• اخر الاخبار

    الاثنين، 25 فبراير 2019

    الدكتور عادل عامر يكتب عن : الهجرة غير الشرعية وتكريس العولمة



    قد أصبحت عمليات تهريب المهاجرين غير الشرعيين (الهجرة غير الشرعية) نمطاً جديداً من أنماط الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي احتلت واكتسبت مكاناً متميزاً لها في مرحلة تكريس العولمة وتدعيم النظام العالمي الجديد بتوجهاته الاقتصادية التي أدت إلى تهميش مناطق عديدة من دول العالم، وخاصة دول العالم الثالث، الأمر الذى ساعد على ظهور هذا النمط غير المشروع من الهجرة إلى دول العالم المتقدم بما أتاحه هذا النظام الجديد من سهولة الانتقال عبر الدول التي أصبحت أقل قدرة على القيام بدورها في حماية حدودها وسواحلها، وقد استغلت عصابات الإجرام المنظم هذه الفرصة لممارسة نشاط الاتجار بالمهاجرين غير الشرعيين عبر حدود الدول البرية والبحرية والجوية أيضاً.
    تُشير الدّراسات إلى أنّ مُعظم المهاجرين غير الشرعيين هم من سُكّان دول العالم الثالث؛ إذ يَركبون المخاطر للفرار من الأوضاع الراهنة في بلادهم سعياً للوصول إلى الدّول المتقدمة كالولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، ويذكر بأنّه في الآونة الأخيرة قد سُجلّت أعدادٌ كبيرة من حالات محاولات الهرب والهجرة غير الشرعيّة للفقراء المكسيكيين، هذا وتحرص الحكومة الأمريكيّة كلّ الحرص على توفير الحِماية والأمان لحدودها من تدفّق المهاجرين غير الشرعيين، وتجّار الأسلِحة أيضاً.
    ظاهرة الهجرة البشرية والنزوح الجغرافي بشكل عام عالمية الطابع وقديمة العهد، عرفت في الحرب كما عرفت في السلم واختلفت أشكالها باختلاف ظروف البلدان وكذا الظروف التاريخية. وقد تنامت هذه الظاهرة في بدايات القرن الماضي بفعل الفقر ونقص فرص العمل والقمع السياسي والديني والعنصري ثم أتت العولمة لتفاقم من حركة البشر وتوسيع رقعة البلدان المعنية بهذه الظاهرة، حيث سجل بداية الألفية الثالثة مهاجرا واحدا من 35 مستقرا في بلده، وقد دفعت العولمة الاقتصادية إلى تغيير اتجاهات الهجرة فأصبحت بلدان مثل سنغافورة وإندونيسيا محط أنظار الباحثين عن العمل من الهند والصين وباكستان.
     وأصبحت بلدان المشرق العربي خاصة الدول الخليجية مقصودا من المهاجرين من الفلبين وسيريلانكا وغيرها وأصبحت إيطاليا واليونان وتركيا مقصدا من المصرين وأصبحت كل من فرنسا وبريطانيا مقصدا من المهاجرين من تونس والمغرب والجزائر وليبيا.
    تعتبر الأسباب السياسية و الأمنية من أهم الأسباب و العوامل التي أدت إلى تسارع وتيرة الهجرة غير الشرعية، غير أن الأسباب السياسية ترتبط بالأوضاع التي تعيشها الدول المصدرة فقط بل تتجاوزها إلى سياسات الدول المستقبلة التي أدت بطريقة مباشرة و غير مباشرة في تشجيع الهجرة إليها .فالعوامل السياسية تعد من أبرز العوامل التي أدت إلى حدوث العديد من الهجرات عبر التاريخ ، حيث أنه من الملاحظ أن الهجرة الدولية أخذت بالتأثير أكثر فأكثر مع مرور الزمن بالعوامل السياسية على أنها مسبب للهجرة و من الأسباب السياسية الفردية التي تدفع إلى الهجرة ضغط القوة و التهديد و الاستلاء أي أن التدخل العسكري الخارجي من أية دولة من الدول يؤدي إلى هجرة خارجية ، إضافة إلى الضغط السياسي المحلي يؤدي كذلك إلى الهجرة ففي معظم الدول النامية حيث تنعدم الديمقراطية و تسود نظم الديكتاتورية ، و الانقلابات  العسكرية و الحروب تؤدي إلى الهجرة إلى الخارج.
    حيث تسببت الحروب والصراعات والتدخل الأمني في العديد من دول القارة الإفريقية في الثمانينات من القرن الماضي وعدم الاستقرار السياسي بالمنطقة ما سبب في تدهور الأوضاع في كافة مناحي حياة المواطن الإفريقي الذي أصبح يخاطر بحياته بطرق مشروعة وغير مشروعة من أجل البحث عن الاستقرار والأمن والسلام.
    فالهجرة غير الشرعية هي في الواقع تعبير عن السخط على الوضعية السائدة التي يعيشها الشباب في بلدانهم، فالدول المصدرة للمهاجرين تتسم في معظمها بالحرمان السياسي والنظم الفردية وفقدان حرية التعبير والرأي والديمقراطية وغياب حقوق الإنسان واحترام الحريات العامة، بحيث يشعر الأفراد بحالة من عدم الاستقرار النفسي والاجتماعي والرغبة في البحث عن ملجأ آمن يحقق لهم الكرامة الإنسانية
     وحرية الرأي والتعبير عن الذات والديمقراطية وتظهر هذه الظاهرة بالذات في الدول الأكثر تسلطا وقمعا خاصة في دول العالم الثالث حيث يزداد عدد الأشخاص المهاجرين بأي وسيلة غير شرعية للخلاص من الواقع القائم.
    و تعتبر منطقة جنوب المتوسط خاصة و إفريقيا بصفة عامة من أهم المناطق المصدرة و المستقبلة للاجئين بسبب الحروب و عدم الاستقرار السياسي الذي تعرفه دول المنطقة و في هذا الإطار  يمكن القول بأن منطقة المغرب العربي تعتبر منطقة عبور للاجئين و المهاجرين القادمين من إفريقيا خاصة من منطقة جنوب الصحراء و البحيرات الكبرى ، فالمملكة المغربية تعد نقطة عبور رئيسية نحو إسبانيا عبر مضيق جبل طارق و قد سجل ما بين سنة 1997 إلى سنة 2001 حوالي 3286 ضحية غرقت في المضيق و الجزائر و تونس و ليبيا هي الأخرى مناطق عبور للمهاجرين القادمين من إفريقيا السوداء حيث أصبحت هذه الدول تعرف انتشارا ملفتا للمهاجرين الأفارقة .
    كما أن الفساد والاستبداد والتوزيع غير العادل للثروات وانتهاك الحقوق والحريات في بعض الدول المصدر للعمالة بالإضافة إلى افتقار الأمن وصعوبة اقتضاء الحق من بين الأسباب التي تكون دافعا في تخلي العديد من البشر عن موطنهم الأصلي والهجرة إلى موطن آخر بحثا عن الأمن والكرامة.
    الهجرة في العولمة: هي ظاهرة بسبب الحاجة إلى قيام اقتصاد رأسمالي عالمي شديد التكامل، يجعل من الناس يرتحلون باستمرار من أجل العمل، أو تأهيل القوى العاملة من خلال الدراسة، ولاسيما الدراسات العليا المتقدمة والمتخصصة، أو اللجوء السياسي عبر الحدود، الذي يعتقد البعض أنه يرجع لنظام عفا عليه الزمن داخل الدولة. والمهاجرون هم الأشخاص الذين حصلوا على وضع قانوني يتميز-على الأقل-بشكل من أشكال تصريح الإقامة الذي ينظم شروط عملهم، ويسعى البعض
    ولكن ليس كل-من العمال الأجانب والمغتربين، إلى الحصول على جنسية البلد الذين يعملون فيها، وبعضهم يحصل عليها. ويختلف المهاجرون عن القوى العاملة التي ليس لديها الأوراق اللازمة، في أن تلك القوى العاملة ليس وضعها قانونيا في البلد التي تعمل فيه. ومن الممكن أن يكون هناك أسباب كثيرة ومعقدة لانعدام الوضع القانوني للإقامة في بلد ما، مثل عدم رغبة أصحاب العمل في هذا الشخص،
    ورفض الدولة منح تصاريح الإقامة لفئات معينة من العمال الأجانب، والعنصرية المؤسسية. الخ. ولا يعد كل العمال الذين ليس معهم الأوراق اللازمة على وجه الدقة، مهاجرين غير شرعيين، ونظراً للتاريخ المعقد لدى الكثير من الدول القوية مثل: الولايات المتحدة الأميركية وكندا وغيرهما من الدول ممن تمتلك أنظمة قانونية واسعة بعض الشيء، فإن ذلك جعل من الممكن العمل في هذه البلدان،
    دون موافقة واضحة منها، بسبب الثغرات في أنظمتها القانونية. ويختلف المهاجرون والعمال غير مستوف الأوراق اللازمة عن السياح في: أن السائحين لا يشتركون في أنشطة تحقق إيرادات في البلاد التي يزورونها، وبذلك ينحصر تأثيرهم الاقتصادي بشكل رئيسي على الاستهلاك والنتائج البيئية. وغالباً ما تتعامل الصحافة والخطابات السياسية مع هجرة العمالة الموسمية على أنها: شكل من أشكال الهجرة.
    أما مفهوم الهجرة الحديث فيتعلق بظهور ما يسمى بــ “الدول القومية، وقانون الجنسية، وقانون المواطنة). إن المواطنة في دولة قومية تمثل منح حق غير قابل للتحويل في الإقامة في هذه الدولة لكن إقامة غير المواطنين تخضع للشروط التي يحمها قانون الهجرة.
    إن ظهور الدول القومية الحديثة قد جعل من الهجرة موضوعاً سياسيا حيث صوّرت سكانها “كمجموعات متجانسة” واعتبرتها تشكيلا لأمة …
    تتميز بإثنية وعرق، وثقافة واحدة، يتشاركها جميع أفرادها مما يعد خرقاً وانتهاكاً للحقائق الواقعية المتمثلة في: تعدد الأعراق وتعدد الأجناس وتعدد الثقافات. إن القيود القانونية والسياسية التي تُفرض على وجود الأجانب تعد موضوعاً سياسياً شائكاً، ويرجع هذا إلى تلك القيود القديمة، التي تعمل بها دول … كان لمواطنيها وجود طويل الأمد ومؤثر جداً، في بلاد غير بلادهم، كالاستعمار الكولونيالي على سبيل المثال وليس الحصر.
    لقد صرحت “المنظمة الدولية للهجرة”: بأن هناك أكثر من مائتي مليون مهاجر حول العالم في الوقت الراهن. واستقبلت أوروبا أكبر عدد من المهاجرين حيث بلغ 70.6 مليون شخص في عام 2005 وهي آخر سنة متوفر عنها أرقام في هذا الشأن. تليها في المرتبة الثانية أمريكا الشمالية إذ يزيد الرقم عن 45.1 مليون مهاجر، وتتبعها آسيا التي استقبلت حوالي 25.3 مليون مهاجر. ومعظم المهاجرين هم من العمال في الوقت الراهن ويأتون من آسيا.
    وقد انخفض حجم الهجرة العالمي بشكل مذهل مقارنةً بما مضى. قدرت “رابطة اللاجئين والتكامل الدولي” أن عدد المهاجرين الدوليين في 2005 بلغ 175 مليون شخصاً، أي أقل من ثلاثة بالمائة من إجمالي عدد سكان العالم، ويمكن مقارنة هذه النسبة بالمعدل المتوسط للعولمة (وهو حصة التجارة عبر الحدود في حجم التجارة ككل) الذي يزيد عن عشرين في المائة.
    ويسجل الشرق الأوسط وبعض أجزاء من أوروبا ومناطق صغيرة في جنوب شرق آسيا، وبعض المناطق في جزر الهند الغربية: أعلى معدلات لهجرة السكان، كما ظهر في إحصاء الأمم المتحدة في عام 2005.أما عن مدى مصداقية إحصاءات الهجرة فهي مع الأسف منخفضة، نظراً لعدم معرفة أعداد هجرة العمالة غير المستوفية للمستندات اللازمة. وقدرت المنظمة الدولية للهجرة أن عدد المهاجرين الأجانب يزيد عن 200 مليون شخص في كل أرجاء العالم في الوقت الحاضر.
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور عادل عامر يكتب عن : الهجرة غير الشرعية وتكريس العولمة Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top