شهر رجب، لا يجيءُ الشهرُ كضيفٍ عابر، بل يدخلُ على الأرواح دخولَ النور إلى المصابيح؛ هادئًا، عميقًا، موقظًا لما ظنناه خافتًا فينا.
رجبُ
ليس صفحةً في التقويم، بل مقامٌ من مقامات الرجوع، ومفتاحُ خشوعٍ يُدارُ في أقفال
القلوب.
هنا،
يتجلّى نورُ الحبيب ﷺ، ساطعًا في الصدور، شعاعَ أملٍ في روح الأمة، يرمّم ما
أرهقته الأيام، ويوقظ فينا المعنى الأول للإيمان: أن يكون القلب حيًّا، وأن تكون
الصلاة عليه حياةً لا عادة.
الصلاة
على الهادي البشير ليست ألفاظًا تُقال، بل نورٌ يُستدعى؛
كلما
صلّينا عليه، انزاح بعضُ العتمة، واتّسع صدرُ الوقت، ولانَ قسوةُ الطريق.
هي عطرُ
السيرة حين يضيق الواقع، وملاذُ الروح حين تتزاحم الأسئلة.
وفي
رجب، يفيض هذا العطر أكثر.
شهرٌ
عظيمٌ في فضله، قدّسه الله قبل أن تُقدّسه القلوب، وجعله محطةَ تهيئةٍ كبرى:
منه
يبدأ الإصلاح الصامت، وتُزرع النيّات التي ستُثمر في رمضان.
هو شهرُ
الاستيقاظ الإيماني؛ لا بالصخب، بل بالطمأنينة.
رجب
يقول لنا:
لا
تُصلح العالم قبل أن تُصلح قلبك.
ولا
تطلب النور من الخارج، ونور الحبيب بين ضلوعك ينتظر أن تُصلي عليه بصدق.
في
غُرَّته، تتعلّم الأرواح أدب البداية:
أن تبدأ
بالله،
أن تبدأ
بالصلاة على رسول الله،
أن تبدأ
بنفسك.
سلامٌ
على رجب،
وسلامٌ
على القلوب إذا اغتسلت بالصلاة على النبي،
وسلامٌ
على أمةٍ لا تزال—رغم كل شيء—تملك مفتاح النور.

0 comments:
إرسال تعليق