• اخر الاخبار

    الأحد، 21 ديسمبر 2025

    الدكتور عادل عامر يكتب عن : العنف ضد المرأة اكثر الانتهاكات عالميا لحقوق الإنسان

     


    نعم، العنف ضد المرأة هو بالفعل واحد من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا وتفشيًا واستمرارية على مستوى العالم، حيث تتعرض حوالي واحدة من كل ثلاث نساء (نحو 840 مليون امرأة) لشكل من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي خلال حياتها، وتفاقمت الأوضاع مع الأزمات مثل الجائحة، وهو ما يعتبر عائقاً رئيسياً أمام تحقيق المساواة والتنمية المستدامة.

    العنف ضد المرأة هو أحد أكبر الانتهاكات الحقوق الإنسان، ويؤثر على النساء في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن العمر أو الخلفية الاجتماعية أو الاقتصادية. يتضمن هذا العنف مجموعة واسعة من الأفعال، بدءًا من الإساءة الجسدية والنفسية إلى التحرش والاعتداء الجنسي

    في الوقت الذي يحيي فيه العالم اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، تتصاعد شهادات قانونيين وحقوقيين ليؤكدوا أن النساء ما زلن يخضن معركة يومية في مواجهة منظومات اجتماعية وقانونية لا تمنحهن الحماية الكافية، ويرى هؤلاء أن النساء، رغم ما يتعرضن له من أشكال متعددة من العنف، يواصلن إظهار قوة استثنائية وقدرة على المقاومة وصنع التحولات، مدعومات بجهود دولية عززت الوعي وفتحت المجال أمامهن للدفاع عن حقوقهن.

    وفي المقابل، يحذر مختصون من أن القصور التشريعي في العديد من الدول، خاصة في المنطقة العربية، ما يزال يقف عائقاً أمام حماية فعلية وشاملة، في ظل تزايد أنماط العنف وتحوّلها إلى صور أكثر تعقيداً، بدءاً من العنف الأسري وصولاً إلى العنف الرقمي والاقتصادي والسياسي. وبين إصرار النساء على انتزاع حقوقهن، واستمرار الثغرات التي تسمح بتمدد الانتهاكات، يتجدد النقاش حول ضرورة التزام الدول بالاتفاقيات الدولية، وتطوير القوانين، وتعزيز الوعي المجتمعي، لضمان بيئة تُصان فيها كرامة المرأة ويُواجه فيها العنف بجميع أشكاله بجدية وحزم.

    ورغم الجهود التي تبذلها منظمات المجتمع المدني في نشر الوعي والتثقيف حول قضايا العنف ضد المرأة، إلا أن هذه الجهود تبقى محدودة الأثر ما لم تُترجم إلى إصلاحات قانونية حقيقية. فالتشريعات هي الركيزة الأساسية التي يمكن أن تمنح المرأة حماية فعلية، وتضع حداً للثغرات التي يستغلها المعتدون. ومن هنا، فإن تطوير القوانين ليس مجرد مطلب حقوقي، بل هو ضرورة اجتماعية وسياسية لضمان العدالة والمساواة، وتعزيز دور المرأة في الحياة العامة بعيداً عن أشكال التمييز والعنف، بحسب بشير

    تعتبر ظاهرة العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية تعاني منها كل المجتمعات ومنها المجتمع العربي. وقد تزايدت وتيرة العنف ضد المرأة في المنطقة خلال السنوات الأخيرة في ضوء سياقات عدم الاستقرار الأمني والنزاعات في عدد من الدول، ثم جاءت جائحة فيروس كورونا المستجد لتعزز من ممارسات العنف الذي تتعرض له النساء في ظل ظروف الحجر المنزلي.

    ويبقى اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة محطةً للتأمل والمراجعة، وفرصةً لتجديد الالتزام بمسؤوليتنا الفردية والجماعية في مواجهة هذه الظاهرة التي تهدد كرامة الإنسان واستقرار المجتمعات. إن مكافحة العنف ليست مجرد شعارات تُرفع في المناسبات، بل هي مسار طويل يتطلب وعياً، تشريعات عادلة، وممارسات يومية تُرسّخ قيم الاحترام والمساواة. ولعل أسمى رسالة نخرج بها من هذا اليوم هي أن حماية المرأة ليست خياراً، بل واجب إنساني وأخلاقي يضمن مستقبلاً أكثر عدلاً وأماناً للجميع.

    وفقًا لمسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي أجراه صندوق الأمم المتحدة للسكان والمجلس القومي للمرأة والجهـاز المركـزي للتعبئـة العامـة والإحصـاء في عام ٢٠١٥، تعاني حوالي ٧،٨ مليون امرأة من جميع أشكال العنف سنويًا، سواء ارتكب هذا العنف على يد الزوج أو الخطيب أو أفراد في دائرتها المقربة أو من غرباء في الأماكن العامة.

    أما البيانات الأخرى المتاحة لحالات العنف المنزلي فهي موجودة في أرقام المســح السكاني الصحــي لعام ٢٠١٤، حيث أن أكثر من ثلث  (٣٦%) من النساء المتزوجات الذين تتراوح أعمارهن بين ١٥-٤٩ عامًا تعرضن للعنف الجسدي منذ سن ١٥ عامًا، كما كشفت دراسة حكومية لعام ٢٠١٣ أن أكثر من ٩٩،٣% من النساء والفتيات المصريات ممن شملهم الاستطلاع أفادوا بأنهن تعرضن لشكل من أشكال التحرش الجنسي في حياتهم. وإن أكثر مرتكبي العنف الذين يُبلغ عنهم هم الزوج الحالي (٦٤%)، ولكن يُذكر الآباء أيضًا بشكل متكرر (الأب/ زوج الأم بنسبة ٢٦%، الأم/زوجة الأب بنسبة ٣١%).

    تظهر التفاوتات بين الجنسين في مصر، حيث تحتل مصر مركز  ١١٦ من أصل ١٨٩ دولة على مؤشر عدم المساواة بين الجنسين وفقًا لتقرير التنمية البشرية لعام ٢٠١٨. وعلى الرغم من جميع التحسنات الملحوظة في معدلات محو الأمية لدى الإناث، ومعدلات الالتحاق بالتعليم، والمشاركة في القوى العاملة، والبطالة، لا تزال هناك فجوة بين الجنسين لصالح الذكور، فالأمية بين النساء هي تقريبًا ضعف ما بين الرجال. لذلك، أمام مصر طريق طويل لتقطعه لتحقيق هدف التنمية المستدامة ٥ - المساواة بين الجنسين.

    وقد بدأ المجلس القومي للمرأة، بقوة وعزم، في تنفيذ إجراءات متعلقة بالسياسات الوطنية للنهوض بالمساواة بين الجنسين في مجالات البرامج والسياسات الحكومية المراعية للاعتبارات الجنسانية، وصنع القرار، والتمكين الاقتصادي، ووضع حد للعنف ضد المرأة، والصحة والتعليم، وسن التشريعات التي تتصدى للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي وإنفاذها من أجل حماية النساء من العنف وفرض العقوبات المناسبة لمرتكبي العنف.

    ولتحقيق هذه الأهداف، قام المجلس القومي للمرأة بوضع استراتيجية قومية للتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي تتضمن دور كل مؤسسات الدولة ذات الصلة. كما قدم صندوق الأمم المتحدة للسكان دعمًا إضافيًا للمجلس القومي للمرأة ووزارة الصحة والسكان والمؤسسات الأخرى ذات الصلة من أجل التنفيذ التدريجي لمجموعة من الخدمات الأساسية (الحماية والصحة والاستشارة والدعم القانوني) للنساء والفتيات الناجيات من العنف.

    وقد أعطت الحكومة المصرية ووكالات الأمم المتحدة والأجهزة المعنية بشؤون المرأة ومنظمات المجتمع المدني أهمية كبيرة لإنهاء العنف ضد المرأة وتحقيق أهداف السلام والأمن والتنمية. إن مؤسسات الدولة ذات الصلة، والأجهزة الوطنية المعنية بشؤون المرأة في مصر، ومنظمات المجتمع المدني، والنشطاء ملتزمون أكثر من أي وقت مضى برفع مستوى الوعي حول خطورة العنف القائم على النوع الاجتماعي وتأثيره على مصر، وترسيخه بقوة في الأجندات السياسية للبرلمان.

    التحرش الجنسي

    يعتبر التحرش الجنسي مشكلة متفشية وخطيرة في مصر، حيث تحتل مصر المرتبة الثانية في العالم بعد أفغانستان فيما يتعلق بهذه القضية. كما كشفت "دراسة عن طرق ووسائل القضاء على التحرش الجنسي في مصر" وهي دراسة أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة عام ٢٠١٣ أن أكثر من ٩٩،٣% من الفتيات والنساء المصريات اللواتي شملهن الاستطلاع أفادن بأنهن تعرضن لشكل من أشكال التحرش الجنسي في حياتهن. ووفقاً لذات الدراسة، لا تشعر ٨٢،٦% من المشاركات في الاستطلاع بالأمان أو السلامة في الشارع. كما ارتفعت النسبة إلى ٨٦،٥% فيما يتعلق بالأمان والسلامة في المواصلات العامة. وكشفت الدراسة بوضوح أن سن وإنفاذ قانون يعالج التحرش الجنسي يُعتبر الخطوة الأولى في معالجة المشكلة، فهناك تمييز مستمر ضد النساء والفتيات وانتهاك لحقوقهن، لأن النظام الأبوي (البطريركية) يعم المجتمع.

    وقد أُقر قانون جديد في ٤ يونيو ٢٠١٤ يجرم التحرش الجنسي لأول مرة في التاريخ المصري الحديث. وفقًا للقانون، فإن التحرش الجنسي اللفظي والجسدي والسلوكي وعن طريق الهاتف والإنترنت يجتذب عقوبة السجن لمدة تبدأ من ٦ أشهر وقد تصل إلى ٥ سنوات، وما يصل إلى ٥٠،٠٠٠ جنيه غرامة مالية.

    وبناءً على ما سبق، هناك حاجة كبيرة لتقديم حلول مستدامة، وبالتالي، ظهر عدد متزايد من المنظمات غير الحكومية ومبادرات الشباب على الساحة وشاركوا في أعمال مكافحة التحرش. يُعد سن وإنفاذ قانون يعالج التحرش الجنسي هو الخطوة الأولى في مواجهة للمشكلة، ومع ذلك، فإن المرور بإجراءات طويلة في النظام القانوني ليس مكلفًا فحسب، بل يضع أيضًا ضغوطًا هائلة على الضحية. يعتبر التعامل مع القضية على المستوى الجامعي أمرًا حاسمًا من أجل ضمان إجراءات أسرع للتحقيق في الحالات ومعاقبة الجناة، مما يوفر سبل الانتصاف المناسبة والقنوات العملية التي يمكن لضحايا التحرش الجنسي اللجوء إليها.

    ومن خلال البرنامج المشترك الذي أُطلق مؤخرًا حول تمكين المرأة في مصر، أطلق صندوق الأمم المتحدة للسكان مبادرة تهدف إلى تمكين المرأة من خلال معالجة قضية التحرش الجنسي التي تواجهها المرأة في الجامعات المصرية. يهدف وضع سياسات وإجراءات جامعية بشأن التحرش إلى تعزيز الآليات المؤسسية لمكافحة العنف ضد المرأة. في هذا الصدد، أُنشأت وحدات مكافحة للتحرش الجنسي في المؤسسات التعليمية في ٢٣ محافظة، بما في ذلك خمس وحدات أُنشأت حديثًا عام ٢٠١٩، وتقدم الوحدات جلسات توعية وعمليات الإبلاغ عن حوادث العنف ضد المرأة في الحرم الجامعي وتوثيقها.

     

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور عادل عامر يكتب عن : العنف ضد المرأة اكثر الانتهاكات عالميا لحقوق الإنسان Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top