمُ
خيرُ اﻷمورِ التي
من كان صاحبها
في عِرضِهِ سالمٌ
في فعلِهِ الشّيمُ
لا شّرَّ يدنو لهُ لا
حقدَ يَقرَبُهُ
يخشى الإلهَ وإن
قد نالهُ اللممُ
يُحصي الذّنوبَ
التي قد أورثت ندمًا
فالموتُ مُدركُهُ
والرّوحُ تُستلمُ
تلكَ الضمائرُ لا رسمٌ يُصوّرُها
فاحذر ضميرًا إذا بالظّلمِ ينتقمُ
إلّا الذي
همّهُ مرضاةَ خالقِهِ
أبشر بهِ رفقةً بالرّوحِ
ترتسمُ
صافي الضّميرِ
إذا حاكاكَ تعشقُهُ
ذاكَ الحليمُ الذي
للغيظِ يكتظمُ
ا________________________
القصيدة معارضةٌ
لقصيدة " رحال" للشاعر القدير كريم العراقي " المقتبسة من البيت اليتيم
" لا تشك للناس جرحًا أنت صاحبه "
من ديوان " دمعةّ على وجه القمر " للدكتورة أحلام
الحسن
0 comments:
إرسال تعليق