- أزمة مياه النيل ليست وليدة اليوم ولكن تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ
- احتجاجا على اتفاقية مياه النيل التى كانت مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر أرسل محمد على حملة إلى السودان
- حركة التقدم المصرى جنوبا خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر تواكبت مع تعاظم شبكة الرى التى نجحت مصر فى اقامتها خلال تلك الفترة .
- زادت أطوال الترع خلال عصر محمد على بما يصل إلى 1100 كيلو متر
- الرحلات الكشفية التى بعثت بها مصر بامتداد مجارى النيل قادها سليم قبطان أحد الضباط المصريين
- بناء القناطر الخيرية تمثل ذروة مشاريع الرى فى عصر محمد على والتى شرع فى بنائها قبل عام واحد من رحلة قبطان .
- مصر دخلت السوق العالمية خلال السنوات الأولى لعصر إسماعيل خلال فترة الحرب الأهلية الأمريكية
- مجاعة القطن نتيجة توقف تصديره من الولايات المتحدة الأمريكية إلى أوروبا وتبع ذلك أن زادت صادرات مصر القطنية
- حفرت فى عهد الخديوى إسماعيل 13500 كيلو متر من الترع أكثر 10 مرات مما حفر فى عهد جده
- كان هدف الخديوى إسماعيل الجرى وراء النيل والوصول إلى أقصى منابعه جنوبا إلى المنابع الاستوائية وشرقا إلى المنابع الحبشية .
- وصلت مصر إلى مخارج النيل من بحيرات الهضبة الاستوائية ولكنها دفعت ثمن استخدامها الأجانب على نطاق واسع فى حكم تلك الجهات خاصة الإنجليز
- فى اتجاه الشرق كانت التكلفة أكثر فهناك كانت توجد مملكة متماسكة وقفت حجر عثرة أمام محاولة إسماعيل فى الوصول إلى منابع النيل الحبشية
- انتهى عصر إسماعيل وتم تأمين جريان النهر إلى مصر إلى حد كبير غير أن الأخطار كانت تتربص بمصر
- الثورة المهدية فى السودان والتى انتهت بمأساة "شيكان" عام 1883 على إثرها قررت الحكومة البريطانية خروج مصر من السودان
- عقدت بريطانيا مجموعة من الاتفاقيات لتوزيع مناطق النفوذ كان الهدف الأساسى من ورائها إبعاد مصر عن راوفد النيل العليا .
- خلال ثورة 1919 اعترفت بريطانيا بأن لمصر مصلحة حيوية فى مياه النيل لا يمكن المساس به ودارت مفاوضات حول ذلك .
- فى أعقاب قيام الحكم الثنائى عقدت مجموعة اتفاقيات مع الدول المجاورة لتعيين الحدود مع مراعاة عدم التدخل فى جريان مياه النيل مثل المعاهدة الموقعة مع "الحبشة"عام 1902
- فى 15 مايو عام 1902 كانت المعاهدة مع الحبشة وتضمنت من جانب حكومة أديس أبابا عدم التدخل فى مياه النيل الأزرق وبحيرة تانا بشكل يؤثر على كمية المياه فيهما .
- المعاهدة المعقودة مع حكومة الكونغو ونصت على ( أن الحكومة لن تسمح بتشييد أى عمل فيه أو قريبا من نهر سلمبكى أو نهر ايرانجو بشكل يؤثر على كمية المياه الداخلة إلى بحير ألبرت .
- اتفاق 1929 المشهور كان أهم بنوده "ألا تقام أعمال رى أو توليد قوة كهربائية فى السودان يكون من شأنها إنقاص مقادير المياه أو تعديل تاريخ وصولها دون الإتفاق مع مصر.
وكنت قد كتبت إبان رئاسة تحرير لجريدة "الوفاق" بتاريخ 6 يوليو 2009 فى العدد 2753 ؛ مقالات عن تلك المشكلة الكبيرة ،ومرت كل تلك السنون ؛واليوم أعاود كتابته لما يمثل من أهمية خطيرة فى ظل تعنت الجانب الأثيوبي وفشل كل المفاوضات ؛والقيادة الأثيوبية يغيب عنها ان نهر النيل أمن قومى بالنسبة لمصر ؛ما كتبناه منذ أحد عشر عاماً وكأننا نقرا الطالع ؛ولكنها ليست مهنتنا ؛ ولكن السياسة وقراءتنا وتحليلنا الذى أفنينا عمرنا فيه هو ما جعلنا نكتب سيناريو الأحداث..وتعالوا معى نقرأ ما كتبنته عن نهر النيل .
لم تكن أزمة المياه وليدة اليوم ولكن تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ ..ففى 2 مايو عام 1929 أرسل مصطفى النحاس إلى تشمبرلين وزير الخارجية البريطانى آنذاك احتجاجا على اتفاقية مياه النيل ووصفت قضية المياه حينذاك بمسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر ،وكتب إبراهيم فوزى باشا كتاب (السودان بين يدى كتشنر وجوردن) وضح فيه دوافع محمد على فى الإتجاه جنوبا فكانت هناك دولة أوروبية تسعى لمعارضته احتلال منابع النيل ،فجمع المهندسين الأوروبيين الذين جاء بهم من بلادهم إلى مصر ،وأقروا جميعا أن وقوع منابع النيل تحت براثن هذه الدولة –وكان المقصود بها بريطانيا – سيضع مصر تحت رحمتهم فصمم على إنفاذ الحملة إلى السودان .
والكاتب الإنجليزي سيدنى قرر الحقيقة ذاتها فى كتابه (ضبط النيل والسودان الحديث) ودلل على أسبقية هذا السبب على غيره فى اتجاه مصر جنوبا أمران :
أولهما : أن حركة التقدم المصرى جنوبا خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر تواكبت مع تعاظم شبكة الرى التى نجحت مصر فى اقامتها خلال تلك الفترة .
وزادت أطوال الترع خلال عصر محمد على بما يصل إلى 1100 كيلو متر ،والحملة إلى السودان بدأت فى نفس عام إتمام كبرى الترع التى حفرت فى عصر محمد على وهى ترعة المحمودية التى استكملت عام 1920 .
ثانيهما : الرحلات الكشفية التى بعثت بها مصر بإمتداد مجارى النيل (السوباط والنيل الأبيض) والتى قادها سليم قبطان أحد الضباط المصريين خلال الفترة بين عامى 1839 و1841 ويصعب فصل العمليات الكشفية عن عملية بناء القناطر الخيرية ،التى تمثل ذروة مشاريع الرى فى عصر محمد على والتى شرع فى بنائها قبل عام واحد من رحلة قبطان .
المدهش أن مصر دخلت السوق العالمية خلال السنوات الأولى لعصر إسماعيل ،خلال فترة الحرب الأهلية الأمريكية التى خلقت ما يسميه الإقتصاديون بمجاعة القطن نتيجة توقف تصديره من الولايات المتحدة الأمريكية إلى أوروبا ،وتبع ذلك أن زادت صادرات مصر القطنية خلال تلك السنوات الأربع من 60 مليون رطل إلى 274 مليون رطل ؛مما أدى إلى زيادة العناية بمشاريع الرى ،وحفرت فى عهد الخديوى إسماعيل 13500 كيلو متر من الترع أكثر 10 مرات مما حفر فى عهد جده ..ولعل ذلك يفسر الأسباب التى دفعت مصر خلال عصر هذا الحاكم إلى الجرى وراء النيل والوصول إلى أقصى منابعه جنوبا إلى المنابع الاستوائية وشرقا إلى المنابع الحبشية .
وفى أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن التاسع عشر ؛بدأ التقدم المصرى ناحية الجنوب وضم كل ما أصبح يشكل خطرا فيما بعد جنوب السودان ؛فضلا عن المناطق الشمالية من اوغندا وتمكن المصريون من الوصول إلى مخارج النيل من بحيرات الهضبة الاستوائية ودفعت مصر ثمنه بعد ذلك ،والسبب أنها استخدمت الأجانب على نطاق واسع فى حكم تلك الجهات خاصة الإنجليز ويشتهر منهم السير صمويل بيكر والجنرال تشارلز جوردون ،وأصبح الأخير فيما بعد حاكما عاما للسودان .
وفى اتجاه الشرق كانت التكلفة أكثر فهناك كانت توجد مملكة متماسكة وقفت حجر عثرة أمام محاولة إسماعيل فى الوصول إلى منابع النيل الحبشية ،وكلفت المحاولة مصر ثلاث حملات خلال عامى 1875 و1876 ،وانتهت بعقد معاهدة صلح بين البلدين لم تنل منها مصر ما كانت تسعى إلى تحقيقه من اعتلاء الهضبة.
وانتهى عصر إسماعيل وتم تأمين جريان النهر إلى مصر إلى حد كبير غير أن الأخطار كانت تتربص بمصر ..فى الوقت نفسه لم تتأخر كثيرا فى أن تحيق بها وأثرت على العلاقة بينها وبين السودان .
وفى ثمانينيات القرن التاسع عشر احتلت بريطانيا مصر عام 1882 ،وقامت الثورة المهدية فى السودان وانتهت بمأساة "شيكان" عام 1883 وقررت الحكومة البريطانية خروج مصر من السودان،وأصدر السير ايفلين بيرنج ممثل بريطانيا فى مصر "أن إخلاء السودان لن يترتب عليه أى تهديد لاستمرار جريان مياه النيل إلى الشمال على اعتبار أن الدولة المهدية لا تملك الإمكانات الفنية لتشكيل مثل هذا التهديد ..إلا أن محمد شريف باشا رئيس الوزلااء المصرى آنذاك لم يقتنع بما قاله ممثل بريطانيا وأن هناك مخاطر هائلة سوف تحق بمصر إذا ما تم تنفيذ خطة بيرنج ؛فالقرار معناه تمكين الثوار من مجرى النيل من منابعه إلى نقطة تعتبر حدا جنوبيا لمصر مما دفعه إلى تقديم استقالته .
وما يحدث الآن حدث عام 2009 فى دارفور..ولم يمض وقت طويل حتى تبين للسير بيرنج الذى أصبح اللورد "كرومر" منذ عام 1891 خطأ سياسته ..وهنا احتد الخلاف بين دولتى "بريطانيا وفرنسا" ،وحاولت حكومة باريس بالإمساك بورقة المياه فى التعامل مع بريطانيا ،ووصل الأمر إلى تحرك حكومة لندن واستعدادها للحرب من أجل هذه القضية .
وهنا نوضح ان العلاقة بين مصر والسودان مرت بأربع مراحل من عام 1820وحتى عام 1885 ؛حيث كان المسعى المصرى يدور حول الوصول إلى منابع النيل الإستوائية والحبشية .
وخلال تسعينيات القرن التاسع عشر ..شهدت تقدما حثيثا من سائر القوى الأوروبية التى وضعت أقدامها حول حوض النيل (بلجيكا وفرنسا )من الجنوب الغربى ،و(ألمانيا من الجنوب الشرقى ) ،و(ايطاليا من الشرق)،ووقعت بريطانيا مجموعة من الإتفاقيات لتوزيع مناطق النفوذ كان الهدف الأساسى من ورائها ابعادها عن راوفد النيل العليا .
وفى أعقاب قيام الحكم الثنائى بمقتضى اتفاقية عام 1899 عقدت مجموعة اتفاقيات مع الدول المجاورة لتعيين الحدود مع مراعاة عدم التدخل فى جريان مياه النيل مثل المعاهدة الموقعة مع "الحبشة" فى 15 مايو عام 1902 تضمنت تعهدا من جانب حكومة أديس أبابا بعدم التدخل فى مياه النيل الأزرق وبحيرة تانا بشكل يؤثر على كمية المياه فيهما ،والمعاهدة المعقودة مع حكومة الكونغو ونصت على ( أن الحكومة لن تسمح بتشييد أى عمل فيه أو قريبا من نهر سلمبكى أو نهر ايرانجو بشكل يؤثر على كمية المياه الداخلة إلى بحير ألبرت .
وفى أكتوبر عام 1910 نصح السير مازر فى جمعية زراعة القطن فى لندن بل ونبه على خطورة استمرار اعتماد لانكشير على القطن المصرى ولابد من زراعته فى السودان فى اقليم الجزيرة ،ولم تمض خمس سنوات إلا وكانت حكومة لندن خصصت قرضا قدره 7 مليون للمضى قدما فى المشروع ،وتقرر زراعة 300 ألف فدان فى الجزيرة وتوفير مياه الرى لها بإقامة سد "سنار" .
وعلى ضوء ما كان وقتذاك من إتمام بناء خزان أسوان عام 1902 ،واتمام تعليته الأولى عام 1912 دليلا على احتياجات مصر المائية .
وأدت ثورة 1919 وقبول بريطانيا بإلغاء بإلغاء حمايتها على مصر إلى دخول عنصر جديد فى العلاقة المائية بين البلدين وهو العنصر السياسى ..واعترفت بريطانيا بأن لمصر مصلحة حيوية فى مياه النيل لا يمكن المساس به ودارت مفاوضات حول ذلك .
أولها عام 1920 بين (سعد - ملنر) اعترف خلالها الأخير بأن لمصر مصلحة حيوية فى ايراد النيل الذى يصل إليها مارا بالسودان ونحن عازمون أن نقترح اقتراحات من شأنها أن تزيل هم مصر وقلقها من جهة كفاية ذلك الإيراد لحاجتها الحالية والمستقبلية .
مفاوضات (عدلى- كرزون) وتعهد الجانب البريطانى بأن يضمن لمصر نصيبها العادل من مياه النيل .
مفاوضات (سعد – ماكدونالد) عام 1924 تضمن اقتراحا بدعوة مجلس الأمم لتقرير طريقة تأمين المصالح المصرية فى مياه النيل .
وفى اعقاب حادث اغتيال السيرلى ستاك ..أنذر المندوب السامى البريطانى بالقاهرة سعد زغلول وأكد أن حكومة السودان ستزيد المساحة المزروعة من 300 ألف فدان إلى عدد غير محدود ؛وعلى أثره استقالت حكومة سعد زغلول وتم العدول عن الإنذار فى أقل من شهرين فى خطابين متبادلين يسن رئيس الوزراء الجديد أحمد زيور والمندوب السامى ،وتشكلت لجنة فنية بين ممثلى مصلحة الرى فى مصر والسودان فى أول مايو 1926 كان الأساس لأول اتفاق حول مياه النيل وهو اتفاق 1929 المشهور،وكان أهم بنوده "ألا تقام أعمال رى أو توليد قوة كهربائية فى السودان يكون من شأنها انقاص مقادير المياه أو تعديل تاريخ وصولها دون الإتفاق مع مصر .
واستمر الاتفاق حتى تم الشروع فى بناء السد العالى وتم عقد اتفاق بين البلدين ..اتفاق نوفمبر 1959 والذى اعاد توزيع المياه على ضوء المشروع العملاق الجديد.
0 comments:
إرسال تعليق