تلقيت منذ أيام سؤلا من أخ عزيز، والله أعلم بنيته عندما وجه لي السؤال، حيث سألني قائلا، "يا دكتور حضرتك استاذ جامعي، وفر وقت المقالات التي تكتبها لطلابك في الجامعة، أو لكتابة أبحاث أو كتب مش الفيس بوك"!!
وكان ردي باختصار أنني وفقني الله لنيل درجة الدكتوراه من بريطانيا قبل الثلاثين والأستاذية في سن ٣٩ سنة، وعلى على مدى أكثر من عشرون عاما انجزت عشرات الأبحاث وعشرات الكتب المنشورة في كافة الدول العربية، وأشرفت وناقشت، وما زلت أشرف على عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه،
بل ان تحت إشرافي "وحدي" اكثر من ٣٠ باحث ماجستير ودكتوراه من "غير المصريين" يدخلون في خزينة الدولة سنويا حوالي ٤ مليون جنيه هذا بند يشكل اقل من ١٠٪ مما أؤديه من التزامات بالجامعة في مرحلتي الليسانس والدراسات العليا!!
عملت مستشارا لحكومات ومؤسسات دولية لنحو عشر سنوات، وأقوم بالتدريس منذ عام ١٩٩٤ ، منذ أن عينت معيدا بكلية الحقوق وحتى تاريخه.
على مدار ٢٠ عاما، لم يطلع على فكري وعلمي غير الباحثين والطلاب والمجتمع العلمي داخل وخارج مصر.
أكرمني الله خلال تلك الرحلة بالفوز بأكثر من جائزة علمية، وعلى رأسها جائزة الدولة عام ٢٠٠٣ وجوائز عربية وأفريقية.
اكتب بالصحف منذ عام ٢٠٠١، أي منذ نحو عشرون عاما، سواء بالوفد او اليوم السابع او بصحف خليجية كبرى، ولكني أفضل الأن وسائل التواصل، لأكتب ما انا مقتنع به وما يستريح إليه ضميري.
وما أكتبه على صفحتي أشبه بالبضاعة، اذا أعجبتك فستقرأها، واذا لم تكن كذلك فكأنك لم تراها، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
السؤال هنا، مع التطورات التي شهدها العالم، خاصة مع التطور التقني، وظهور وسائل الاتصال الحديثة، ألا يتوجب على اهل العلم أن يزكوا عن علمهم، وان يستثمروا هذه النعمة (التكنولوجيا)؟!
بعبارة أخرى، هل تنحصر رسالة أستاذ الجامعة في التعليم والبحث داخل الجامعة والترقي...الخ، أم أن عليه التزام مجتمعي؟!
السؤال الأهم: اذا كنت كأستاذ جامعي وهبك الله علما وفكرا وأسلوبا، أليس من الحكمة بل والأمانة أن تصل بهذا العلم والفكر لأكبر شريحة ممكنة؟!
كم عدد أساتذة الجامعة في وطننا؟ بعشرات الآلاف...ماهو دورهم المجتمعي، وما هي حدود تأثيرهم في المجتمع المحيط؟!
من هذا المنطلق، وكما أكتب كتابا او بحثا لا يطلع عليه الا العشرات، الذين يرغبون في قراءة بحثي في المكتبة، فأنا أكتب مقالا مختصرا على صفحتي الشخصية، أعرض فيه لفكرة أو قضية تسهم في حل مشكلة وطنية، ولكن الفارق هو أن شريحة المستفيدين كبيرة جدا، وبعشرات الآلاف داخل وخارج الوطن...أكرر عشرات الآلاف يقرؤون يوميا ما أكتب!
ولا يختلف الوضع، فمن يريد ان يقرأ كتابك سيطلبه ويفتحه ويستفيد، كذلك المقال، من يريد ان يقرأ مقالك على صفحتك سيقرأ..فأنت لا تستطيع أن تكره أحدا لا على قراءة كتاب او مقال على الفيس!!!
اذا -بالتأكيد- على استاذ الجامعة دور أساسي في الجامعة ورسالة يؤديها داخل الجامعة مع طلابه، ولكن الواجب الوطني يحتم على اساتذة الجامعات في مختلف ميادين الحياة الانطلاق، وان يدلوا بدلوهم في مختلف القضايا الوطنية.
"فإذا لم يؤدي أساتذة الجامعات هذا الدور التنويري الراقي عبر مواقع التواصل الاجتماعي فمن يؤديها؟! فضائيات الدمار الشامل ومن يجاهدون للاستمرار في تزييف وعي المواطن وحسب هواهم وحسب هو صاحب المحطة؟!"
ومن هذا المنطلق، ادعو كل استاذ جامعي، وهبه الله العلم والحكمة بان يدلي بدلوه، استثمارا لتلك النعمة التي وهبها الله للبشرية (وسائل التواصل)، بعد ان فرضت نفسها، وصارت قبلة لكافة فئات المجتمع التواقة إلى المعرفة،
فإذا غاب زبدة المجتمع وأصحاب الفكر عن المشهد، واستثمار تلك النعمة، فمن يتصدى؟! ومن للمواطن المتشوق للمعرفة؟! وفقنا الله واياكم الى ما يعلي شأن الوطن والمواطن..دمتم بخير.
0 comments:
إرسال تعليق