كم هي غالية على قلوبنا! وكم تقسو علينا! بلادٌ اعتاد حكامها أن يدهسوا فيها العامة من الناس، اعتاد كل مسئوليها أن يطعنوا أبناءها ولا يقيموا لهم وزنا!
آهٍ .. كم أوجعَ القلب ما رأيناه في هذا اليوم القاسي، وكم تذكرنا كل ما نمرُّ به من مآسٍ لما في
تلك الفاجعة من مشاهدَ يصعب وصفها، لم يكن هناك مَنْ يظن أنَّهُ من الممكن أن يرى هذه المشاهد الموجعة إلا على شاشات التلفاز في أفلام الرعب عديمة القيمة، لكننا الآن رأيناها بأم أعيننا حقيقة مشابهة لتلك الأفلام في مشاهدها المرعبة!
أناسٌ يجرون بأقصى ما لديهم يحاولون الإفلات من الموت المحقق الذي يحدق بهم من كل جانب، منهم من كتب الله له النجاة، ومنهم من كُتِبَ عليه أن يموتَ حرقا في هذه المحرقة!
تمرُّ الأيام في مصر ولا يزال على لساننا أن مصر لا ترعى أبناءها، فما أشبه الليلة بالبارحة! حوادث لا تنتهي في سلسلة من البشاعة والإجرام والإهمال.
ماذا فعلت مصر في تلك الفترة الأخيرة من عمرها السياسي؟! لم تجن مصر على يد العاشق لعرشها سوى كل خراب وفسادٍ وإهمال، الإهمال كما هو بل إنه يزداد سوءًا، ولم نجد تقدما سوى في مجموعة من أبنية لا حاجة للناس فيها، فأموال الشعب وكل موارد الدولة تنفق في تلك المدينة التي لا بدَّ أن تُبنى ليس لشيء سوى أنَّ شخصًا بعينه يريد ذلك، مصر التي غمرها الله بالخير تخرج خيراتها لتقع في يدي هذه المدينة المزعومة، أو بين يدي مؤتمر لا طائل من ورائه سوى القليل من المنظرة الإعلامية، أو بين يدي مجموعة من الناس يجلسون تحت قبة وظيفتهم الأساسية مراعاة حقوق الشعب لكنهم أصبحوا يفعلون كل شيء عدا مراعاة حقوق الشعب.
عندما يتم التفكير في كل هذه الأشياء التافهة تجد خيرات مصر توزع بلا تردد، أما عندما نحتاج أموال مصر وخيراتها لإصلاح شئونها ورعاية خدماتها احتراما لهذا المواطن الذي يعيش الآن منغص النفس لا يحتاج إلى هذه الطريقة الشديدة القسوة كي يموت.
لم نرَ سوى كل انكسار ويأس من المستقبل، فلم يعد شباب مصر يفكرون في غدٍ مشرقٍ ومستقبل مهم، أصبح الجميع في مصر واقفا في محطة من محطات الإهمال، وما أكثرها في مصر!
الكل ينتظر دوره، ولا يعلم أيٌّ منا كيف ستكون نهايته التي قُدِّرت له في هذا البلد المدمر للمستقبل!
تعددت الحوادث وفي نهاية كل حادثة لا نرى سوى نفس الشعارات الإعلامية التي توهمنا بأن كل ذرةٍ شر في هذا البلد من صنيع فئة واحدة! وكالعادة تُطل علينا الأخبار المعتادة كالتالي: رئيس الوزراء والسيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس مجلس الموافقة وكل من ليس له قيمة جميعهم ينعون الموتى ويعزون أهاليهم، وجميعهم كذلك يستحضر روح الوطنية الزائفة في الانتقام من الخونة، وغير ذلك مما لا يقر حقيقة واحدة ترضي ضمائرهم!
فالحقيقة أننا موتى، الحقيقة أننا نعيش ونهرول في جحور من الفشل والإهمال والإحباط، الحقيقة أن أرواحنا لم تعد تعرف طعم التفاؤل أو الأمل في مستقبل ينقذ هذا الوطن، فالكل طامع، والكل ينافق والكل يخاف على منصبه، والشعب يموت الشعب يموت، والبرلمان يشاهد، والمسئولون يبكون بالدموع الوهمية، يخدعوننا ويحسبوننا نصدقهم، إننا فقط استسلمنا لليأس وهم لا يدرون أو لعلهم يتظاهرون بذلك!
عزيزي الميت في هذا الحادث – رحمة الله عليك – فلسوء حظك أنك تعيش في بلد لا كرامة فيها ولا إنفاق ولا اهتمام بحياتك أو حياة غيرك من عامة الشعب، أما أنتم يا أعزائي الأموات فكونوا مستعدين للموت في أية لحظة فأنتم تعيشون في مصر بلد الإهمال والعبث بحياة المواطنين!
** أحبُّ الاستماع إلى آرائكم قرائي الأعزاء على البريد الإلكتروني الخاص بي
وعلى صفحتي على الفيس بوك بنفس العنوان :
a_ha3im@yahoo.com
0 comments:
إرسال تعليق